رغم تعدد منافسى الرئيس الفرنسى نيكولا ساركوزى فى الانتخابات الرئاسية المقررة فى أبريل المقبل، يبقى للمرشح الاشتراكى فرانسوا هولاند وضعا خاصا فى تلك الانتخابات، باعتباره المنافس الأقوى لساركوزى، وخاصة أن استطلاعات الرأى تشير إلى تقدمه بفارق كبير عن الرئيس الفرنسى. هذا التقدم الذى يحرزه هولاند الذى يوصف بالاشتراكى المعتدل يطرح تساؤلاً حول قدرة هولاند على تحقيق حلم الاشتراكيين فى العودة للإليزيه بعد 17 عاما على انتهاء ولاية الرئيس الأسبق فرانسوا ميتران آخر الرؤساء الاشتراكيين الذى حكم لدورتين حتى عام 1995، وبعدها سيطر مرشحو حزب اليمين على الرئاسة الفرنسية. لدى هولاند العديد من نقاط القوة التى ترجح كفته فى الانتخابات القادمة، لعل أهمها ما يتعلق بضعف منافسه الرئيس ساركوزى، حيث أتاح تردى الوضعين الاقتصادى والاجتماعى فى فرنسا فرصة للاشتراكيين لمهاجمة سياسات ساركوزى، باعتبارها تنظر لرأس المال والأثرياء على حساب العمال والفقراء، إضافة إلى التغييرات التاريخية التى شهدتها فرنسا خلال العامين الأخيرين فى الانتخابات المحلية، والتى أظهرت تفوقا اشتراكيا واضحا على الحزب الحاكم، تجلت فى انتقال رئاسة مجلس الشيوخ لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية إلى اليسار بعدما كانت دائما بحوزة اليمين، وهى إشارات تدل على أن حظوظ هولاند فى الفوز بالرئاسة تتزايد. من جانبه، يحاول هولاند أن يظهر نفسه دائما بأنه على النقيض من ساركوزى، حيث يتنقل فى باريس على دراجة بخارية، على عكس أسلوب البذخ الذى عرف به ساركوزى. كما أن تصريحات المرشح الاشتراكى فيما يتعلق بأفغانستان أكسبته المزيد من الشعبية بين الفرنسيين، حيث طالب بسحب القوات الفرنسية من أفغانستان فى أسرع وقت ممكن، وعلى أبعد تقدير فى نهاية 2012. ويتصف هولاند بكونه خطيبا بارعا، مبتسما، وودودا، كما يعرف بفكاهته اللاذعة، مقتديا بالرئيس الأسبق فرانسوا ميتران الذى كان كثيرا ما يقلده فى مؤتمراته الانتخابية، كما يهتم بالمحافظة على القيم التقليدية للمجتمع الفرنسى، وفيما يتعلق بالصعيد الخارجى، فقد أعلن هولاند أن التحالف الفرنسى الألمانى قائم ولن يتغير، وسيتم تدعيمه بضم إيطاليا إليه، وهذا ما يمكن أن يضعف من ساركوزى الذى يراهن دائما على متانة علاقاته مع برلين. ولكن فى المقابل، يعانى المرشح الاشتراكى من بعض نقاط الضعف، لعل أبرزها ما يتعلق بعدم شغله أى منصب حكومى أو وزارى من قبل، وهو ما سيستغله منافسوه فى إظهار ضعف خبرته فى السلك الحكومى، كما أن البعض يأخد عليه أنه يجد صعوبة فى اتخاذ القرارات الكبرى، وهو ما عبرت عنه سيجولين رويال مرشحة الرئاسة السابقة لعام 2007 وزوجة هولاند السابقة وأم أولاده الأربعة قائلة إن نقطة ضعف فرانسوا هولاند هى عدم المبادرة، متسائلة: هل يستطيع الفرنسيون أن يتذكروا أمرا واحدا حققه خلال ثلاثين سنة من مشواره السياسى؟