الحملات الانتخابية الرئاسية أشبه ماتكون بمسرحية هزلية سياسية حيث يتباري المتنافسون في تقديم كل ما يطلبه المستمعون. لكن ما يثير الانتباه في الحملة الانتخابية الرئآسية الفرنسية هو ان كل المتنافسين ينظمون حججهم علي أساس ان فرنسا جزيرة معزولة. فلا توجد منافسة من اقتصاديات صاعدة في آسيا, ولا تأثير لأزمة الديون السيادية المشتعلة عليها, وبإمكان أي رئيس فرنسي ان يتجاهل الدور المتصاعد لألمانيا في تقرير مسار الاتحاد الأوروبي, ومن حق فرنسا ان تلتقط او ترفض ما يعجبها أو لا يعجبها من العولمة. حالة الإنكار هذه ليست مقصورة علي المرشحين الفرنسيين. ولكن الأمر مهم هذه المرة لأن قدرة فرنسا علي المناورة من أجل الحفاظ علي نفوذها التاريخي تتقلص يوما بعد يوم. ومع هذا يبدو انه ليس امام الناخب الفرنسي خيار حقيقي في الانتخابات التي ستجري جولتها الأولي خلال ايام. فكل برامج المرشحين صالحة للعيش في الجزيرة الفرنسية وليس وفقا للحقائق علي الأرض. فرانسوا هولاند المرشح الاشتراكي الذي ترجح استطلاعات الرأي فوزه في الجولة الثانية يريد علاج عجز الميزانية بزيادة الانفاق ورفع نسبة الضرائب علي الأثرياء الي75%, وتحقيق معدل نمو اعلي في ذات الوقت الذي سيضرب فيه بيد من حديد علي مبالغات القطاع المالي, والسؤال الآن هو هل يقطع هولاند صلة الرحم مع المانيا ام يسلك طريق سابقه فرنسوا ميتران ويتجه الي الوسط بعد عناد؟ برنامج المرشح اليميني الرئيس نيكولاي ساركوزي حافل ايضا بالتناقضات. فهو يدعو لإصلاحات ترفع فرنسا الي مستوي القدرة التنافسية الألمانية ويريد إصلاح الأوضاع المالية بإجراءات تقشفية حادة لا تتسق مع أهدافه للنمو. ساركوزي يدعو لحلول لا يمكن تطبيقها الا في جزيرة معزولة. القضية الملحة هي هل ستختار فرنسا منهجا تابعا لألمانيا في المسار الأوروبي, أم تقلص طموحاتها لتقود دولا اقل حجما في الطرف الجنوبي من الاتحاد الاوروبي يتفق مع قدراتها المتقلصة. المزيد من أعمدة سجيني دولرماني