لا شك أن من أهم العقبات التي تواجه الصناعة المصرية ندرة العمالة المدربة صغيرة السن لتلبية إحتياجات المصانع، مما يتطلب حلولا مبتكرة وشراكة حقيقية للقطاع الخاص خاصة لتطوير التعليم الفني والتدريب المهني بإعتباره المحرك الأساسي لدفع عجلة الإنتاج واستدامة تنافسية الصناعة ليس محلياً فقط بل عالمياً، فضلاً أن القطاع الخاص المستفيد الأول من وجود عامل فني مدرب ومؤهل ومتميز الكفاءة بالشركات والمؤسسات الصناعية، خاصة مع مر الشكوي من رجال الأعمال والصناع من ندرة العامل الماهر. ومن هنا تأتي الإستراتيجية التي أطلقتها وزارة التجارة والصناعة لتطوير منظومة التدريب الفني والمهني لتعزيز التنمية الصناعية حتى 2020 ، بربط التعليم الأكاديمي بمتطلبات الصناعة بالشراكة مع القطاع الخاص ، وتوج هذا التوجه إلي واقع ملموس يدعو للتفاؤل بأول الخطوات الإيجابية بتطوير مركز تدريب مهني سيارات إمبابة التابع لمصلحة الكفاية الإنتاجية أحد هيئات وزارة الصناعة بالشراكة مع مؤسسة مصرية تنموية في مجال صناعة السيارات التي نجحت بتغيير البنية والمباني وصيانة كاملة للماكينات والمعدات والورش والأجهزة الحديثة، مع الاستعانة بمدرسة ساكسوني الدولية أحد أبرز المؤسسات بشبكة معاهد تعليمية تربو علي 15 مدرسة إبتدائية وثانوية في ألمانيا والتي تحظي بثقة أبرز شركات صناعة السيارات الألمانية فهي المصدر الرئيسي لتخريج وتدريب وإلحاق العمالة الفنية بتلك الشركات ، لتقوم بتدريب المدربين وتطوير معايير الالتحاق بمركز إمبابة للسيارات بدمج المناهج الأكاديمية بالتدريب الفني وتعليم اللغة الألمانية وتطوير المهارات الشخصية للطلاب ، وبالفعل تم إنتقاء 80 طالباً للعام الحالي من 300 بمجموع 190 درجة من حاصلا الإعدادية يدرسوا علي مدي 3 السنوات المقبلة برنامج تدريبي مهني شامل ومتخصص في صناعة السيارات . هذه التجربة الرائدة للشراكة الحكومية والقطاع الخاص في القطاع الفني والمهني ليس كافياً ، وإنما يجب بأن يحتذي بها لتكرارها علي مستوي الجمهورية ، ونري آلاف المراكز والمدارس الفنية والتدريب المهني في عدد من الصناعات الأخري وتبني القطاع الخاص من رجال الأعمال هذه المراكز التعليمية بالتعاون مع الهيئات التابعة لوزارة الصناعة مثل مصلحة الكفاية الإنتاجية والتدريب المهني ومجلس التدريب الصناعي وتحديث الصناعة مع وزارة التعليم فيكون تعاون ثلاثي يهدف لسد الفجوة بين مستوي خريجي التدريب المهني ومعايير توظيف العمالة الماهرة لشركات صناعية مما يسهم في توفير فرص عمل لخريجي المدارس الفنية وتقليص نسب البطالة بين الشباب ، فيصبح الخريج الفني والمهني العملة الرائجة. لكن قبل هذا وذاك من المهم إحداث نقلة نوعية بجودة التعليم الفني بإعتباره المصدر الرئيسي لإمداد سوق العمل بالكوادر المتعلمة والمدربة بتزويد مدارسه بالمناهج المتطورة المطابقة للمواصفات العالمية المعتمدة المؤهلة للحصول علي فرص العمل الجذابة في القطاعات والصناعات الأكثر تأثيرا في السوق المصري والإقليمي والعالمي، والأهم تغيير إنطباع ونظرة المجتمع عن خريجي المدارس الفنية ، وتسليط الضوء علي دورهم الرئيسي في النهضة الصناعية والتنمية الاقتصادية والاجتماعية والمطلوبين وفقاً لمعايير التوظيف بمختلف الشركات والمؤسسات الصناعية ... شكراً لتجربة رائدة من شركة سيارات لعلنا نري تعميم التكرار مجموعات مختلفة من القطاعات الصناعية ، ونري خريج شعاره " أرفع رأسك أنت فني " . [email protected] لمزيد من مقالات محمد مصطفى حافظ;