سوف أستعير عبارة للصديق يوسف القعيد الذي قال في حوار تليفزيوني إن ميدان التحرير لم يكن به دفتر حضور وانصراف لإثبات أسماء الثوار وهكذا فقد ظهر «البهوات» الذين يملأون الساحة الآن فخرا وتفاخرا بأنهم صناع ثورة الشعب المصري يوم 25 يناير وافتح سعادتك التليفزيون أو اقرأ الجورنال لتكتشف أن الثورة قد صارت لقيطة والآلاف من أصحاب الصوت العالي يتحدثون باسمها ويزايدون عليها.. حتي السادة الذين طبلوا أو هللوا في عهد حسني مبارك غسلوا أيديهم الآن من المسألة وراحوا يسابقون الآخرين في الهجوم الفاجر علي حسني مبارك وأقول الهجوم الفاجر لأن هناك هجوما واعيا وموضوعيا يحلل الأسباب ويرصد المقدمات.. لكن الهجوم الفاجر هو هجوم وخلاص.. ليس عاقلا أو نزيها.. هو هجوم أهوج بقصد إثبات حالة الهجوم.. يتصنع فيه البهوات البطولة الزائفة وقد كثرت السكاكين والمطاوي تنهش البقرة التي وقعت.. والله العظيم إنني لم أكتب حرفا طوال حياتي في مدح حسني مبارك.. لكنني الآن لن أكون سكينا من السكاكين التي تنهش في اللحم الميت.. وأشعر بالقرف والحملات تتوالي ضد مبارك.. وحتي السيدة التي قدمها النظام السابق كمذيعة شاركت في حملة التجديد له عام 2005.. تتصدر المشهد الآن فتقدم حلقة تليفزيونية عن فظائع السيدة الأولي.. مع أنها- أي الست المذيعة - كانت تطبل لها منذ احترفت العمل التليفزيوني عام 2005 وحتي فبراير 2011!! ماذا نقول والكل يغسل يده ويتزاحم ليتصدر الصفوف في مواكب التهليل بالثورة الجديدة التي أخشي من فرط التهافت أن تتحول إلي هوجة من النفاق والكذب والتضليل بهدف سرقة الثورة من الثوار.. وحصد المكاسب والمواقع والأرباح!! إنها الانتهازية السياسية إذن.. والبهوات الذين طبلوا لعهد مبارك.. هم أنفسهم الذين يطبلون للتغيير وحتي الموظفون من الكادحين والعمال والأطباء ورجال الشرطة ركبوا الهوجة.. وينظمون المظاهرات الحاشدة تهتف للثورة من باب أداء الواجب.. ثم تصرخ تطلب تعديل أوضاعهم وتحسين مرتباتهم.. وكأنها هي الفوضي المنظمة التي بشرونا بها.. والتي نراها متجسدة علي أرض الواقع وتهدد مسيرة الثورة الحقيقية التي كانت للتغيير والعدالة الاجتماعية.. الغريب والمريب أن حضرات المطالبين بتعديل أوضاعهم فورا يفعلون ذلك نهارا في أوقات العمل الرسمية ثم يذهبون إلي بيوتهم يستريحون من عناء الثورة وفي اليوم التالي يواصلون وكأنها ثورة من 8 إلي 3 بعد الظهر ثورة في أوقات العمل الرسمية تنتهي بوقف ساعات الشغل والإنتاج..! ووالله العظيم إنني كنت أتوقع قبل اندلاع أحداث الثورة.. كنت أتوقع أنه لو قامت ثورة.. فسوف يهبط عليها بعض الانتهازيين بالبراشوت ليتصدروا المواكب.. لكنني لم أتوقع أبدا هذا الحجم من الانتهازيين ونهازي الفرص.. أو تلك الكمية من الفجاجة والبجاحة عيني عينك.. في محاولة لاختطاف الثورة وتعديل مسارها لصالح فلان أو فلان. أقول لكم إنني بقدر فرحي بالتغيير والثورة بقدر قرفي مما هو حاصل.. والذي أتمني أن ينتهي بسرعة نهاية سعيدة تماما كما في الأفلام العربي.