يعد السياسى الليبى عز الدين العوامى أحد ابرز الوجوه التى تصدرت المشهد فى ليبيا بعد ثورة فبراير، التى اطاحت بنظام القذافى السابق. ولعب العوامى دورا كبيرا فى هذه الثورة أهله ليكون النائب الاول فى المؤتمر الوطنى الليبى أو البرلمان الانتقالى، وعقب انتهاء مدة هذا البرلمان انحاز لخيار الجماهير بتشكيل برلمان جديد ممثلا فى مجلس النواب الحالى. وكان انحيازه ضربة قوية للبرلمان المنتهية ولايته، والذى يصر الإسلاميون بطرابلس الآن على مواصلة عمله، فى محاولة زائفة لإيجاد شرعيتين فى البلد. وفى الحوار التالى يؤكد العوامى أن المؤتمر العام انتهت شرعيته إلى الأبد، ويشيد بجهود مصر لدعم ليبيا ، داعيا المجتمع الدولى بأسره إلى دعم الجيش الوطنى الليبى ، مؤكدا أن الإرهاب لايستهدف ليبيا وحدها، وأن الخطر بها يهدد دول الجوار جميعا ودول أوروبا . كما أكد مواساته للشعب المصرى فى الحوادث التى تعرض لها المصريون بليبيا أخيرا، مؤكدا أن مرتكبى هذه الجرائم النكراء هم مجرمون وإرهابيون ، يستهدفون ليبيا كلها ويريدون قطع علاقاتها مع مصر. وقال العوامى إنه أثناء مشاركته فى حفل تنصيب الرئيس السيسى طالبه بألا يترك الشعب الليبى يواجه مصيره بمفرده ، وأضاف أنه وعده بدعم ليبيا والوقوف إلى جانبها. سألته عن موقفه الداعم لمجلس النواب ؟ الموقف الذى اتخذته كان احتراما لإرادة الشعب الذى طالب فى ثورته بنفس مطالب الشعب المصرى، بالحرية والعدالة الاجتماعية والديقراطية ودولة القانون والمساواة، وقد وصلنا إلى مرحلة أصبح فيها استمرار المؤتمر الوطنى لايخدم المصلحة العليا للوطن ، ومن هذا المنطلق حدث اتفاق سياسى بين أعضاء المؤتمر على انتخاب مجلس النواب، ثم لاحظنا أن هناك تلكؤا من مجموعات معينة داخل المؤتمر على التسليم للمجلس الذى أصبح صاحب السلطة الشرعية، بعد انتخابات نزيهة وشفافة ، وتعويق عمله بعد أن أصبح هو المجلس المعترف به من العالم ، وفى هذه المناسبة نشيد بالدور المصرى ودور الرئيس السيسى فى دعم الشرعية ودعم الجيش الوطنى ، وتأكيده على دعم الشرعية ووحدة الأراضى الليبية. حاولت الأطراف الإسلامية فى طرابلس الطعن فى دستورية مجلس النواب، وإعادة العمل بالبرلمان المنتهية ولايته؟ الظروف فى طرابلس ليست مثالية لعمل القضاء ، وفى مصر حينما حوصرت المحكمة الدستورية أثناء حكم الإخوان أوقف القضاة العمل لحين تحسن الظروف، والظرف الأمنى غير مناسب لعمل القضاة يغض النظر عما تعرضوا له من ضغوط. وللأسف حكم المحكمة ليس فيه إشارة من قريب أو بعيد لمجلس النواب ، هذه لعبة كانت أداتها الرئيسية قناة الجزيرة وقناة النبأ ، كان الهدف زرع فكرة حل المجلس وعدم شرعيته لدى المواطن الليبى ووكالات وقنوات الأنباء العالمية، وللأسف انجر العديد من المؤسسات الإعلامية المرموقة لهذا الفخ، وكان مخططا لليبيا ما حدث فى العراق عندما أذاعت الجزيرة نبأ سقوط مطار بغداد، والحقيقة أنه لم يسقط إلا بعد 5 أيام من إذاعة الخبر ، وحاولوا أيضا فى نفس اللحظة تسويق قصة "جيش حفتر" ، والحقيقة أن الوصف الصحيح له هو الجيش الوطنى الليبى تعرض لاغتيالات. ماهى قوة الجيش وهل يستطيع الصمود أمام الميليشيات المتطرفة؟ هناك دعايات تقول إنه ليس هناك فى ليبيا جيش ، ولكن الحقيقة أن لدينا جيشا، لكنه يحتاج إلى دعم ومساندة ، والحمد لله بدا واضحا وموجودا على الأرض ، وبإمكاننا بناء دولة ، وهذا يحتاج إلى قدر كبير من التفاؤل والعمل. وهل هو جيش موحد؟ الجيش الليبى هو الآن جيش موحد ضد من يريدون إشاعة الفوضى فى البلد، ومجلس النواب أقر أخيرا أن العملية العسكرية برئاسة قائد عملية الكرامة اللواء خليفة حفتر، وتحت إمرة رئيس الأركان، وليس هناك تناقض بينهما . وماذا بشأن إعادة المؤتمر الوطنى للعمل وقراراته؟ أقولها بصفتى النائب الأول للمؤتمر الوطنى ، لقد انتهى ، ومجموعة فجر ليبيا أعادوا المؤتمر للعمل قبل حكم المحكمة وليس بعده ، وهم يحاولون البحث عن دور ، وشكلوا حكومة كذلك ، هذه محاولة مدبرة لأن هناك تيارا سياسيا رأى أنه أقلية بعد انتخابات مجلس النواب ، وأن الأمور ليس من صالحهم . الآن هناك مخاوف كبيرة على وحدة ليبية فى ظل عنف متصاعد ووجود حكومتين وبرلمانين..ماحقيقة مايجرى على الأرض؟ ليس هناك حكومتاين ولابرلمانيان، مجموعة "فجر ليبيا" التى وضعت حكومة غير شرعية تمارس العبث السياسى واعتقد أن البعض مازال فى مراهقة سياسية ، وليس من مصلحة الدولة الليبية أن يحدث هذا ، المؤتمر انتهت مدته ، وحدث توافق سياسى لانتخاب جسم سياسى ، وماتقوم به هذه المجموعات يهدد وحدة ليبيا ، ونحملهم المسئولية التاريخية عن ظهور دعوات للانقسام، لكننا متفائلون بأن قوى الاعتدال والحق والشرعية سوف تنجح فى لم شمل الليبيين وتحقيق وحدتهم ولن ينجح الانقسام ، ونحن نعرف أن أهل طرابلس كلهم مع بناء دولة مدنية ، وهم الآن لايستطيعون الخروج والكلام بصوت مغاير للفكر الذى يحاول الضغط عسكريا داخل العاصمة ، لكن ستحدث بإذن الله انفراجة قريبة جدا وننجح فى لم شمل الليبيين . كان هناك اتهامات واستهداف للوجود المصرى فى ليبيا أخيرا؟ استهداف من التيارات المتطرفة، لكن جميع الليبيين يعتزون اعتزازا كبيرا بدور مصر ، منذ أيام الاحتلال الإيطالى، ويتذكرون كذلك السند الشعبى أيام ثورة فبراير ، والآن فى فترة حكم الرئيس عبدالفتاح السيسى نشكر لمصر دعمها القوى ولعل تصريحات السيسى خلال زيارته لإيطاليا وفرنسا كانت واضحة جلية فى دعم الشرعية ممثلة فى مجلس النواب ودعم الجيش الليبى ، وكان لها مردود كبير ، وسيكون لها تاثير إيجابى فى اتجاه استقرار ليبيا . وفى المقابل هناك دول أدوارها سلبية، مازال بعض الدول والمجموعات ، وأصبحت اللعبة مكشوفة لنا. ونحن نريد أن يكون دور ودعم مصر رئيسيا وجوهريا فى دعم الحوار والمصالحة والدعم السياسى والدبلوماسى ودعم الجيش فى التدريب والتأهيل، كما نريد دعم الأزهر هو منبر الاعتدال فى العالم الإسلامى، وهو موجود فى ليبيا منذ عقود ونتمنى رجوع دوره لمواجهة التطرف. هل يتنامى وجود الإرهابيين فى ليبيا كما تشير تقارير وتحذيرات؟ لدينا فى ليبيا متطرفون ومجموعات إرهابية ، وهناك بعض الدول تدرك الآن أنه لايمكن أن يترك الليبيون ليقاتلوا هذه الجماعات بمفردهم، لأنه لو استقرت هذه المجموعات فى ليبيا سيكون خطرها عظيما على جميع دول الجوار وحتى الدول الأوروبية ، فالشواطى الليبية تبعد عن شواطى جنوب أوروبا بحوالى 250 كيلومترا ، الأمر ليس سهلا ، ونطالب جميع دول العالم بدعم الجيش الليبى، حقيقة كان هناك تقاعس من المجتمع الدولى عن دعم الجيش فى الفترة الأخيرة، ولابد أن يكون هناك دعم صريح له ، لأن فى دعمه خدمة للجميع . من أين جاء هؤلاء المتطرفون؟ هناك متطرفون من جميع دول العالم تقاتل فى صفوف المتطرفين بليبيا ، من دول الخليج ومصر وأوروبا ومن بوكو حرام ومن الجزائر وتونس . وهل اصبحت درنة مقر داعش ؟ الإرهاب موجود بشكل كبير ، وهناك قطع الرءوس، واستهداف لأفراد الجيش الليبى مما دفعهم لتجميع أنفسهم فى عملية الكرامة بقيادة اللواء خليفة حفتر، والتى تبناها مجلس النواب أخيرا، والآن معظم الشرق الليبى تحت سيطرة الجيش الليبى ماعدا بعض الجيوب فى بنغازى وأخرى فى درنة ، والجنوب مع وجود التبو والطوارق لايمكن أن يسيطر عليه الإرهابيون. وماذا بشأن طرابلس ؟ أنا من أشد المتفائلين بخصوص طرابلس وتحرير بنغازى بالكامل ، المدن لها تركيبات قبلية، حتى فى ثورة فبراير لم يحدث فيها اطلاق نار بسبب التناغم والانسجام الاجتماعى، الصراع الآن أصبح واضحا لليبيين انه بين الجيش الليبى والتشكيلات المسلحة للمتطرفين والإرهابيين، وهناك إنحياز كبير للجيش. وماذا عن مصراتة؟ لها وضع خاص لأن أغلب التشكيلات المسلحة بها منضمة لعملية فجر ليبيا، وبالتالى أصعب من المدن الاخرى فى المنطقة الغربية ، لكن هناك اتصالات للاحتواء ولوضع المصلحة العليا للوطن ولأهل هذه المدن الكبرى التى قدمت الكثير فى الثورة، ولابد ألا يحدث فيها قتال وأن نصل لحلول ، والخلاصة ان الليبيين لن يسمحوا لتيار سياسى معين ولا لمنطقة معينة ولا مجموعة معينة ان تفرض أجندتها ورأيها ، وبالحوار معا والتنازلات يمكن الوصول إلى حلول . وماذا بشأن دور الأممالمتحدة؟ لولا تدخل الأممالمتحدة مانجحت ثورة فبراير، وبالتالى نطمح إلى دور قوى تلعبه الأممالمتحدة فى السير بالدولة الليبية الى بر الامان . وماذا بشأن أنصار نظام القذافى السابق ؟ من لم يشارك فى قتل الليبيين أو، استخدام العنف معهم من المفروض استقطابهم وعدم إقصائهم وأمامنا تجربتان للاقتداء ، فإما تجربة التسامح فى جنوب افريقيا ، او تجربة الاقصاء فى العراق ، ونحن كليبيين ضد حرمان أو إقصاء أى مواطن ليبى، و حتى المتهم بإرتكاب تجاوزات مع محاكمته بالعدل. وهل ثمة رسائل تصلكم من طرابلس بشأن الحوار؟ هناك مجموعات ليس لديها رغبة فى إيجاد ارضية مشتركة للحوار ، وهناك مجموعات تريد الوصول لهذا الحوار ، ولو تركت طرابلس الأمر لاختاروا الحوار، لكن المجموعات المسلحة المسيطرة ، لايمكن تسمح لمؤيدى الدولة المدنية المعتدلة بالخروج، وبمجرد إعطاء الشعب فى طرابلس حريية التعبير عن رايه سيكون الموقف مختلفا ، وأبناء بنغازى وكل المناطق فى الشرق هم من دعموا الجيش، ولما صدر حكم المحكمة الدستورية خرج الناس إلى ساحة الشهداء وواجهوا إطلاق النار الحى عليهم وهتفوا لمجلس النواب. من أوصل ليبيا إلى حافة الهاوية؟ اوصلها كل من دعم التيارات المتطرفة والتنظيمات المتطرفة، الدعم لايأتيهم مباشرة ولكن هناك دول تدعم تشكيلات مسلحة معينة فى ليبيا ، وعندما يدخل السلاح للمؤسسات غير الرسمية، يتسرب إلى هذه التيارات المتطرفة . هناك مخاوف من تقسيم ليبيا؟ من الصعب تقسيم ليبيا فى الوضع الحالي ، لكن ماتقوم به بعض مجموعات فجر ليبيا وغيرها يساهم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة فى مطالبة البعض بالتقسيم . هل انعكست التطورات الأخيرة فى مصر على الوضع فى ليبيا.؟ ماحدث فى مصر كان له تأثير كبير على تطورات الوضع فى ليبيا ، كانوا يريدونها بيت مال للإسلاميين ، والآن ستكون فى خدمة الشعب الليبى والدول الشقيقة والصديقة. هناك الآن مقاربتان للحل فى ليبيا ، إجداهما ترى ضرورة إقصاء كل الإسلاميين وتصنفهم جميعا كإرهابيين ، ومقاربة اخرى ترى انه يمكن الحوار مع من تسميهم المعتدلين منهم واستبعاد المتطرفين, أى المقاربتين تصلح ؟ ما يتفق عليه الليبيون جميعا الآن وتنادى به الحكومة ومجلس النواب أن أى شخص تصدر المشهد فى العنف والقتل وفى العمليات الإرهابية لايمكن أن يدخل فى الحوار الوطنى من أجل بناء الدولة، ماعدا ذلك فيمكن لأى شخص الدخول كطرف فى الحوار، والشعب الليبى ضد فكرة وجود أحزاب قبل وضع الدستور، أى نتعامل مع الأشخاص ، واى شخص له علاقة بتنظيمات قامت باعمال عنف لايمكن الحوار معه ، والنقطة المهمة فى أى حوار أن يكون تحت مظلة مجلس النواب ، وهو السلطة الشرعية حاليا، وهناك لجنة الستين صياغة الدستور ولن يتم إقصاء أحد منها .