الأنظار متجهة الى ولاية "نيويورك" حيث تجرى الانتخابات التمهيدية يوم الثلاثاء القادم 19 أبريل . ولاشك أن الأمور تزداد تعقيدا وابهاما في المعركة الانتخابية الرئاسية بالولاياتالمتحدة. وزيرة الخارجية السابقة "هيلاري كلينتون" تواجه منافسة شديدة في مسيرة فوزها بالترشيح الديمقراطي، فمنافسها السناتور "بيرني ساندرز" يحظى كل يوم بتزايد تأييد الديمقراطيين له وتحديدا من جانب الشباب. و"ساندرز" من جهته قام في الأيام الأخيرة بتصعيد لهجته في مخاطبة وانتقاد "هيلاري" وطرح بكل جرأة تساؤلات عديدة حول قدرة ونزاهة وكفاءة "هيلاري" على رئاسة البلاد!. ما كان يوصف منذ شهور بأنه قد يعتبر"تتويجا" ل"هيلاري" لم يعد كذلك على الاطلاق. "ساندرز" لم يعد كما كان في بداية المعركة الانتخابية مجرد "كمالة صورة" للترشيح الديمقراطي. "ساندرز" تكرر ظهوره في برامج تليفزيونية سياسية عديدة ليشرح نجاحه في منافسة "هيلاري" وأيضا قدرته على ضمان الفوز على "ترامب" وتحقيق "ثورة " في ادارة شئون البلاد وتلبية طلبات المواطنين. وفي المقابل فان اكتساح الملياردير"دونالد ترامب" للانتخابات التمهيدية الأولى أو تزايد شعبيته وسط الجمهوريين لم يعد بالأمرالحاسم واقرارا بفوزه بالترشيح الجمهوري. وهذا ليس بسبب الانتقادات الشرسة لمواقف "ترامب" وماضيه وحاضره. بل لأن (كما يبدو) لا الحزب الجمهوري ولا أمريكا نفسها على استعداد لدفع الثمن الباهظ ل"طيش ترامب" وتحمل تبعات تهوره واهاناته المتكررة لكل شىء وللآخرين ولكل من لا يقف معه. فحسب ما كشفته استطلاعات رأى فان 60 في المائة على الأقل من الجمهوريين لا يقبلون به مرشحا لحزبهم. المواجهة الانتخابية بشكل عام تزداد حدة وسخونة، وتزيد من فرص التصادم السياسي المحتمل في الفترة المقبلة خاصة أن الانتخابات التمهيدية في ولاية نيويورك من المرجح أنها ستضع هذه المواجهة في اطار أكثر حسما وأكثر وضوحا ما بين المتنافسين. ماتسعى اليه حملة "دونالد ترامب" في الأيام والأسابيع المقبلة هو ضمان الحصول على الأعداد الضرورية من ممثلي أو موفدي الولايات. والعدد المطلوب 1237 موفدا لكى يتم اقرار ترشيحه في المؤتمر العام للحزب الجمهوري. حساب الأرقام المتوقعة لصالحه لا يحسم احتمال نجاح "ترامب" في الوصول الى الرقم المطلوب. وهو قد حصل حتى الآن على 743 موفدا. وحسب ما نقلته صحيفة "واشنطن بوست" عن "بول مانافورت" قيادي بحملة "ترامب" فان الهدف المراد تحقيقه هو ضمان الوصول أو الحصول على العدد المطلوب مع منتصف شهر مايو المقبل أو بحلول 7 يونيو القادم، مع اتمام الانتخابات التمهيدية بولايتي كاليفورنيا ونيوجرسي. ولتحقيق هذا الهدف فان "ترامب" عليه الفوز من الآن حتى ذاك التاريخ ب60 في المائة من عدد الموفدين المتبقي منهم. وبالتالي المنتظر من "ترامب" بدءا من الانتخابات التمهيدية في نيويورك تعزيز حملته الانتخابية وتكثيف جهوده أكثر فأكثر. ويذكر في هذا الصدد أن كلا من منافسيه " تيد كروز" و"جون كيسيك" يرى أن هذا الأمر لن يحسم قبل المؤتمر العام للحزب الجمهوري وأنه سيكون أمرا مطروحا ل"المنافسة" خلال أيام المؤتمر وأن كل طرف سيقوم باقناع وارضاء الموفدين المتواجدين هناك وأيضا محاولة ضم موفدي "ترامب" لصفه. "ترامب" من جهته وصف احتمال حدوث هذا بأنه "عار". كما بدأ في الأيام الأخيرة توجيه انتقادات حادة لقيادات الحزب والنظام الانتخابي المتبع في أمريكا. والمعروف أن قيادات الحزب الجمهوري ورغم الحديث المتكرر عن استيائهم من اكتساح "ترامب" وعن محاولاتهم المستمرة لعرقلة تقدم "ترامب" الا أنهم وتحديدا في الفترة الأخيرة يتفادون مناقشة هذا الأمر الشائك علنا واعلاميا وبشكل صريح وواضح وحاسم وحازم. ويبدو أنهم يفضلون ويريدون التعامل مع هذا الأمر وراء الأبواب المغلقة ومن خلال قنوات اتصال متواصلة مع المتنافسين الثلاثة وأفراد فرقهم .. من أجل الحفاظ على صورة الحزب وسمعته. ويرى المراقبون أن ما تم اعتباره بأنه "أسبوع كارثي" لترامب بعد موقعة " ولاية ويسكونسن" ساهم بلا شك في تعزيز حملات " لا ترامب أبدا" الداعية والساعية لافشال تقدم "ترامب" بأى طريقة أو بأى أسلوب. ويبقى السؤال الأهم اذا سقط "ترامب" أو تراجعت احتمالات فوزه هل يمكن تقبل أو قبول "تيد كروز" كمرشح للحزب الجمهوري بآرائه ومواقفه خاصة أن السيناتور اليمنى المتشدد بوجه عام خلال تواجده بالكونجرس وأيضا بمواقفه العديدة كان غالبا السياسي المتعنت والعنيد الذي لا يسعى أبدا ل"توافقات سياسية" كما أنه لا يبذل جهدا من أجل تقارب أو "تعاون" مع رفقائه الأعضاء في الحزب الجمهوري. ويذكر أن هناك خمسة من المتنافسين الجمهوريين السابقين (ومنهم بوش) أعلنوا وقوفهم بجانب كروز ووراءه في مواجهة ترشيح "ترامب". وقد أظهر استطلاع للرأى أجرى مؤخرا أن عرقلة "ترامب" ومنعه من ترشيح الحزب الجمهوري قد يكون لها "ثمن غال في نوفمبر القادم" اذ أن ثلث المؤيدين الجمهوريين لترشيح "ترامب" اذا تم ابعاده أو الاطاحة بترشيحه فاما سيعطون أصواتهم للمرشح الديمقراطي أو لمرشح لحزب ثالث أو سيفضلون البقاء في منازلهم. ان الانتخابات التمهيدية المقبلة في نيويورك سوف تسهم بشكل أو آخر في بلورة أكثر للأمور وفي تحديد التوجهات والمسارات خلال الأسابيع المقبلة. ولم تتردد الصحف الكبرى ووسائل الاعلام في الأيام الماضية في تشديد الحاحها على المتنافسين لطرح تصوراتهم للتعامل مع قضايا الداخل والخارج ذاكرين أن الشعارات المرفوعة أو التلاسنات الشخصية في الحوارات التليفزيونية وعبر وسائل التواصل الاجتماعي كما قالت لا يمكن اعتبارها عملية جادة تحظى بمصداقية وتنال ثقة الناخبين والمواطنين تجاه الساسة والسياسة برمتها.