كتبت:هبة بشير بعد أكثر من عام علي الثورة في تونس, والتي كانت تاريخيا فاتحة ثورات الربيع العربي, إلا أن أخطر ما يواجه المواطن التونسي اليوم هو تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية. وقد أسهمت تلك الأوضاع الهشة والمتردية في ظهور محمد بوعزيزي آخر, فقد انتحر شاب حرقا السبت الماضي في احد الشوارع الكبري بالعاصمة التونسية, وهو من سكان حي التضامن الشعبي الفقير بالعاصمة, حيث سكب مادة ملتهبة علي جسده ليلقي حتفه علي الفور, ليعيد الي الأذهان ذكري شاب آثر الانتحار لعجزه عن توفير حياة كريمة. فالمواطن التونسي لا يزال يشعر انه يعاني ليس فقط منذ عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي, بل علي ما يبدو منذ أول ثورة في تاريخ بلاده عام4681 بزعامة علي بن غذاهم الماجري لعنة الضرائب التي تلاحقه, حيث يستغلها الحكام سيفا يسلطونه علي الفقراء قبل الأغنياء.فمعظم التونسيين اليوم يثقل كاهلهم تدهور القدرة الشرائية لعملتهم الوطنية والارتفاع الجنوني للأسعار. ومما يعمق الأزمة الاقتصادية في تونس أنها بدأت تفقد رونقها كوجهة سياحية مفضلة لغالبية الدول الأوروبية,إذ أن السياحة هي عصب الاقتصاد في تونس لأنها المصدر الأول للعملة الصعبة, كما أنهاتوفر مئات الآلاف من فرص العمل. وتعد مشكلة البطالة من أخطر المشكلات التي تقابل التونسي, لأن عدد العاطلين من العمل يتجاوز007 ألف شخص, في حين أن الحكومة الجديدة لم تستطع أن تخلق وظائف إلا ل06 ألف شخص.. أن السخط الاجتماعي يمكن أن يتبلور مرة أخري في شكل احتجاجات جماهيرية وتظاهرات مطلبية, تعجز أي حكومة عن تلبيتها. ولذلك تواجه الحكومة التونسية تحديات كثيرة علي الرغم من اعلانها مؤخرا عن انتهائها من إعداد مشروع موازنة مالية تكميلية للعام الحالي ستعرضه قريبا علي المجلس التأسيسي لتمويل موارد الدولة, وتوجيه نفقاتها لحل المشكلات الاجتماعية, واعلانها أنها ستلبي أكثر ما يمكن من المطالب الاجتماعية,و أن جهود مساعدة العائلات الفقيرة سترتفع من071 ألف عائلة إلي032 ألف عائلة. ولعل من أبرز التحديات التي تواجهها الدولة هو توفير الأمن الذي سيلعب دورا رئيسيا في حل مشكلة البطالة,وبقية المشكلات المتفاقمة.ومن بينها التفاوت الكبير في التنمية بين المدن والمناطق التونسية, حيث تبرزمشكلة المدن الداخلية المهمشة والتي تسعي الآن لتدارك ما فاتها خلال فترة حكم بن علي. وتؤكد الحكومة التونسية التي تعبر عن ائتلاف للأحزاب الرئيسية في تونس بعد انتخابات ديمقراطية انها لن تستطيع وحدها التغلب علي كل تلك المشاكل الا اذا تضافرت معها جهود المواطن وازدادت ثقته في حكومته. ولعل الرسالة التي يوجهها رموز الحكم في تونس اليوم لشعبهم الذي ازداد سقف تطلعاته ومطالبه بعد الثورة انها لا تملك عصا سحرية, ولكنها تملك طهارة اليد والرغبة في خدمة الشعب والإرادة لتقديم نموذج مختلف يستطيع أن يعبر بتونس الي بر الأمان.