منذ سقوط النظام الليبى السابق، أدارت دول أفريقيا المحيطة بها جنوبا ظهرها للدولة الليبية الجديدة. فتح العقيد الراحل معمر القذافى أبواب خزائنه لهذه الدول مغدقا عليها المنح والعطايا بحثا عن زعامة إفريقية مزعومة، فما كان منها بعد أن رحل القذافى إلا أن انسحبت تماما عن المشهد كفاعل إيجابي، وفتحت حدودها للمسلحين من أطراف النزاع وحركة السلاح، وأراضيها لمعسكرات تدريب المتطرفين. وبعد تفاقم الأزمة فى الداخل الليبى وتحولها لبؤرة استقطاب للإرهاب والجماعات المتطرفة، وصل الأمر ببعض الدول الأفريقية للمطالبة صراحة بالتدخل العسكرى الدولى فى ليبيا لمحاصرة الخطر الإرهابى القادم، ذلك التدخل الذى قوبل بمعارضة قوية من جانب الجزائر ومصر. الإرهاب الذى يضرب ليبيا وباقى منطقة الشمال الأفريقى فرض نفسه على القارة السمراء ليصير واحدا من أهم محاور القمة الأفريقية التى تشهدها العاصمة الإثيوبية أديس أبابا بمشاركة أكثر من 40 رئيس دولة ومسئول من الدول الإفريقية. خطر الإرهاب جاء فى مرتبة موازية لوباء الإيبولا على رأس قضايا القمة، وفى القلب منها الأزمة الليبية والدور الأفريقى المفقود لحلها، حيث يستعرض مجلس الأمن والسلم الأفريقى خلال القمة تقريرا أمام الزعماء والقادة المشاركين بالقمة حول الإرهاب الذى يضرب دول القارة وسبل مكافحته. الرؤية المصرية التى ستطرح على مائدة الزعماء الأفارقة بأديس أبابا تقوم على عدة ركائز، يتصدرها رفض التدخل العسكرى الدولة فى ليبيا وبذل كل الجهود فى سبيل الحل السياسي، لا سيما فى ظل تزامن القمة مع جولة جديدة من الحوار بين أطراف النزاع الليبية فى جنيف. تلك الرؤية التى طرحها وزير الخارجية سامح شكرى فى أكثر من سياق – والتى تتشابه فى أهدافها مع الرؤية الجزائرية للحل فى ليبيا - تنطلق من دعم الحكومة الشرعية فى ليبيا ورفع كفاءتها لتحقيق الاستقرار ووحدة الأراضى الليبية، ومن الاعتماد على الحوار والحل السياسى كسبيل وحيد لحماية الشعب الليبى والمنطقة من خطر الإرهاب. هذه الرؤية يمكن أن تشكل قاعدة انطلاق للدول الأفريقية لاستعادة دورها فى ليبيا، خاصة فى ظل وجود بدائل سياسية دولية معترف بها فى حالة فشل الحوار بين أطراف النزاع، وتشمل عقوبات على الأطراف المعرقلة للحوار. فهل تنجح قمة أديس أبابا فى إيجاد بارقة أمل لحل الوضع فى ليبيا؟