ليس لدينا وقت نضيعه.. لم نعد نملك رفاهة الوقت لإنقاذ السياحة المصرية من شرور وآلام وجروح ألمت بها على مدى العامين الماضيين وكانت لها آثار سلبية ومؤلمة ومؤذية على هذا القطاع.. ونحن فى ذلك لا نقول جديدا فكل مقالاتنا موجودة وتؤكد ذلك.. المهم أن ننسى جميعا ما حدث فى هذين العامين ونتطلع إلى مستقبل أفضل نراه يبدأ الآن وليس غدا أو بعد أيام أو شهور حتى نستطيع جميعا أن نصلح ما أفسده الهوي. نكتب اليوم هذا الكلام مرحبين باختيار الدولة للوزيرة الجديدة الدكتورة رانيا المشاط التى تؤكد السيرة الذاتية لها أننا أمام كفاءة علمية ونموذج مشرف للمرأة المصرية على المستويين المحلى والدولى فى كل الأماكن التى عملت بها ما بين البنك المركزى المصرى وصندوق النقد. وإذا كان لنا من رأى نمد من خلاله يد العون للوزيرة ونستطيع أن نضع أمامها عددا من الملفات والقضايا العاجلة التى تحتاج إلى الفحص والدراسة: 1- إن النجاح فى إدارة منظومة السياحة سيادة الوزيرة لمصلحة الدولة أو بما يحقق المصلحة العامة يبدأ بضرورة التعاون والتنسيق مع القطاع الخاص.. فهذا القطاع هو الذى ينهض بعبء التنمية السياحية بالكامل منذ الثمانينيات من القرن الماضي، والمصلحة العامة بالطبع لا تتعارض مع مصالح الأفراد لأنها فى النهاية هى مجموع مصالح الأفراد. وفى هذا فإن الدولة أو وزارة السياحة عليها أن تعى دورها الأساسى فى هذا القطاع وهى أنها المنظم والمراقب والمشجع والمحفز للقطاع الخاص وإذا حدث غير ذلك من الوزارة فإنها ستكون كمن يطلق النار على قدميه فلا يستطيع الوقوف والسير أو الاندفاع إلى الأمام.. ولذلك فإن احتضان القطاع الخاص ولم شمل الأسرة السياحية من جديد بعد عامين من الانقسام والفرقة هو أمر حتمى وليس معنى ذلك أننا ندعو إلى التسيب أو عدم الجدية فى تنفيذ القانون أو محاسبة المخطئين.. إن الأصل فى التعامل مع البشر أنهم مواطنون صالحون إلا إذا ثبت عكس ذلك، لأن الفاسدين فى حكم الاستثناء وليس القاعدة. 2- على الجميع ان يعلم ان مستثمرى السياحة ليسوا فقط فى شرم الشيخ والغردقة، فيجب على الوزيرة الاستماع الى الجميع، وليس لمجموعة واحدة، وليكن من خلال مؤتمر يدعو اليه اتحاد الغرف السياحية. 3- القضية العاجلة التى يجب أن تكون لها الأولوية هى انتخابات الغرف السياحية التى كان مقررا إجراؤها الاثنين الماضى وأوقفتها محكمة القضاء الإداري. وأنا هنا أنتهز الفرصة وأعرض رأيا مخالفا لما ينادى به البعض وهو إجراء الانتخابات فورا على اللائحة القديمة.. وهذا خطأ واستعجال لا مبرر له فى رأينا.. فالأفضل أن يتم إعداد اللائحة الجديدة فورا قبل الانتخابات، لأن القديمة هى التى طعن عليها فى القضاء من قبل ونحن على مدى عامين فى حلقة مفرغة من القرارات والطعون ولا يعقل أن يستمر القطاع دون ممثلين للقطاع الخاص يساندون الوزارة طبقا للقانون، والأفضل فى رأينا أن تكون اللائحة الجديدة أولا وقبل الانتخابات وهذه لن تستغرق وقتا، ففى أقل من شهر يمكن أن تضع الغرف والاتحاد ملاحظاتها أو تعديلاتها وتتم خطوات إصدارها فورا. 4- مشكلة برنامج حوافز الطيران العارض مازالت محل خلاف كبير مهما قال المسئولون فى الوزارة إنهم توصلوا لصيغة جديدة يرضى عنها القطاع.. فما زالت القضية تمثل صداعا كبيرا.. وبالطبع هذا البرنامج مهم جدا لتحفيز الطيران العارض »عصب السياحة« لكننا ننفذه بطريقة لا يرضى عنها الكثيرون ولا أريد أن أدخل اليوم فى التفاصيل.. فقط نحن ندعو إلى دراسة تجربة دولة مثل تركيا بدلا من التعقيدات والحسابات وأن نحترم تعاقداتنا مع منظمى الرحلات الأجانب، وندفع لهم حقوقهم. 5- من الضرورى أن تضع الوزيرة الجديدة يدها على مواطن الخلل داخل وزارة السياحة إداريا.. فالوزارة وهيئاتها تحولت إلى أجهزة «خربانة» دون قيادات فى معظمها أو قيادات ضعيفة خاصة فى مكتب الوزير وهيئة التنشيط وقطاعات الوزارة المختلفة والكفاءات منعدمة إلا من أهل الثقة.. بل إن كثيرا من المناصب القيادية لا أحد يشغلها بشكل رسمى وقيادات استبعدت من أماكنها لأسباب شخصية، فلابد من ترتيب البيت من الداخل. 6- فيما يتعلق بملف السياحة الدينية «الحج والعمرة» فتلك قضية كبرى ونفضل ان تجلس الوزيرة فيها مع اعضاء لجنة السياحة الدينية بغرفة الشركات، ورجال الاعمال الكبار فى هذا المجال، لأن الخلافات كبيرة وتتعلق فى النهاية بمصلحة المواطن المصرى، ويجب التعامل فيها بكثير من المهنية، ولا أزيد على ذلك. 7 - يجب تشكيل لجنة من الخبراء ومن رجال القانون لمراجعة جميع التشريعات التى تحكم منظومة السياحة فى مصر والتى أكل الدهر عليها وشرب وأصبحت لا تتواكب مع المتغيرات الحديثة حتى القوانين الجديدة التى لها علاقة بالاستثمار السياحى عليها ملاحظات خاصة التى تخاطب الاستثمار فى سيناء. 8- نأتى إلى التسويق أحد أهم العناصر فى جذب السياحة وما يتعلق به من دور المكاتب السياحية بالخارج والحملات الإعلانية الدولية وغير ذلك.. وتلك قضية نستهلك فى الحوار حولها من الوقت الكثير، لكن للأسف نجد أن ترتيب مصر فى تقرير التنافسية الدولية لعام 2017 رقم 109 من بين 136 دولة فى قدرة التسويق على جذب السائحين إلى مصر وهذا معناه أن هناك خللا وأن مصر تقوم على مقوماتها السياحية.. والقضية كبيرة ولا يتسع المجال لشرحها، فقط تقول إن الاستعجال فى تشكيل لجنة جديدة ليس حلا ناجعا نحن نريد رؤية طويلة المدى متكاملة ونحن هنا أول من نادينا فى هذه الصفحة بالتسويق القطاعى وليس معنى ذلك أن نترك كل مدينة لأصحابها أو للمستثمرين.. نحن نريد رؤية عامة تكون مسئولة عنها لجنة متخصصة تتفرع منها رؤى فرعية لتسويق مقاصد مصر لا أن ينسلخ كل فريق بما يهمه فهذا خطأ فادح.. ويجب قبل ذلك أن تكون هناك دراسات للأسواق ولوسائل التسويق الحديثة التى تناسبها. 9- تظل السياحة الثقافية فى القاهرة والأقصر وأسوان هى درة التاج وهى الأعلى عائدا ولذلك لابد من اهتمام خاص بها فى مصر، لأن تلك ميزة ليست عند دول أخري.. ومع هذه السياحة هناك الأنواع الجديدة من السياحة التى تحقق عائدات أكبر من التكالب على السياحة الشاطئية رغم أهميتها فى العالم. 10- تبقى قضية التنمية السياحية وهى أم القضايا.. فهل نواصل بناء غرف جديدة وفى أى الأماكن أم نتوقف لقراءة المستقبل وحتى نعرف فى ظل تدهور وتدنى الأسعار فى مصر بشكل مؤسف أنها ثانى أرخص دولة فى العالم فبعد إيران كما جاء فى تقرير التنافسية الدولية وهل يمكن وضع حد أدنى للأسعار؟ وكيف نمنع شركات السياحة من النزول بالأسعار والفنادق أيضا فى تنافس غير شريف يضر بالسياحة المصرية؟ وأين موقع الجودة والتدريب فى مصر بما يحقق دخلا أعلي.. إننا فى حاجة إلى لجنة من خبراء إستراتيجيين يخططون للسياحة المصرية حتى 2030 ولا أقول 2050.. وياليت الدكتورة رانيا المشاط تعكف على دراسة هذه القضية أو حتى الدعوة لمؤتمر من الخبراء ليوم واحد يضع هذه الرؤية الاستراتيجية حتى لا تظل السياحة المصرية تحت رحمة رؤى فردية لوزير جديد كل فترة.. بل تكون رؤية استراتيجية لدولة يحترمها الجميع. .. وتلك إطلالة سريعة على بعض القضايا والملفات العاجلة لعل الوزيرة الجديدة الدكتورة رانيا المشاط تستفيد منها وتفتح لها آفاقا جديدة للعمل وحتى لا يتكالب عليها أصحاب المصالح ومدعو الخبرة.. رجال كل عصر وأوان فيعطلوا مسيرة الإصلاح التى يجب أن تبدأ فورا، فالبحث عن المستقبل الأفضل لا ينتظر التأجيل أو المماطلة.. د. رانيا.. المستقبل الأفضل يبدأ الآن وليس غدا.. ولك تحياتى.