بين مرسي وشفيق.. حالي مثل حال معظم المصريين، محتارين بين المرشحين، ليس لتميزهما، بل لأنهما وفقا للأغلبية الخيارين المر والأصعب في تاريخ هذه الانتخابات التي يوما ما سيذكرها التاريخ في حياة المصريين للتحول من مرحلة الديكتاتورية إلى الديمقراطية. ولئلا يعد الكلام مرسلا ودون جدوى، وبما أننا خضنا التجربة وبما أنه لا مناص من استكمالها، فإذن علينا الاختيار وأمرنا إلى الله. أيام معدودة تفصلنا بين تحقيق حلم الديمقراطية الذي لم نسعى إليه، والذي أتانا عن طريق الصدفة أقصد الثورة لتحقيق مزيد من الحرية بعد أن كممت أفواهنا لسنوات عجاف، وبعد أن قصفت أقلامنا ولم نجد مفر من بطش الديكتاتورية الظلماء. وبما أنه لا مفر من الخيارين، فهناك قطاع ليس بقليل في المجتمع ينوي المقاطعة أو إبطال الصوت عن طريق وضع علامة (××) على المرشحين.. لكنني أدعو من خلال هذا المنبر كل واحد فينا ألا يكون سلبيا، فصوتك أمانة وواجب قومي يفرضه عليك حبك وانتماءك لهذا الوطن الغالي، فالمشاركة ضرورية. وبما أنني أبتغي وجه الله، وبما أنني مستقلة ولا أتبع أي حزب أو مرشح بعينه، فسأطلعكم على آراء بعض الساسة ممن أثق فيهم وأثق في حبهم وإخلاصهم لمصر لعله يساعدنا في الاختيار.. كما أثق أن ليس لديهم أي أغراض أو تطلعات أو مصالح مع أحد، "اللهم اجعلني ممن يستمعون القول ويتبعون أحسنه"، اللهم آمين. هناك فريق منهم يرى أن الفريق شفيق، بالرغم من كل ميزاته أو إنجازاته على مدار 50 عاما (وفقا لما يقوله سيادته في حملته الانتخابية عبر وسائل الإعلام)، يرى أنه لا يصلح لمجرد أنه ينتمي لعصر بائد، من المفروض أن هذه الثورة قامت من أجل التخلص من كل أركان نظامه، بينما يرى البعض الآخر أن شفيق بالرغم من كل ذلك يستطيع عبور هذه المرحلة. أما الدكتور مرسي، وبانتمائه لحزب الحرية والعدالة (أو الإخوان المسلمين) وتذبذب موقف الإخوان في البرلمان كان له تأثير سلبي عليه خاصة أنهم أولوا اهتمامهم بقضايا ليست في صلب المجتمع مثل الختان أو الخلع أو سن قوانين للزواج في سن مبكرة، موضوعات تعود بنا سنوات للوراء، كما أن هناك الكثير من المشاكل الإقتصادية والمتعلقة بحياة الناس أهم كرغيف العيش الذي يبحث عنه المواطن "البسيط".. يضاف إلى ذلك الحديث عن المرشد والحديث عن مجتمع إسلامي بلباس معين وهو أمر مرفوض في ظل مجتمع منفتح مثل مصر متعدد الديانات ويتمتع بثقافة خاصة، لا يعرف الفرق بين مسلم ومسيحي وله خصائص مختلفة عن أي مجتمع أخر، كلها أمور مع الأسف تثير حفيظة البعض. كنت سأقدر جيدا للدكتور مرسي أن يقم باعتذار يريح فيه جموع المصريين عن الفترة السابقة المتخبطة للإخوان في البرلمان، مع وعد جاد بالتغيير لطمأنة من يخشونهم. من المفترض أن الإخوان المسلمين هم القوى الكبرى المنظمة في المجتمع، وكان عليهم أن يلعبوا دور الأخ الأكبر ورعاية مصالح الآخرين في الفترة السابقة. ولكن بالرغم من كل ما ذكرت، سأقول كلمة الحق التي سيحاسبني عليها الرحمن وهي أنني لم أسمع أن الإخوان سرقوا الشعب أو أهانوه، بل كما كلنا نعلم أنهم حموا الثوار يوم موقعة الجمل والتي يشهد عليها القبطي قبل المسلم وكل من كانوا في التحرير ومن خلال زملائي الذين كانوا متواجدين هناك في ذلك اليوم. خلاصة القول أننا لن نقوم بثورة كل يوم، فقد قمنا بثورة عام 1952، وبعدها نمنا ثم استفقنا بعد 60 عام تقريبا على ثورة يوم 25 يناير 2011، تحررنا من دكتاتورية وظلم عصر لم نستطع فيه التفوه بكلمة على أخطاء الحاكم ومن تبعه، فهل ننتظر ستون عاما أخرى لنقم بثورة تحررنا أم نغير أنفسنا، فاللحظة جاءتنا للتغيير ويقول سبحانه وتعالى في كتابه العزيز: "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم". كلمة أخيرة سأقولها أننا لابد أن نحترم من سيأتي به الصندوق بل وسنبارك له، فهذه هي الديمقراطية الحقيقية.. واللهم اجعل مصر بلدا آمنا. [email protected] المزيد من مقالات ريهام مازن