جاءت أحداث وكوارث السيول على مدينة الإسكندرية أخيرا , التى تعد العاصمة الثانية لمصر، لتؤكد أن خطط التنمية فى مصر عاجزة عن الاستفادة بمياه الأمطار التى تعد نعمة كبيرة وخيرا ينتظره كثير من الدول للاستفادة بها فى الزراعة ورى الأراضى إلا أن مياه الأمطار خاصة التى تصل للسيول، أصبحت نقمة وأزمة كبيرة لأن بعض المسئولين فى مصر ليس لديهم أى خطة للاستفادة من مياه الأمطار والسيول أو حتى خطة طوارئ أو أزمات تواجه وتتوقع هذه الصدمات. ورغم أن المسئولين بوزارة التنمية المحلية والمحافظين قبل فصل الشتاء من كل عام يؤكدون أنهم مستعدون لمواجهة الأزمات وأن لديهم إدارة للازمات واستعدادا لإعلان حالة الطوارئ، ولكن يضيع كل ذلك مع أول أزمة للسيول فى أى محافظة، وهو ماحدث مع سقوط الأمطار بمحافظة الإسكندرية، فكشف خبراء علوم المياه عن أن مليارات الأمتار المكعبة من مياه الأمطار والسيول التي تهطل على محافظات مصر سنويا تهدر للبحر بالكامل أو الصرف الصحى فى معظم المناطق. 3٫5 مليون متر العميد محيى الصيرفى, المتحدث باسم الشركة القابضة لمياه الشرب أكد أن كمية المياه التى سقطت فى شوارع محافظة الإسكندرية بلغت نحو 3٫5 مليون متر مكعب، ويرى الخبراء أن هذه الكمية كانت كفيلة برى أكثر من 680 فدانا فى حال استغلالها، ولكن نظرًا لفشل بعض المسئولين، وعدم وجود رؤية وغياب خطة واضحة لإدارة الأزمات، أصبحت هذه المياه بالنسبة لهم أزمة تبحث عن التخلص منها. فالكثير من الجهات الحكومية سارعت بإرسال سيارات مياه لمحافظة الإسكندرية، لشفط المياه من الشوارع والتخلص منها سواء فى البحر أو فى الصحراء، وذلك بعدما فاقت كمية المياه التى سقطت الطاقة الاستيعابية لشبكة الصرف الصحى بمحافظة الإسكندرية والتى لا تتخطى مليونا و400 ألف متر مكعب. لذلك فإن الشركة القابضة لمياه الشرب سارعت بإرسال 44 سيارة لشفط المياه وكذلك القوات المسلحة وشركات المياه بمختلف المحافظات، ولكن لم تضع هذه الجهات أى خطط لمواجهة المشكلة، ولم يتم تجهيز مخرات للسيول حتى تتمكن الدولة من الاستفادة من مياه المطر. ويكمن الحل الحقيقى للأزمة فى إيجاد منظومة حقيقية لمواجهة الأزمات والطوارئ والاستفادة من أى أزمة تواجه المحافظة خاصة أن سقوط الأمطار على المحافظة ليس بجديد ولكن هذه المحافظة والمحافظات الساحلية معتادة على ذلك، ممايتطلب توظيفها فى مشروعات مصر الزراعية الجديدة، وضرورة التحكم فى جريان السيول إلتي تدمر مظاهر الحياة فى مناطق سقوطها. توظيف السيول ويؤكد الدكتور مغاورى شحاتة أستاذ بحوث المياه ورئيس جامعة المنوفية سابقا, أن مصر تحتاج خططا لمواجهة السيول والأمطار وتوظيفها فى مشروعات مصر الزراعية الجديدة، وضرورة التحكم فى جريان السيول إلتي تدمر مظاهر الحياة فى مناطق سقوطها، مما يمثل أيضا عائقاً أمام التنمية . فى الوقت الذي حذرت فيه الهيئة العامة للأرصاد الجوية من توقعات بحدوث أمطار رعدية وسيول على بعض المدن والمحافظات خاصة بالسواحل الشمالية، وهى متوقعة فى مثل هذه الأيام إلا أنه ليس هناك خطط واضحة لمشكلة السيول والأزمات فى الأمطار سنويا، على رأسها الساحل الشمالي، ومناطق شهيرة بالسيول وهى أحواض الصرف والوديان على امتداد ساحل البحر الأحمر، ومناطق استقبال الامطار لهضبة الصحراء الشرقية الموازية لوادى النيل، ومناطق أحواض الصرف والوديان فى سيناء، وعلى الساحل الشمالى الغربى ويبلغ حصاد الأمطار من الساحل نحو مليار متر مكعب فقط حيث يذهب للبحر مليارات الأمتار المربعة، وجزء يتسرب للخزان الجوفى المتواضع. وتعد منطقة البحر الأحمر أهم مناطق استقبال السيول، حيث يصل حجمها إلى مليارى متر مكعب، ويختلف بعدها من الشاطئ من عشرات الأمتار إلى بضعة كيلومترات، وتمثل السهل الساحلى وهو محدود للغاية، وسلاسل الجبال مكونة من صخور القاعدة الجرانيتية والبازلتية الصلبة, وشكلت الأمطار على مدى التاريخ «مجارى» طبيعية لها ، وتختلف أشكالها وكثافتها وأطوالها وشدة الانحدار,، فالبحر المتوسط والأحمر يستقبلان نحو 98% من المياه دون استفادة من هذا الخير الذى يتحول إلى شر لعدم الاستفادة منه وتشكل الوديان فى اتجاه البحر منطقة مستوية فتستهوى البعض فى إقامة منشآت وللأسف تكون فى مجرى الوادى «مخر سيول» وهى عرضة للسيول الجارفة مثلما حدث فى العريش وتعرض المستشفى للسيل ، وأقيمت بعض المشروعات للاستفادة من مياه السيول وتقليل مخاطرها من ناحية البحر الأحمر، أما فى سيناء فتتعرض عدة مناطق للسيول سواء فى الجنوب والوسط أو الشمال فى العريش، وكثير من السيول أمكن ترويضها لكن بالأخذ بالأسباب العلمية وتعاون الوزارات والهيئات المعنية، فللأسف عند حدوث السيول نفاجأ بعدم تطهير مجراها برغم تصريحات المسئولين. غياب خطة الطوارئ وأضاف أن السيول التي تسبب الفيضانات الناجمة عن الأمطار الغزيرة أو المفرطة فى فترة قصيرة من الوقت مثل التى حدثت أخيرا بالاسكندرية، تكشف عن أنه لم تكن هناك خطة طوارئ لمنع الكارثة، ومن ثم عدم الاستفادة من نحو 3٫5 مليون متر مكعب مياه، لتكون كارثة محققة فى شوارع وميادين الاسكندرية ومن ثم لم نحاول الاستفادة بها فهى عادة تكون فى فترة زمنية أقل من 6 ساعات وتتسبب فى تدمير الشوارع فى المدن أو الوديان الجبلية وتجتاح كل شيء أمامها والتى تحدث فى دقائق أو بضع ساعات من هطول الأمطار الغزيرة كما أنها يمكن أن تحدث حتى فى حالة عدم هطول الأمطار أو انخفاضها بعد أن تفشل الحواجز والسدود، مشيرا إلى أن طرق الوقاية من السيول تكون بالتأهب السريع بإخلاء المنطقة المعرضة للسيول، وفى هذه الحالة لابد أن يلجأ المواطنون الى الذهاب الى أراض تكون أكثر ارتفاعا، مع مراعاة الخروج من المناطق المعرضة للسيول والبعد عن المناطق المنخفضة وتجنب عبور المجارى المائية ذات التدفق العالى وكذلك تجنب قيادة السيارات أو ركوب الدواب فى الطرق التى تعرضت للسيول واللجوء الى أراض مرتفعة. استفادة علمية وأشار الدكتور أسامة شعبان أستاذ الجغرافيا الطبيعية بكلية الآداب جامعة المنيا الى أنه وفق المشروعات الزراعية الجديدة يمكننا أن نستفيد بالأمطار المنهمرة فى زيادة رصيد مصر من المياه بطرق علمية خاصة أن هناك دراسات ونماذج تكشف عن حدوث تغيرات مناخية يمكن أن تؤدى لزيادة الأمطار على مصر وزيادة حدوث السيول التى ليس لها علاقة بأمطار الهضبة الاستوائية فالسيول محددة وأن كل ما نفعله حاليا هو الحد من مخاطرها دون الاستفادة من مياهها، فهناك نموذجان لدراسات دولية عن سيول مصر الأول لعلماء أمريكيين يشير إلى انحراف السحب شمالا نحو جبال البحر الأحمر وأنها ستسقط عليها وعلى الساحل الشمالى المصرى وشبه جزيرة سيناء أمطار بدرجة السيول.