لا ينقطع الحديث بين المصريين سواء أهل السياحة أو غيرهم عن البحث عن اجابة لهذا السؤال المهم.. متى تعود السياحة إلى حالتها قبل سقوط الطائرة الروسية فوق سيناء؟ والحقيقة الواضحة قبل الاجابة عن هذا السؤال والتى يجب أن يعرفها الجميع أن حالة السياحة المصرية الآن هى الأسوأ فى تاريخ الحوادث الكارثية التى مرت بها السياحة منذ التسعينيات وحتى الآن سواء بسبب الارهاب أو حتى أحداث ثورة يناير وذلك بعد أن تراجعت منذ بداية نوفمبر الماضى أرقام السياحة ونسب اشغال الفنادق فى جميع مقاصد مصر لتصل إلى أقل من 5% فى شرم الشيخ والأقصر وأسوان ونحو 20% فى القاهرة والغردقة وهو تراجع ليس له مثيل فى تاريخ السياحة.. ولا يخفى على أحد أن هذا التراجع تسبب فى اغلاق عشرات الفنادق ومنح اجازات للعاملين بها وفى قطاع السياحة كله بل وفقدان البعض منهم لوظائفهم تماما. إذن نحن أمام كارثة كبرى فى هذا القطاع الذى كنا نعول عليه كثيرا فى دعم الاقتصاد القومى وتوفير العملات الصعبة وفرص العمل للشباب.. وأى حديث عن الخروج من هذه الكارثة والعودة بأرقام السياحة إلى سابق عهدها قبل سقوط الطائرة الروسية وليس لأرقام 2010القياسية لابد أن ندرك أو نعترف بأن السبب الأول والرئيسى لهذا الانهيار الذى حدث للسياحة المصرية هو بالطبع سقوط الطائرة وما تسبب فيه من ضحايا بلغ عددهم 224 من المواطنين الروس ثم ما تلاه من دخول انجلترا على الخط واستغلال هذا الحادث دون انتظار نتائج التحقيق واعلانها أنه وقع بسبب تفجير ارهابى على الطائرة.. وأنها لذلك قررت وقف رحلات الطيران إلى شرم الشيخ واجلاء السائحين الأنجليز منها.. لحين الاطمئنان إلى تأمين المطارات المصرية.. وعقب ذلك كان اعلان روسيا وقف رحلات طائراتها إلى كل مقاصد مصر وليس شرم الشيخ فقط ثم اعلانها عدم استقبال رحلات مصر.. فى انتظار مراجعة اجراءات التأمين فى المطارات المصرية. كان القراران الانجليزى والروسى بمثابة الصدمة فى كل الأسواق التى تصدر السياحة إلى مصر وصدرا حالة من الخوف لأسواق أخرى عديدة بدأت تتراجع حجوزاتها إلى مصر. وإذا أخذنا فى الاعتبار أن روسيا صدرت إلى مصر نحو 3٫1 مليون سائح العام الماضى وانجلترا ما يقرب من مليون سائح أى أربعة ملايين من الدولتين من اجمالى 9٫9 مليون سائح زاروا مصر العام الماضي.. أى أن الرقم يقترب من نصف عدد السائحين إلى مصر بشكل عام بل يشكل نحو 66% من اجمالى السياحة إلى شرم الشيخ وحدها. اعتقد أن اجابة السؤال الذى طرحناه فى بداية هذا المقال أصبحت واضحة جدا.. وهى أنه لن تعود أرقام السياحة إلى مصر وخاصة شرم الشيخ إلا إذا تغير الموقف الانجليزى والموقف الروسى على الأرض سياحيا أو بمعنى أدق «سياسيا» بمعنى آخر لا سياحة حقيقية إلا إذا عاد الطيران الروسى والانجليزى إلى نقل السائحين إلى مصر.. عندها ربما تطمئن أسواق أخرى وتقل حالة الخوف من كثرة الكلام عن عدم دقة اجراءات التأمين فى المطارات المصرية والخوف من الحوادث الارهابية.. وتبدأ مختلف الدول الكبرى اعادة السائحين إلى مصر.. وليس مجرد اعداد صغيرة من بعض الدول كما هو حادث حاليا. ورغم اقتناعنا بأن هذا الكلام فيه كثير جدا من التجنى والتزيد على اجراءات التأمين المصرية إلا أن هذا هو الوضع وتغيير الموقف الآن أصبح صعبا من جانب روسياوانجلترا إلا بعد انتهاء الحكومة وهو ما يحدث حاليا من تنفيذ اجراءات تأمينية جديدة والاستعانة بالخبرة الدولية فى هذا المجال. عندها ربما يتغير الموقف بعد أن ضاع موسم الشتاء الحالى بل وامتد التأثير إلى حجوزات الصيف بعد أن غيرت شركات السياحة والطيران الكبرى الشارتر رحلاتها وجداول طائراتها إلى مقاصد أخري.. وربما ينفعنا فى ذلك توتر العلاقات بين روسياوتركيا.. ولكن ليس قبل تغير الموقف الروسى السياحى تجاه مصر.. فربما نستفيد من 5 ملايين سائح روسى كانوا يذهبون إلى تركيا ومنعتهم الحكومة الروسية من السفر إلى هناك. وقد يسأل البعض.. إلى هذا الحد وصل تأثير الموقفين الروسى والانجليزى على السياحة المصرية؟ ونحن نجيب بأن الأرقام التى ذكرناها هى التى تؤكد ذلك والدليل أن نصف السياحة المصرية العام الماضى تقريبا كانت من الدولتين وجميع الأسواق الأخرى تشكل الباقى بما فيها السياحة العربية التى جاء منها نحو 1٫6 مليون سائح فقط.. ومن هنا تبرز أهمية الدعوة إلى فتح وتنويع مصادر السياحة المصرية من أسواق مثل أوروبا الشرقية ومن الأسواق البعيدة مثل الصين واليابان والولايات المتحدة التى تهتم بالسياحة الثقافية. أننا مطالبون من الآن بالاعداد لحملات قوية فور أن يرتفع الحظر الروسى والانجليزى عن الطيران .. مع العلم بأن هذه الحملات من المؤكد أنها لن تكون مجدية الآن.. فقط علينا الاعتماد على حملات العلاقات العامة ودعوة الصحفيين.. لكن فى نفس الوقت لابد من الاعداد الجيد لما يمكن عمله سواء من حملات مباشرة أؤ حملات على الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي.. إن العودة إلى أرقام ما قبل حادث الطائرة الروسية لن تكون صعبة.. لكن المهم أن يتغير الموقفان الروسى والانجليزي. صفقات فندقية عالمية بالمليارات من المهم أن نلقى نظرة على ما يحدث فى العالم من حولنا فى عالم صناعة السياحة حتى نعرف أين نحن من التطورات العالمية؟ خاصة الصفقات الكبرى فى عالم شركات إدارة الفنادق. هذا الاسبوع كنت أتجاذب أطراف الحديث مع أحد خبراء إدارة الفنادق المتميزين من شباب مصر والذى يتابع ما يحدث فى العالم فى هذا المجال والذى فاجأنى قائلا: هل تذكر ما كتبته عن قيام شركة انتركونتننتال العالمية لإدارة الفنادق بأنها تتفاوض لشراء شركة إدارة فنادق فيرمونت ورافلز الفاخرة (100 فندق بالعالم)؟ قلت نعم.. فقال انها كانت تعرض 2٫9 مليار دولار للشراء ولكن شركة آكور الفرنسية التى تدير نحو 4 آلاف فندق بالعالم دخلت على الخط وعرضت 3 مليارات دولار.. وتقريبا الصفقة فى طريقها خلال الشهور المقبلة إلى أكور التى تشتهر بإدارة فنادق سوفتيل ونوفتيل. أما الصفقة الكبرى الثانية التى يتحدث عنها العالم وهى أن شركة ماريوت العالمية عرضت الاستحواذ على أسهم شركة ستاروو العالمية التى تدير شيراتون وميريديان مقابل 12،2 مليار دولار لتصبح الشركة الجديدة بعد ذلك تدير أكثر من مليون و100 ألف غرفة فى نحو 100 دولة تحت 30 علامة تجارية شهيرة وستعلن تفاصيل الصفقة بشكل نهائى قبل الصيف المقبل وهو ما يعطى قوة ضخمة لشركة ماريوت فى عالم إدارة الفنادق.. حقا إننا نعيش عصر العولمة والتكتلات الإقتصادية.. فهل نتعلم! لمزيد من مقالات مصطفى النجار