من تجربتى فؤاد سلطان وممدوح البلتاجى.. إلى فرصة رانيا المشاط فى صناعة مستقبل أفضل للسياحة هذه رؤية شخصية.. أتمنى ان تقرأها وزيرة السياحة الجديدة د. رانيا المشاط بعناية.. ثم تأخذ بها أو لا تأخذ فتلك قضيتها.. ونحن فى هذا لا نفرض رأينا أبدا.. فقط نحن نحاول ان نساعدها فى إطار مهمة الصحافة التى نؤمن بها كمرآة عاكسة لقضايا المجتمع وهنا لقضايا السياحة بشكل محدد. كنا قد كتبنا مقالا فور تولى الوزيرة المسئولية تحت عنوان «رانيا المشاط.. المستقبل يبدأ الآن» ركزنا فيه على عدد من القضايا ذات الأولوية التى نرى ضرورة البدء بمواجهتها فورا بعد نحو عامين من الانقسامات والفرقة فى القطاع. وإذا كان لنا ان نضيف جديدا اليوم خاصة بعد ما سمعناه وقرأناه وتابعناه عما يدور فى القطاع وتحديدا حول الوزيرة الجديدة سواء من مكتبها أو هيئة التنشيط والوزارة بشكل عام، ومن بعض رجال القطاع الخاص فاننا بداية نناشد الجميع ان يمنحوا الوزيرة فرصة لالتقاط أنفاسها وان يتركوا لها مجالا للبحث وللدراسة وللتعرف على كل القضايا بنفسها وهى قادرة على ذلك بحكم خبراتها ومؤهلاتها العلمية والعملية. وهنا نقول: إن هناك البعض ممن تصورا أنفسهم «اوصياء» على إدارة الوزارة أو أنهم وسطاء بين القطاع والوزيرة وأنهم عالمون ببواطن الأمور ومن حقهم توجيه النصائح للوزيرة استغلالا لما حدث من انهيار ادارى للقطاع والوزارة والاتحاد والغرف فى العامين الماضيين، ولذلك نقول إن على الوسطاء أن يمتنعوا.. فكل له مصالحه.. ولا عيب فى ذلك .. لكن بعض هؤلاء الوسطاء يمكن أن يتم وصفهم بالمغرضين الذين عليهم «الابتعاد» عن الوزيرة فورا.. ولا داعى أبدا لاستغلال انها من خارج القطاع وأنهم فقط يوضحون لها الصورة، ولن ازيد عن ذلك فى هذه النقطة. لقد قلنا سابقا ان السياحة فى مصر كلها قطاع خاص، وبالتالى نحن أمام مصالح متعددة ومتشابكة والوزيرة فقط هى التى تستطيع ان «تصهر» كل هذه المصالح فيما يحقق المصلحة العامة وفق رؤيتها التى ستدير بها الوزارة.. ووفق توجهات الدولة. أعتقد أننا فى تاريخ السياحة المصرية الحديثة يجب ان نتوقف جميعا وخاصة الوزيرة بالبحث والدرس والاستفادة من تجارب الماضى فى صياغة رؤية عصرية تواكب ما يحدث فى السياحة العالمية، من أجل مستقبل أفضل للسياحة فى مصر. والتاريخ يقول ان أنجح تجربتين فى مصر هما تجربة الوزير الاسبق الرائد فؤاد سلطان والوزير الأسبق الرائد د. ممدوح البلتاجى وكل منهما كان له رؤيته.. الأول حقق التنمية السياحية على أرض مصر ببناء الفنادق الجديدة والثانى حقق سياحة الملايين وبرع فى التسويق والتعامل مع الاعلام الدولى والمحلى والحملات الاعلامية. من هنا فان من يحاول ان يقول إننا نريد منها أن تكون مثل هذا أو ذاك فهو مخطئ.. هى يجب أن تكون رانيا المشاط ذات الرؤية الجديدة.. صحيح أنا شخصيا أميل إلى أن ما تحتاجه مصر الآن هو رؤية د. البلتاجى لاننا لسنا فى حاجة لبناء غرف جديدة لان المهم الآن رفع الاسعار.. بل نحن فى حاجة الى تسويق واسواق جديدة وحملات جديدة حتى نستطيع ان نملأ الغرف الموجودة بسعر مرتفع وتلك أم القضايا فى السياحة المصرية. وليس معنى هذا ان نوقف التنمية السياحية ولكن نستمر فى مواقع أخرى مثل الساحل الشمالى وجنوب مرسى علم أو الواحات وسيوة بحيث نقدم منتجات جديدة للعالم نستطيع من خلالها ان نرفع الاسعار بجودة عالية.. نحن مطالبون فى شرم الشيخ والغردقة مثلا.. بدراسات حول تلك النقطة وأبحاث «سوق» حول الأسواق الجديدة التى يجب أن نتوجه إليها لنرفع الأسعار.. ويرتبط بذلك تدريب مكثف لتحقيق الجودة فى الخدمات والاهتمام بالتعليم السياحى بكل مجالاته. وقبل ذلك نرى ضرورة حل مشكلة الطيران العارض ومستحقات منظمى الرحلات الأجانب، فتلك قضية لاتحتمل التأخير وتحديدا قبل بورصة برلين الشهر المقبل. إن تجربة الحملات الاعلامية والاعلانية السياحية المصرية تستحق الاهتمام من الوزيرة، وقد كتبت اكثر من مرة ان المشكلة ليست فى الشركة ولكن فى كيفية ادارة الشركة وتقديم الرؤية المطلوب تنفيذها وهنا يأتى الدور المهم للوزيرة ولهيئة التنشيط وللخبراء الذين يجب أن تستعين بهم من المتخصصين..وتلك قضية عاجلة يجب أن تهتم بها الوزيرة. إن هذه الحملات فى عهد الدكتور ممدوح البلتاجى كانت لها لجنة عليا تم تشكيلها من كل الوزارات ذات الصلة ومن الخبراء المتخصصين وتعرض عليهم الأفكار والحملات حتى إذا بدأت لم نكن نسمع خلافاً حولها أبدا لأنها بالفعل كانت على مستوى عالمي.. لدرجة أن منظمة السياحة العالمية قالت عنها «إن على أى دولة تريد أن تضع نفسها على خريطة السياحة العالمية أن تستفيد بتجربة مصر فى هذه الحملات الناجحة».. ولذلك أطلقوا عليه فى المنظمة ذات يوم مع بداية الألفية الثالثة لقب «عميد وزراء السياحة فى العالم». على العموم إذا أمتنع الوسطاء وابتعد المغرضون فإن الوزيرة تستطيع أن تفكر بهدوء فى رؤية جديدة وتنطلق الى آفاق رحبة بالسياحة المصرية.. ونحن هنا لا نقول إن عليها أن تتجاهل القطاع الخاص أبدا.. أبداً.. لكن هناك فى القانون ما يسمى اتحاد الغرف السياحية وغرف السياحة الخمس وهذه جميعها يجب أن تكون منتخبة وهى التى تستطيع تقديم الرأى والمشورة. ولذلك على الوزيرة أن تشرع فى تكليف الاتحاد والغرف بوضع اللائحة الجديدة أو حتى الاشتراك فى وضع تصور للتشريعات والقوانين التى تحتاج إلى تغيير.. أما أن كل من «هب ودب» يستطيع أن يخيل أنه قادر على فرض رؤيته ولا أقول مصالحه على الوزارة فتلك «مصيبة كبري».. بل الأسوأ من هذا أن البعض يتخيل أنه يمكن أن يتدخل فى إدارة الوزارة وهيئاتها بفرض أسماء أو ترشيح أسماء بعينها لتستعين بهم الوزيرة.. استغلالاً لعدم معرفتها بهم فتلك «أم المصائب». إذا استطاعت الوزيرة رانيا المشاط بسرعة أن تدرس تجريتى فؤاد سلطان وممدوح البلتاجى وأن تغير اللائحة وتجرى انتخابات وتكون هناك ذراع قوية منتخبة تساعدها.. فإننى أتصور أنها بذلك ستفلت من هذا الحصار وتستطيع أن تصنع لنفسها فرصة وأملاً جديدا للقطاع كله فى مستقبل أفضل. ولعلى هنا لا أضيف جديدا حينما أقول إن إدارة القطاع السياحى فى عهد د. ممدوح البلتاجى الذى أدخل سياحة الملايين.. لم تكن تستبعد القطاع الخاص بل كانت تستفيد به جدا.. ولكن ساعة القرار يكون القرار للوزير أو الدولة بمعنى آخر.. وكثيرا ما حضرنا اجتماعات مع الدكتور البلتاجى يشارك فيها القطاع الخاص ويستدعى فيها الغرف والاتحاد خاصة قبل المعارض الدولية ويستمع الى كل الأفكار ثم يخرج برؤية يوافقه عليها الجميع وتكون برسالة يلتزم بها الجميع. ومازلت أذكر حينما كان البلتاجى رحمه الله يدخل علينا الطائرة ونحن متجهون إلى بورصة برلين أو لندن ويبدأ فى توجيه رسائله للجميع بضرورة الالتزام بالتسويق بالشكل الفلانى أو الرد على أسئلة منظمى الرحلات الأجانب بالمعلومات السياسية والاقتصادية التى كان يطرحها منفذا من خلالها سياسة الدولة ومحافظا فى نفس الوقت على مصالح القطاع الخاص. وأذكر أيضا أن عقابه كان قاسيا لمن لا يلتزم أو لمن ينزل بالأسعار وأذكر أنه ذات مرة ضرب بيده بقوة على طاولة اجتماع فى تحذير شديد اللهجة لأحد المستثمرين ممن خالفوا قواعد العمل المتفق عليها. لا أريد أن أطيل أكثر من ذلك.. فقط نحن نعيد قراءة التاريخ بكل ما فيه من تجارب لعل الوزيرة الجديدة د. رانيا المشاط تستطيع أن تدرس وتتحقق من كل ذلك وتجد لها طريقا يخلد اسمها فى تاريخ السياحة الى جوار اسمى فؤاد سلطان وممدوح البلتاجي. .. رغم كل ما ذكرته سابقا أقول ياسيادة الوزيرة.. «كوني» رانيا المشاط صاحبة الرؤية الجديدة لمستقبل أكثر اشراقا للسياحة المصرية.