طابية “ كوسا باشا “ إسم قد لا يعرفه الكثيرون فى الإسكندرية، ولكنه إسم شديد الوقع عند الأثريين والمرشدين السياحيين ورواة التاريخ فهذه الطابية التى تقع بمنطقة ابو قير كانت إحدى الحصون المنيعة ال 23 التى أقامها محمد على باشا لحماية الاسكندريه وصد الهجمات عنها، ولكنها الآن تعانى الإهمال والعشوائية التى زحفت على جميع حجراتها التى أصبحت مأهولة بالسكان بشكل عشوائى بالإضافة الى أنها ليست موجودة على الخريطة السياحية للمدينة . ويقول احمد عبد الفتاح مدير عام أثار الإسكندرية الأسبق أن طابية كوسا باشا هى أثر نادر من نوعه فهى الطابية الوحيدة على سواحل مصر الشمالية كلها التى تأخذ شكل العمارة العثمانية وقد انشأها محمد على باشا عام 1807 ضمن سلسلة الحصون والقلاع التى أنشأها لحماية المدينة ، ويعود أصل تسميتها الى القائد مصطفى كوسا باشا وهو أحد العسكريين الذين إستشهدوا فى المعركة التى دارت بين القوات الانجليزية والتركية، وهى تعتبر اقدم طابية او قلعة بالإسكندرية وقام محمد على بتزويدها باربعة مدافع حربية من طراز « ارمسترونج» وتتميز بجمالها المعمارى الحربى . ويضيف عبد الفتاح أن القلعة لعبت دوراً كبيراً فى محاولة صد هجوم الأسطول الإنجليزى على الإسكندرية عام 1882 غير أن أجزاء مهمة تهدمت منها إثر ضربات الأسطول الإنجليزى ولكنها قلعة قوية ومهمة وكان لها بصماتها فى الحرب العالمية الأولى ، وقد تم تسجيلها كأثر عام 1992 وهى تتميز بالخندق المحيط بها لانه يصور مدى روعة اسلوب التحصين العسكرى للقلاع العثمانية، ويقول عبد الفتاح بأسى ورغم أهميتها إلا أنها لم تلقى الرعاية الكافية فهى بإعتبارها لؤلؤة حربية تستحق أن يصدر لها قرار ترميم فورى خاصة أنها تقع فى منطقة جميلة وعلى نتوء أبو قير فى مدخل البحر أما ما يحدث لها الآن فهو أمر محزن للغاية خاصة بعد أن إحتلتها عدد من الاسر وحولت مبانيها الى مساكن لهم وإمتلأت القلعة بأكوام القمامة واصبح الخراب يحيطها من كل جانب بالاضافة الى انها تعانى من التأكل فى جدرانها نتيجة العوامل الطبيعية من امطار ورياح . وتقول الزهراء عوض مرشدة سياحية أنه عبر عقود عديدة كانت طابية كوسا باشا حصناً منيعاً، دافع عن مصر والإسكندرية ضد هجمات الغزاة، ورغم أهميتها الكبيرة، فإنها تعرضت إلى حالة من الإهمال والنسيان أفقدتها أهميتها التاريخية، وتضيف الزهراء أن «الطابية» يحيط بها سور خارجى مرتفع من جميع الجهات، ويفصل بين هذا السور وبين التل الرملى المحيط به خندق بعرض 20 مترا، وعمق 8 أمتار تقريباً ويتقدم الخندق قنطرة خشبية للمرور من فوق الخندق إلى داخلها، ومازالت بقايا هذه القنطرة قائمة، عبارة عن عروق خشبية غليظة ومفككة. وتؤكد الزهراء أن الكثيرين من المهتمين بالسياحة العسكرية يسألون عن هذه الطابية ويرغبون فى زيارتها ولكن من الصعب القيام بذلك، وتناشد المسئولين بضرورة ترميمها وإعدادها للزيارة والإستفادة منها سياحياً خاصة وأنها نوع نادر من السياحة له مريدوه . أما المفاجأه التى تفجرها الزهراء فهى أن بعض المؤرخين يقولون بأن تاريخ إنشاء هذه الطابية يرجع الى فترة أبعد من تولى محمد على حكم مصر وتشير الى أن هناك بعثة إيطالية أثرية تؤكد وجود شواهد أثرية ترجع لما قبل عصر الدولة العلوية ومؤسسها محمد على .. مما يعنى أننا أمام كنز أثرى مهم إذا أحسن إستغلاله سياحيا ً .