لاجديد تحت الشمس.. أقصد انتهى سوق السفر العربى فى دبى«الملتقى» مساء الخميس الماضى بنفس الطريقة التى ينتهى بها كل عام... كثير من التفاؤل وقليل مما يمكن تنفيذه على أرض الواقع.. وبمعنى أوضح هكذا نحن كل عام بعد المشاركة.. نحلم بزيادة السياحة إلى مصر من السوق العربية لكن حقيقة الأمر تنتهى إلى زيادة محدودة مقارنة بما يخرج من هذه السوق خاصة من منطقة الخليج العربى. والدليل أن ملتقى دبى انتهى بنفس تصريحات الوزراء كل عام وبنفس الطريقة ونفس الكلام وعدد الطائرات التى ستأتى من السعودية والبحرين والكويت والامارات.. لكن بعد أن ينتهى «المولد» لاشىء يستحق الكلام على أرض الواقع وكأنها أحلام وتبخرت. نفس مجموعة الشركات التى تسيطر على السوق العربية ونفس قواعد العمل ونفس الحملات الاعلامية الضعيفة التى تكون دائما متأخرة، وبعد أن ينتهى الموسم ويكون الجميع قد حجز الى دول أخرى منافسة. صحيح أن وزير السياحة الجديد يحيى راشد الذى رأس وفد مصر الرسمى فى ملتقى دبى هذا العام كان أكثر تفاؤلا، وربما تكون كل تصريحاته منذ أن جاء إلى الوزارة فيها كثير من التفاؤل أو الطاقة الايجابية... لكن الأهم عندى هو التنفيذ.. فالعبرة بزيادة أرقام السياحة وليس بالاحلام والتمنيات... فالمشوار مازال طويلا جديدا حتى تعود السياحة المصرية إلى سابق عهدها.. نعم التفاؤل «مهم» لكن فى رأينا أن خطة العمل «أهم».. نحن فى أزمة سياحية كبرى من دول الغرب المصدر الأول لنا للسياحة.. وكتبنا أكثر من مرة وقلنا إن السوق العربية هى السوق البديلة الأولى رقم واحد لانقاذ موسم الصيف المقبل من الانهيار.. لكن للأسف لم نر مايؤدى إلى ذلك فى دبى سوى الكلام المتفائل.. كنت أود أن أرى خطة عمل بجدول زمنى مكتوب.. بمعنى أننا سنتحرك يوم كذا فى شهر كذا بحملة ضخمة لانقاذ الصيف.. كنت أرغب فى أن أرى اعلانات التليفزيونات فى الفضائيات تدعو إلى السياحة فى مصر أو أرى أو اسمع ان الاعلانات فى الشوارع ملأت كل دول الخليج .. كله كلام جميل ومريح وظريف عن عظمة مصر وفقط.. ياسادة ماهكذا تورد الابل.. أو ماهكذا نجذب السياحة فى عالم أصبح التنافس فيه صعبا جدا. خطة العمل باليوم والشهر ليست واضحة أبدا.. ولا أقول غير موجودة!! أنا لا ألوم الوزير على شىء حتى الآن.. لكنى أفكر معه بصوت عال لأننى أخشى عليه أن يدخل فى «الدوامة» الحكومية ولايستطيع أن يحقق رؤيته للعمل فى المرحلة القادمة والتى قال إنها تعتمد على 6 محاور فى 6 أشهر لاستعادة الحركة وحل مشكلة الطيران وتصحيح الصورة الذهنية وغيرهم.. وكل ذلك جميل.. لكن هل ينتهى الأمر عند هذا الحد.. بالطبع لا.. ولايمكن أن ينفذ الوزير كل ذلك إلا اذا كانت هناك خطة عمل محددة وبجدول زمنى.. لامجرد رؤية أو تفاؤل أو أحلام. وأولى أدوات تنفيذ هذه الخطة هى التعاون بين الوزارة والغرف السياحية واتحاد الغرف... وللأسف هذه قضية خاسرة لأن الكل يعرف أن الاتحاد والغرف فيهما الكثير من المشاكل وأنهما لاينفذان رؤية أو خطة متفقا عليها.. بل هى ردود أفعال لما يطلبه الوزير .. أى وزير.. وتلك كارثة.. بل وصل الحديث فى القطاع ان أعضاء الاتحاد والغرف فى كثير من الاحيان لاينفذون إلا مايخدم مصالحهم الشخصية وأقول بعضهم. حتى لايغضب المخلصون منهم للعمل العام. على العموم .. لست اليوم فى مجال استعراض لمجموع المشكلات التى تعانى منها السياحة المصرية.. ولكنى اليوم فى مجال التعليق علي النظرة التفاؤلية لوزير السياحة، والتى أخشى أن تتحول مثل ماتحدث به كل الوزراء السابقين للسياحة بعد المرحوم ممدوح البلتاجى هذه الوزارة أى منذ أكثر من 10 سنوات .. إلى مجرد أحلام لاينفذ منها إلا القليل لأن الفرق كبير بين الرؤى والتمنيات وخطط العمل. فلايخفى على أحد أنه فى تاريخ السياحة هناك وزيران فقط هما من نجحا فى تحويل الرؤى الى خطط عمل.. الأول هو فؤاد سلطان بما حققه فى التنمية السياحية، والثانى هو ممدوح البلتاجى بما حققه من طفرة فى الاعداد من خلال الحملات الاعلامية الناجحة والقدرة علي التعامل مع الاعلام الدولى. ولهذا أقول إن على وزير السياحة الجديد يحيى راشد اذا كان يريد أن يذكره تاريخ السياحة مثل فواد سلطان وممدوح البلتاجى رغم اختلاف الظروف وصعوبتها الأن وهو مانعترف به إلا أنه يستطيع أن يفعل ذلك لتحقيق إنقاذ سريع للسياحة فى موسم الصيف المقبل وتطور علي المدى الطويل وذلك لن يتحقق إلا من خلال 3 إجراءات سريعة وهى: 1 الدعوة لاجتماع عاجل مع قيادات القطاع الخاص وكبار رجال الاعمال يتم فيه الاتفاق على خطة محددة لاستعادة الحركة وحل مشكلة الشارتر، والاتفاق على قواعد للحملات المشتركة وتحفيز الطيران وشارتر، وذلك باتفاق مكتوب وجدول زمنى فى خطة عمل محددة يوقع عليها الجميع ويلتزم الوزير بتنفيذها حتى لاتخرج علينا كل يوم أصوات تقول إن الوزارة لاتفعل شيئا.. صحيح أن الوزير اجتمع بعدد كبير من القطاع لكنى أتحدث عن اجتماع معلن محدد الاهداف لامجرد استماع للآراء. 2 أناشد الوزير التحرك فوراً إلي أسواق أوروبا الشرقية البديلة ويقوم بزيارات عاجلة إلى المانيا وبولندا وأوكرانيابشكل خاص لدفع حركة السياحة من هذه الدول. 3 على الوزير أن يكون جريئاً فى ضخ دماء جديدة فى مكتبه تدير العمل فى الوزارة فلا يمكن أن يكون الاشخاص أنفسهم .. وزير يبعدهم وآخر يقربهم رغم أن القطاع يرفضهم على مدى 10 سنوات وكأنه لايوجد فى مصر غيرهم. ... وبعد هذه رؤيتنا الشخصية للعمل فى المرحلة القادمة.. رؤية تعترف بأهمية التفاؤل لكنها تؤكد ضرورة وجود خطة عمل واضحة محددة وبرامج زمنية.. ونحن لانفرض رؤيتنا على أحد سواء الوزير أو غيره.. فقط نحن نفكر بصوت عال من أجل مستقبل افضل للسياحة المصرية.. فاذا نجح الوزير فى تحويل رؤيته الى واقع وهرب من «دوامة» البيروقراطية والحكومة.. فإنه من المؤكد سيسجل اسمه فى تاريخ السياحة مثل فؤاد سلطان وممدوح البلتاجى.. فهل يفعلها؟ الله أعلم!! لمزيد من مقالات مصطفى النجار