لأننا أمام مشهد سخيف ومخجل من النفاق والانتهازية السياسية والصحفية والإعلامية, عجبت لعدد ممن يمكن وصفهم بعواجيز الفرح من مشاهير الكتاب والصحفيين والإعلاميين, ومن علي شاكلتهم ممن يسمون بالمفكرين والمحللين الإستراتيجيين والمنظرين والباحثين السياسيين, الذين ابتليت بهم المحروسة, وضبطوا متلبسين منذ عقود وعقود بالترويج والتسويق للظلم والطغيان, لتجدهم, هم أنفسهم بدون حياء وبكل بجاحة يزاحمون لتصدر المشهد الإعلامي لمصر الثورة, بوسائله المقروءة والمسموعة والمرئية, بالضبط كما كان عليه الحال في عصر الفساد والاستبداد. أقلام انتهازية وضمائر ميتة, تقاتل بكل شراسة ووقاحة, تارة لإزاحة وعرقلة ووقف حال الشرفاء والمدافعين ببسالة عن الثورة والثوار, وتركع تارة أخري لتقديم الولاء والطاعة لكل حاكم آمر ناه, يلبس الكاب والبيادة, وتفقد توازنها تماما علي ذكر سيرة انتخاب الفرعون المنتظر, كما كان حالها عادة وهي تلعق الأحذية, وتسكن تحت أقدام السلطان في كل زمان وأوان, وذلك للحفاظ علي مواقعها ومكتسباتها ومصالحها المادية والشخصية المحدودة, لتظل هذه العناصر الموبوءة والفاسدة هي نفسها, ولا أحد غيرها, في صدارة وصفوف ومنابر وأعمدة المشهد السياسي والصحفي والإعلامي لمصر الثورة, بالرغم من تبدل الظروف والأحوال والمهام والرجال. أقلام انتهازية وضمائر ميتة, هي نفسها التي جري توظيفها وتسكينها في السابق وحتي وقت قريب علي رأس الأعمدة والمؤسسات الصحفية والإعلامية والنقابات المهنية, هي أيضا التي أدت الأدوار الأمنية, والتجسسية علي زملائها المكتوبة لها بإتقان ومهارة وبكل خسة, وقبضت الثمن المادي والمعنويغاليا ومضاعفا من دخول وأصول وممتلكات وعائدات مؤسسات صحفية وإعلامية مملوكة للدولة خاصة, هم أنفسهم اللصوص الذين تربعوا علي عروش المؤسسات الصحفية والإعلامية وخربوها وقعدوا علي تلها, وأثروا ثراء فاحشا من دم ولحم الغلابة العاملين فيها, بلا أدني حياء, وعلي مرأي ومسمع من جميع الأحياء, الذين عاصروا السنين السوداء من الزمن الأغبر للمخلوع. المثير للدهشة والغرابة والاشمئزاز أن عينة من هذه الأقلام الانتهازية والأبواق الفاجرة والضمائر الميتة اعترفت علي نفسها وضبطت متلبسة, وذلك عندما فاخر أحدها علنا بأنه التحق بقافلة النفاق في عصور إعلامية وصحفية ممتدة من حاضر الإدارة الانتقامية الفاشلة, الذي يعيشه المصريون منذ11 فبراير, إلي الماضي المظلم القريب من زمن المخلوع, وصولا بأيام وليالي أنور السادات الصادمة والانقلابية, وفتوحات ومعارك جمال عبدالناصر, وإرهاصات محمد نجيب, وربما ظل في الجراب يا حاوي منهم من فتح عيناه علي الدنيا وعاصر ونافق أيضا الملك فاروق!! أكتب وفي الفم ماء وعلي البال طبعا أسماء قريبة جدا وشهيرة ومعروفة من عينة هؤلاء الكتبة والإعلاميين والمحللين الإستراتيجيين والباحثين المتحولين المرصودين لدي المصريين, الملعونين في كل كتاب, كل واحد منهم يعتبر حالة خاصة في حد ذاتها ميئوس منها, لما تمثله من نموذج صارخ ومتضخم للغاية لقلم انتهازي وبوق فاجر وضمير ميت يجري توظيفه جيدا في خدمة السلطان في كل عصر وأوان. المهم أن هذه الحالات الميئوس منها من الأبواق الانتهازية الفاجرة والضمائر الميتة كانت قد لزمت حدودها وتوارت عن الأنظار في الأيام الأولي لثورة25 يناير المجيدة وما بعدها لعدة أسابيع وشهور, بل إن بعضهم كانوا قد جهزوا أنفسهم وحقائب ملابسهم للحاق بسيدهم المحبوس في المركز الطبي العالمي أو في مزبلة التاريخ أو في سجن طرة. ولأن دوام الحال من المحال, ومع بزوغ علامات الردة والانتقام من الثورة والانقضاض علي الثوار المسالمين, في معركة غير متكافئة, إما بشكل مباشر في الميادين أو علي كل الساحات والمستويات, ومن بينها المجالات الصحفية والإعلامية بطبيعة الحال في تحالف مفضوح وغير مقدس تحت قيادة الإدارة الانتقالية الفاشلة, خرجت الأقلام الانتهازية من جحورها, أملا في تكفير المصريين بثورتهم وإعادة إنتاج النظام البائد, وتسويق اسم بعينه مرشحا لانتخابات الرئاسة وكأنه هو المهدي المنتظر, الذي سينقذ البلاد والعباد من المستنقع الذي وصلنا إليه ببركة أداء الإدارة الفاشلة للمرحلة الانتقامية, وبصرف النظر عن علاقة هذا المرشح أو غيره من الفلول بالثورة والثوار أو بالميدان, ومدي التزامه بتحقيق أهدافها في العيش والحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية. المزيد من مقالات كمال جاب الله