حرصت قطاعات اقتصادية عديدة على مناقشة مشروع قانون تطوير منظومة الاستثمار، فى ظل توجيهات واضحة من الرئيس عبدالفتاح السيسى بضرورة طرحه للحوار المجتمعى حتى يخرج بصورة لائقة تتوافق مع طموحات الدولة خلال الفترة المقبلة والتى يحظى فيها الاستثمار بأولوية مطلقة لتوفير فرص عمل وتحقيق معدلات النمو المستهدفة لرفع مستوى معيشة المواطنين خلال فترة زمنية وجيزة. ومن المنتظر ان تعقد لجنة الإصلاح التشريعى اجتماعا للاستماع إلى رؤى مختلف منظمات الاعمال. واليوم، ومن جانبنا تطرح «الأهرام» رؤى العديد من الاقتصاديين من مختلف التيارات حول المشروع المقترح، وهناك بطبيعة الحال المرحب بما تضمنه من بعض المزايا، والآخر الذى أعرب عن إحباطه من المشروع الذى جاء خارج سياق التوقعات حيث كان المنتظر قانونا له رؤية وملامح واضحة لما تسعى الدولة لجذبه من استثمارات خلال الفترة المقبلة، وان يتواكب مع الثورة التشريعية التى يتبناها الرئيس، وأن تخرج عن سياق الموروثات القديمة فى التعامل مع المستثمر.
يرى المستشار محمود فهمى رئيس لجنة التشريعات الاقتصادية بجمعية رجال الأعمال المصريين إن شبهة عدم الدستورية تطارد قانون تطوير منظومة الاستثمار حال إصدار بهذا الشكل فى مسودته الأخيرة التى تناقش حاليا، حيث خلت ديباجة مشروع القانون مما كان يجب أن يتضمنه من عبارة، «وبناء على ما ارتآه مجلس الدولة» والتى تفيد سابقة عرض المشروع على قسم التشريع بمجلس الدولة، وهو ما يجب تحقيقه نزولا على حكم المادة 190 من الدستور، فالمشرع الدستورى وسد لمجلس الدولة وعقد له اختصاصا تشريعيا ملزما لجميع جهات الدولة يتمثل فى وجوب عرض مشروعات القوانين والقرارات ذات الصفة التشريعية. ويوضح أنه لا داعى أو مبرر لإنشاء للترويج إذ إن الترويج للاستثمار والتشجيع عليه وجذب المستثمرين وازالة المعوقات من المهام الرئيسية للهيئة العامة للاستثمار على ضوء ما يتكشف لها من الممارسة العملية والرقابة والإشراف على الشركات والمنشآت التى تقام طبقا لقانون الاستثمار الجديد وما تسفر عنه تلك الممارسة وهذه الرقابة والإشراف، فالترويج هو المدخل اللازم لجذب الاستثمارات ومن ثم إنشاء الشركات والمشروعات ايا ما كان شكلها القانونى للقيام بالنشاط الاستثمارى فى مصر. ويضيف أن المشروع الجديد لم يستطع أن يتخلص من دور الهيئة العامة للاستثمار فى المشاركة فى العملية الترويجية فأورد دائما عبارة «التنسيق مع الهيئة العامة للاستثمار» فى مجال ممارسة نشاط الترويج من جانب الهيئة الجديدة للترويج وذلك كما هو واضح من المادة (80/2) والمادة (81) والمادة (84/1) ، والمادة (83) حيث يشترك الرئيس التنفيذى للهيئة العامة للاستثمار أو أحد نوابه فى عضوية مجلس إدارة هيئة الترويج، والمادة (85/2) حيث تحصل هيئة الترويج على نسبة من الرسوم ومقابل الخدمات التى تحصلها الهيئة العامة للاستثمار. ويشير إلى أن ما سبق يبين مدى التداخل بين مهام واختصاصات الهيئة العامة للترويج للاستثمار المستحدثة، والهيئة العامة للاستثمار، مما سوف يترتب عليه بحكم اللزوم التضارب والتناحر بين إدارة كل من الهيئتين. ويؤكد أن المادة 70 من مشروع القانون نصت على تشكيل مجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار برئاسة وزير الاستثمار وعضوية خمسة وزراء هم وزراء الإسكان، والإدارة المحلية، والتجارة والصناعة، والبيئة، والكهرباء، ويضاف إليهم محافظ البنك المركزى وهو بدرجة وزير على الأقل طبقا للمادة 10 من قانون البنك المركزى والجهاز المصرفى رقم 88 لسنة 2003 . ويلاحظ على هذا التشكيل أن وزير الاستثمار الذى يرأس المجلس قد يكون أحدث فى التعيين الوزارى من بعض الوزراء الذين سوف يرأسهم، وهو ما يناقض ما درج عليه العمل فى التشكيلات الوزارية المختلفة من وجوب ترتيب الوزراء حسب أقدمياتهم فى تولى المنصب الوزارى فلا يتقدم الأحدث على الأقدم فى الترتيب، ومن ثم لا يجوز دستوريا أن يرأس الوزير الأحدث من هم أقدم منه فى المنصب الوزاري، وفضلا عما تقدم فإنه سوف يكون من الصعوبة بمكان جمع هذا العدد من الوزراء فى كل اجتماع لمجلس إدارة الهيئة إذ لكل منهم مهامه الجسيمة فى وزارته مما يمكن ألا يتيحه له فسحة من الوقت لحضور اجتماعات مجلس إدارة الهيئة، الأمر الذى يمكن أن يصيب المجلس بالشلل بما يترتب على ذلك من آثار سلبية على تمكن الهيئة من القيام بمهامها واختصاصاتها على الوجه الأكمل. ويقترح أن يعاد النظر فى كيفية تشكيل مجلس إدارة الهيئة بحيث يشكل من ممثلين للوزارات المذكورة فى التشكيل الحالى المقترح، مع تفويضهم من وزرائهم فى اتخاذ القرارات بصفة نهائية دون الرجوع للوزير فيما يعرض على مجلس إدارة الهيئة من موضوعات، كما نقترح أن يضم مجلس الإدارة أحد الخبراء فى المحاسبة والضرائب بجانب أحد الخبراء فى القانون المنصوص عليه حاليا. ويوضح أن معد مسودة مشروع قانون تطوير منظومة الاستثمار غفل عن ذكر أى ديباجة تذكر فيها القوانين واللوائح والقرارات التى كانت تحت نظر نظره ويريد أن يعدلها بالحذف أو الإضافة أو الإلغاء حتى يتبين قارئ القانون بعد إصداره الغرض من إصداره فى ضوء ما تضمنه من أحكام جديدة لم تكن موجودة من قبل وهى قليلة للغاية.