قبل أيام من الانتخابات البرلمانية التركية المرتقبة الأحد المقبل، أثارت فضيحة "الشاحنات المحملة بالأسلحة" المتجهة إلى سوريا تحت حماية رجال المخابرات عاصفة جديدة من الجدل والاتهامات المتبادلة ما بين الحكومة والمعارضة، خاصة فى ظل ما كشفته من فساد حكومى وازدواجية للمعايير فى سياسة الرئيس رجب طيب أردوغان. فمن جانبه، زعم أحمد داود أوغلو، رئيس الوزراء التركى، أن ما كان بداخل الشاحنات التابعة للمخابرات التركية "لا يهم أحدا، فالمهم الطرف الذى ذهبت إليه .. المهم هو الهدف". وأضاف: "هذا الأمر من خصوصيات وأسرار الدولة". وقال أوغلو خلال مشاركته فى برنامج تليفزيونى حول الاستعدادات للانتخابات :"المقاتلون التركمان طلبوا مساعدات إنسانية، وقالوا إن لم تمد تركيا لنا يد العون والمساعدة سنتعرض لمذبحة، أما مسألة اتهام الدولة التركية وقيادة حملة ضدها على الساحة الدولية فهذا أمر غير مشروع". وتابع : "ليس هناك أى موضوع نخاف من المحاسبة عليه، فتركيا لم تدعم المنظمات الإرهابية فى أى مكان، وسجلها التاريخى لا يوجد فيه أى شبهات أو سوابق من هذا القبيل". فى السياق نفسه، اتهم محمد على أديب، أوغلو النائب البرلمانى عن حزب الشعب الجمهورى -أكبر أحزاب المعارضة فى تركيا - الحكومة التركية بأنها لم تكتف بالاستمرار فى تزويد الجماعات الإرهابية فى سوريا بالسلاح، بل ترسل إرهابيين للقتال هناك .. فضلا عن أن مدينة هاتاى الواقعة جنوبى تركيا أصبحت قاعدة لوجيستية لإتمام هذه الأنشطة. وذكر أوغلو النائب عن هاتاى - فى تصريحات خاصة نشرتها صحيفة "جمهوريت"- أن هناك معلومات متوافرة للحزب حول انتقال 50 إلى 100 إرهابى من هاتاى إلى سوريا فى ساعات متأخرة من الليل فى حالات زيادة الاشتباكات بالقرى والمدن السورية القريبة من الحدود التركية. وأكد أن الأسلحة تصل إلى مدينة هاتاى من أنحاء مختلفة فى تركيا، منها على سبيل المثال مخازن الجيش، وبعدها يتم وضعها بالمخازن فى هاتاى، التى تعتبر منطقة عازلة، وتنقل إلى سوريا فيما بعد تحت غطاء الأعمال الخيرية للشعب السورى، مشيرا إلى أن هاتاى أصبحت بذلك مركزا للمعارضة السورية. جاء هذا فى الوقت الذى ذكرت فيه صحيفة "حرييت" التركية الواسعة الانتشار أنه بناء على توجيهات من رئيس الجمهورية التركية أردوغان أخيرا، فقد أصدرت محكمة الصلح الجنائية بأسطنبول تعليمات بفتح تحقيقات قضائية مع صحف "جمهوريت وسوزجو ويورت" التى نشرت على مواقعها أشرطة الفيديو والصور حول واقعة نقل الأسلحة إلى سوريا، مما تسبب فى فضح أكاذيب حكومة "العدالة والتنمية". وأكدت الصحيفة أن عرفان فيدان المدعى العام طلب من محكمة الصلح الجنائية الثامنة باسطنبول إصدار قرار بحجب الوصول إلى المواقع الإلكترونية التى نشرت أشرطة الفيديو والصور. من جانبها، ذكرت صحيفة "يورت" تحت عنوان : "أردوغان مجرم حرب سيحاكم فى محكمة لاهاى" أن رئيس الجمهورية طيب أردوغان سيمثل أمام المحكمة الدولية ك"مجرم حرب"لأنه وجه تعليمات إلى جهاز المخابرات لإرسال أسلحة إلى سوريا. ونقلت عن رجال قانون ومحامين ممن قيموا هذا الموضوع قولهم إن تركيا من الدول الموقعة على ميثاق الأممالمتحدة ونظام روما الذى يقضى بمحاكمة من يرتكب جرائم ضد الانسانية أو الإبادة الجماعية، فى إشارة إلى الشاحنات المحملة بالأسلحة والذخيرة تحت غطاء تقديم المساعدات الإنسانية للشعب السورى وتحت إشراف رجال المخابرات الأتراك إلى سوريا وتسليمها إلى تنظيم "داعش" الإرهابى. على جانب آخر، كشفت مصادر دبلوماسية أوروبية عن دليل جديد على تجاهل الرئيس التركى أردوغان التام لما يعانيه شعبه، وتوجيه كل اهتمامه إلى الخارج، حيث وضح أن هناك تباينا واضحا بين المناطق الكردية وباقى المناطق فى تركيا. وتحدثت هذه المصادر عما تعانيه الأقلية الكردية من انخفاض واضح فى مستوى المعيشة وتدنى مستوى الخدمات الأساسية من تعليم وصحة، كما تنتشر فى هذه المناطق ممارسات تتنافى مع حقوق الإنسان التى يتشدق بها الرئيس التركى ليل نهار، مثل إجبار الفتيات على الزواج فى سن الطفولة، وذلك على مرأى ومسمع من السلطات التركية التى يتزعمها أردوغان والذى لا يكف عن إعطاء دروس للآخرين فى احترام حقوق الإنسان، بحسب قولها. كما رصد الدبلوماسيون ممارسة الحزب الحاكم لضغوط شديدة على سكان هذه المناطق تصل إلى حد التهديد لإجبارهم على التصويت لمصلحته فى الانتخابات المرتقبة، بالإضافة إلى ما يتردد حول احتمالية التلاعب بالنتائج فى هذه الانتخابات.