هذا هو الاستطلاع السادس منذ سلسلة الاستطلاعات الأسبوعية التي بدأناها قبل ستة أسابيع. في الأسابيع الثلاثة الأولي لم يكن لدينا أي قائمة رسمية بالمرشحين, ولهذا تركنا المواطنين يسمون مرشحهم المفضل حتي لو لم يكن قد أعلن نيته علي الترشح. وفي الأسبوع الرابع كانت لدينا قائمة من23 مرشحا, لكنها لم تكن قائمة نهائية, وفي الأسبوع الخامس كانت القائمة النهائية المكونة من13 مرشحا قد استقرت بشكل نهائي دون أن يسفر ذلك عن استقرار الوضع السياسي في البلاد, وهو الاستقرار الذي تعرض لمزيد من التدهور في الأسبوع السادس الراهن بعد أن تزايدت احتجاجات المؤيدين للمرشح المستبعد حازم صلاح أبو اسماعيل, فأخذوا احتجاجهم إلي محيط وزارة الدفاع. وفي اليوم التالي لانتهائنا من جمع المادة المستخدمة في استطلاع هذا الأسبوع كانت الدماء قد بدأت في الجريان, فسقط مزيد من القتلي, ودخلت البلاد في موجة من التصعيد تلقي بظلال داكنة علي انتخابات الرئاسة القادمة, وسوف نتابع آثار هذه الموجة الجديدة من عدم الاستقرار علي الانتخابات الرئاسية في استطلاع الأسبوع القادم بإذن الله. ويوضح ترتيب المرشحين كما جاء في استطلاع هذا الأسبوع, أن السيد عمرو موسي مازال يتقدم السباق الرئاسي بنسبة39% من المواطنين الذين حسموا اختيارهم, يليه الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح بنسبة24%, ثم الفريق أحمد شفيق بنسبة17.2%, فمحمد مرسي بنسبة7%, وهذا هو الأسبوع الأول الذي يظهر فيه الدكتور محمد مرسي في المرتبة الرابعة, متقدما لأول مرة علي السيد حمدين صباح الذي حصل علي6.7%. وبمقارنة مؤشرات هذا الأسبوع بمؤشرات الأسبوع السابق, يتبين أن كلا من أحمد شفيق ومحمد مرسي نجحا في تحقيق تقدم كبير هذا الأسبوع فزاد تأييد أحمد شفيق من11.9% إلي17.2%, بينما ارتفع تأييد محمد مرسي من3.6% إلي7%. فيما تراجع تأييد باقي المرشحين الرئيسيين بنسب متفاوتة. انتقال الناخبين من تأييد مرشح معين لتأييد مرشح آخر هو جوهر العملية الانتخابية, فالتحدي الأكبر الذي يواجهه كل مرشح هو إقناع قسم أكبر من الناخبين بجدارته بالفوز بأصواتهم مقارنة بالمرشحين الآخرين. وبينما يتحرك الناخبون, أو قسم منهم علي الأقل بين المرشحين, فإنه لا يبدو أنهم يتنقلون بين الاتجاهات الإيديولوجية إلا بقدر محدود جدا, فكتلة المرشحين الليبراليين الإصلاحيين, والتي تضم عمرو موسي وأحمد شفيق, مازالت تحظي بتفضيل أكثر من خمسين بالمائة من المواطنين كما كانت طوال الأسابيع السابقة, فيما بقي تأييد كتلة المرشحين الإسلاميين, التي تضم عبد المنعم أبو الفتوح ومحمد مرسي وسليم العوا, في حدود الخمسة وثلاثين بالمائة. هذه هي النتائج التي ستحصل عليها لو كانت لديك الفرصة اليوم لأن تسأل كل الناخبين المؤهلين في مصر, لكن هذه النتائج ليست هي النتائج التي ستسفر عنها الانتخابات إذا تم إجراؤها اليوم, وليس في هذا لغز, فالاحتمال الوحيد لكي تأتي نتيجة التصويت موافقة تماما لنتيجة هذا الاستطلاع هي أن تذهب جميع فئات الناخبين لصناديق الاقتراع بنفس النسبة والقدر, وهو افتراض غير واقعي. فبعض فئات الناخبين تذهب للتصويت بمعدلات أعلي من غيرها, وينطبق هذا بالذات علي مؤيدي التيارات الإيديولوجية المتشددة والأكثر التزاما من الناحية السياسية. أيضا فإن المرشح الذي يقف وراءه تنظيم قوي له قدرة علي الحشد وعلي حمل الناخبين حملا إلي صناديق الاقتراع سيكون قادرا علي الفوز بنسبة أكبر من أصوات الناخبين مقارنة بالمرشح الذي يفتقد لمثل هذا التنظيم, والذي يكتفي بالاعتماد علي الالتزام الذاتي لمؤيديه للذهاب إلي صناديق الاقتراع. هذه العوامل مجتمعة تعطي للمرشحين الإسلاميين, وتعطي للمرشح الذي يحظي بدعم تنظيم متماسك مثل جماعة الإخوان, أو حملة جيدة التنظيم مثل حملة عبد المنعم أبو الفتوح فرصة لتحقيق نتائج أفضل في الانتخابات مما يظهر في الاستطلاعات, لهذا فإنه سوف يكون من الخطأ من جانب المرشحين الاعتماد علي نتائج الاستطلاعات وحدها في تحديد استراتيجيات حملاتهم الانتخابية, وهو ما ستتاح لنا الفرصة لمناقشته بتفصيل أكبر في الأسابيع القادمة. وتشير سلسلة استطلاعات الرأي التي أجريناها حتي الآن أن الناخبين يظهرون حماسة كبيرة للمشاركة في هذه الانتخابات, وهي النسبة التي تراوحت خلال الأسابيع الستة الماضية بين90-95% من الناخبين. وتبين المؤشرات أيضا أن نسبة من لم يحسموا أمرهم بشأن المرشح الذي سوف يحظي بأصواتهم في تناقص مستمر( شكل رقم4). ويعزز وجود نمط يتكرر من أسبوع لأسبوع في هذا المجال الثقة في صحة هذه المؤشرات, فلو لم تكن هذه المؤشرات صحيحة في عكسها لما يحدث في الواقع لرأينا الأرقام تتغير من أسبوع لآخر بغير نظام واضح. وتتعارض هذه المؤشرات, خاصة فيما يتعلق بنسبة من لم يحسموا أمرهم بعد, مع ما تأتي به استطلاعات أخري تصل فيها نسبة غير الحاسمين اختيارهم إلي40% من الناخبين المؤهلين, وربما أمكن تفسير هذا التناقض بالإشارة إلي أثر أسلوب جمع البيانات علي النتائج التي يتم الحصول عليها, فمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية يتبع في كل استطلاعاته أسلوب اللقاء المباشر وجها لوجه مع المواطنين الذين يتم اختيارهم للظهور في العينة, وهذا الأسلوب يشجع المواطن للإجابة عن أسئلة يوجهها له باحث يري وجهه ويتأكد من هويته ومن صلته بالمؤسسة التي يعمل لصالحها, علي عكس الحال عندما يكون مطلوبا من المواطن الإجابة عن أسئلة يوجهها له شخص يجلس علي الطرف الآخر من خط التليفون, لا يري وجهه, ولا يستطيع التحقق من هويته, الأمر الذي يثير القلق والمخاوف لدي عدد أكبر من المواطنين, مما يجعلهم يحجمون عن التعبير عن آرائهم. ورغم أن انتخابات الرئاسة ستجري كما لو كانت مصر كلها دائرة انتخابية واحدة, إلا أنه من المفيد للرأي العام بصفة عامة, وللمرشحين أنفسهم بصفة خاصة التعرف علي حجم التأييد الذي يتمتعون به في المحافظات المختلفة, ويتضح أن السيد عمرو موسي يتمتع بتأييد كبير في محافظات الوجه القبلي, بالإضافة إلي الإسكندرية, والدقهلية من محافظات الوجه البحري, وكلها من المحافظات كثيفة السكان. بالمقابل فإن الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح يحظي بتأييد كبير في بورسعيد(45.2%) وفي السويس(38.1%), وهي نفس المحافظات الصغيرة سكانيا التي لا يحظي فيها عمرو موسي سوي بتأييد محدود. المرشح الثالث الفريق أحمد شفيق يحصل علي تأييد كبير في المنوفية(26.6%) والغربية(21.9%). أما أقل المحافظات تأييدا له فهي أسوان بنسبة3.4%, يليها بني سويف بنسبة5.3%, والإسكندرية بنسبة5.6%. المرشح الإخواني الدكتور محمد مرسي, ورغم الزيادة في تأييده التي أظهرها استطلاع هذا الأسبوع, إلا أنه مازال بعيدا عن امتلاك موطئ قدم قوي في أي محافظة من المحافظات. فالدقهلية التي لا تعطيه سوي8.5% من أصواتها تأتي علي رأس المحافظات الأكثر تأييدا له, يليها في ذلك أسوان بنسبة مماثلة, ثم الفيوم بنسبة7%.