يدعى الإرهابيون زورا وبهتانا على مواقعهم الالكترونية التى تروج لفكرهم المتطرف، أن الأصل فى العاملين بالجيش والشرطة الكفر لكونهم العين الساهرة على القانون الوضعى الكفرى وإذا قتلوا تجرى عليهم أحكام الكفر من عدم غسلهم، وعدم تكفينهم، أو الصلاة عليهم، أو دفنهم فى مقابر المسلمين. ويحكمون بالكفر على البلاد التي تحكم بالقوانين الوضعية، فحملوا السلاح ضد الناس ورجال الأمن من قوات الجيش والشرطة وخرجوا على جماعةِ المُسلمين، وقتلوا الأنفُس المعصومَةِ، وهم قائمون حارسون لأمن وحدود بلادهم. وردا على فتاوى التكفيريين أكد علماء الأزهر الشريف، أن جميع الدول الإسلامية ديار إسلام، وأنه لا يصح شرعا إطلاق وصف الكفر على أى دولة إسلامية، حتى لو حدثت فيها بعض المخالفات للشريعة الإسلامية، وأوضح العلماء أنه فى جميع العصور كان هناك الفساق الذين يخالفون تعاليم الشريعة، ولم يحكم أى من الفقهاء القدماء بأن البلاد تحولت إلى ديار كفر، وأن الحالة الوحيدة التى يحكم فيها بتحول البلاد إلى ديار كفر، عندما يرتد جميع السكان فيها عن الإسلام.وأوضح العلماء أن الجماعات التكفيرية فئة ضالة مضلة، لا تعرف دينا ولا خلقا، وتقتل وتخرب وتستبيح الدماء باسم الإسلام، وان الإسلام بريء من أفعالهم، لأن حفظ الدماء والأعراض والأموال من مقاصد الشريعة الإسلامية، والتى حرمت قتل أى نفس، وهؤلاء المارقون يخربون ويدمرون فى البلاد الإسلامية التى تنفق الملايين على عمارة بيوت الله عز وجل، وتكريم حفظة القرآن الكريم ونشر العلوم الإسلامية. مكانة الجندية فى الإسلام وقال الدكتور الأحمدى أبو النور وزير الأوقاف الأسبق، إن كل معالم الإسلام واضحة على أن هؤلاء الجنود يدافعون عن استقرار الوطن، ويكفى أنهم مرابطون لحفظ الأمن ومواجهة الأعداء، ولا يجوز مطلقا أن نكفر مسلما يؤدى شعائر الإسلام، وهؤلاء الجنود يسهرون على حفظ حدود الدولة وتحقيق الأمن والاستقرار فى الداخل، ولابد أن نقدم لهم كل ما يعينهم على أداء مهامهم، لأن جنود الجيش والشرطة يقدمون أنفسهم وأموالهم فى سبيل حفظ الأمن وحماية الدولة، فمن يدافعون عن أمننا هم أبطال بواسل تظهر عليهم كل معالم الإسلام، وينبغى أن نسأل الله عز وجل أن يحرسهم ويرعاهم، فهؤلاء الجنود الأبطال باعوا أنفسهم لله عز وجل، كما قال تعالى «إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِى سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقّاً فِى التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِى بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ » . وفى السياق نفسه قال الدكتور رأفت عثمان عضو هيئة كبار العلماء، إن الجندية فى مصر عريقة والقوة المحمودة هى التى تكون دائما سندا للحقوق، بعيدا عن أن تتخذ سندا للاعتداء على الغير، ولهذا فكل جندى يدافع عن الدولة، فهو يدافع عن الحق وعن شرف الأمة، وليس هناك أغلى وأعز من أن يعرض الإنسان نفسه للموت، فى سبيل الحق، ولهذا فجيش مصر جدير بالدعاء له بالنصر فى معاركه التى يخوضها الآن، ضد خوارج العصر الذين يكفرون الأمة ويستبيحون دماء من لا يوافقهم على فكرهم الشاذ البعيد عن كل معنى إسلامى صحيح، فهؤلاء الجنود الذين يدافعون عن الحق، يستحقون الدعاء بالنصر فى هذه المعارك، لأنهم يدافعون عن شرف الأمة ويحققون الأمن والاستقرار للوطن . لا تكفير بالذنوب ويؤكد الدكتور رأفت عثمان أنه لا يصح شرعا إطلاق وصف الكفر على أى دولة إسلامية، حتى لو حدثت فيها بعض المخالفات، التى لا تصل إلى حد الردة عن الإسلام من جميع السكان، ويؤيد هذا أمران: الأول أن من الأصول التى يقول بها أهل السنة ونحن منهم، إنه لا تكفير بالذنوب غير الشرك بالله تعالي، فالمؤمن لا يحكم بكفره، إذا ارتكب بعض الذنوب ولو كانت كبيرة كالزنا والسرقة وشرب الخمر، وفى هذه الحالات يكون فاسقا لا كافرا، الأمر الثانى أن الإسلام يعلو ولا يعلى عليه. دار إسلام ويضيف أنه وعلى هذا فلا يجوز الحكم بتحول أى دار إسلام إلى دار كفر، لوجود مخالفات من سكانها لأحكام الشرع، سواء كانوا حكاما أو محكومين، إلا إذا ارتد جميع سكانها عن الإسلام، تصير بهذا دار كفر، فوجود المخالفات التى لا تصل لحد الكفر من الجميع، لا تصلح مبررا للحكم بتحولها من دار إسلام إلى دار كفر، والفساق موجودون فى كل عصر، وعصور الفقهاء القدماء كما فى سائر العصور، كان فيها الفسقة حتى من بعض حكامهم المسلمين، وأبو حنيفة رضى الله عنه عاصر كلا من الدولة الأموية والعباسية، وهاتان الدولتان لا يصح لأحد أن يدعى أنهما كانتا خاليتين من الفساق، وقد كانوا كثيرين فيهما، بل إن أبا حنيفة نفسه لحقه من اضطهاد الحكام نصيب، عندما امتنع عن قبول منصب القاضي، ومع وجود المخالفات لأحكام الشرع من كثيرين فى عصور الفقهاء القدماء، فلم يثيروا سؤالا بينهم، هل دارهم تحولت لدار كفر؟، وإنما السؤال الذى أثاروه كما يظهر من كلامهم فى هذه القضية، هو متى يحكم بتحول دار الإسلام التى استولى عليها الكافرون إلى دار كفر؟، وعلى هذا فالدول الإسلامية كلها الآن ديار إسلام لا يصح أن يحكم بأن إحداها تحولت إلى دار كفر. التكفير جريمة كبري وفى سياق متصل يقول الدكتور طه أبو كريشة عضو هيئة كبار العلماء، إنه لا يصح لأحد أن يكفر مسلما أعلن شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وقد أنذر النبى صلى الله عليه وسلم من يصنع ذلك، بأنه من كفر مسلما فقد باء بها أحدهما، بمعنى أنه ما دام الشخص الذى وقع عليه التكفير، ليس كافرا فى الواقع، فإن هذا التكفير يعود على من نطق به نحو أخيه المسلم، ومن هنا فإنه على كل من يستبيح لنفسه أن يكفر أخاه المسلم، أن يتذكر جيدا هذا الإنذار النبوي، حتى لا يكون قد تسبب فى إخراج نفسه بنفسه من دائرة الإيمان إلى دائرة الكفر، واتهام الغير بأنه كافر تترتب عليه نتائج خطيرة، يأتى فى مقدمتها استباحة دمه، وهذا جرم كبير، لا يمكن أن يكون فى تعاليم الإسلام، وإنما هو أمر معارض لكل توجيهات الإسلام، فيما يتعلق بالعلاقات الإنسانية المتبادلة بين المسلمين. مشيرا إلى أن تلك العلاقات تحافظ على دم المسلم وعرضه وماله، كما قال الرسول الكريم فى الحديث الشريف «كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه»، وكلمة العرض هنا شاملة لكل ما يتعلق بعقيدة المسلم، وبسمعته التى يجب أن تصان من أى اتهام، وهذا يتعارض مع أفعال هؤلاء الذين استباحوا دماء المسلمين وأعراضهم وأموالهم، لأن الإسلام وضع القواعد التى تنظم العلاقات بين المسلم والمسلم، وبين المسلم وغير المسلم من أصحاب الديانات الأخري، بحيث يجب أن يشعر الجميع بأنهم آمنون فى كل زمان ومكان، وتلك هى رسالة الإسلام التى تكون بمثابة الإعلان عن مبادئه الأساسية، التى تكون أحسن دعاية لهذا الدين، ومن واجب المسلمين جميعا أن يحسنوا الدعاية لدينهم من خلال السلوك الإيمانى الرشيد، وليس من خلال السلوك الذى يتعارض مع مبادئه. خطة متكاملة للمواجهة من جانبه طالب الدكتور علوى أمين، أستاذ الفقه بجامعة الأزهر، بضرورة وجود خطة متكاملة لمواجهة الإرهاب، لأن دور الأزهر والأوقاف وحده لا يكفي، فالتوعية الدينية هى خط دفاع أول، لكن لابد أن تكون هناك خطوط دفاع أخري، تقوم بدور فعال فى المواجهة، فالتوعية السياسية ومواجهة الفقر أمر مهم عند الحديث عن هذه القضية، والأحزاب السياسية دورها غائب تماما، وكذلك لابد أن يكون هناك دور لوسائل الإعلام ووزارة الثقافة والجامعات والمؤسسات المعنية، لأن الفكر السياسى الخاطئ أحد أسباب التكفير، مطالبا بضرورة أن نفرق دائما بين التشدد والتدين، عند تناول هذه القضية، لأن أفعال هذه الجماعات تتناقض مع تعاليم الإسلام. .. والقصاص العاجل .. هو الحل طالب علماء الدين بسرعة تطبيق القانون والقصاص العاجل من الإرهابيين الذين يقتلون باسم الدين، مؤكدين أنهم خوارج العصر وفئة ضالة غاشمة، يسعون فى الأرض فسادا، ولا بديل سوى أن تقوم الدولة بالضرب بيد من حديد للقضاء عليهم. وأكد العلماء أن زمن الحديث عن المبادرات والمراجعات والحوار ولى وانتهي، ولابد أن تقوم الدولة بالمواجهة بكل قسوة وشدة، وضرورة تحويل هذه الجرائم للقضاء العسكري، وتنفيذ الأحكام فى الميادين العامة، ليكون هؤلاء عبرة لغيرهم، لأن مصر اليوم فى حالة حرب، وهذا يتطلب حماية الوطن والحفاظ على الدولة بكل الوسائل الممكنة. وقال المفكر الإسلامى الدكتور محمد كمال إمام أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الإسكندرية، إنه لابد أن نفرق بين أمرين، الأول حالة الاحتقان الموجودة فى الشارع المصري، بعد هذه الأحداث الأليمة، وهذه لابد من مساحة حوار للوصول إلى قواسم مشتركة، الأصل فيها حماية الوطن ومقدراته والحفاظ على الدولة، الأمر الثانى ما يتعلق بهذه الهجمات الإرهابية التى تصيب الآمنين من الناس، وتصيب أبناءنا الذين يرابطون على الحدود دفاعا عن الوطن، وهؤلاء الذين يقومون بهذه الجرائم الإرهابية، لابد أن يقتص منهم، ولا تترك هذه الجرائم دون قصاص، لأن بقاء الذين يقومون بهذه الجرائم يمثل هدما للدولة، واعتداء على الوطن والدين، ولابد أن نقابلهم بمنتهى الشدة والقوة. وأكد الدكتور حامد أبو طالب عضو مجمع البحوث الإسلامية، أن تصاعد العمليات الإرهابية يستدعى وقفة من الشعب المصرى فى وجه هؤلاء الغاشمين الضالين المضلين، وعلينا جميعا أن نفكر فى أخذ الحق من هؤلاء، وردهم إلى جحورهم التى يعيشون فيها فى الظلام مع بعضهم، ومع من أضلوهم ومن يضلونهم، ولا مكان الآن للحوار أو النقاش أو المواجهة بالفكر مع هؤلاء المجرمين، أو التفاهم معهم أو إرشادهم إلى الطريق الصحيح، لأنهم ضلوا طريقهم وتجاوزوا فى ضلالهم، ولا أمل فى أن يعودوا إلى الطريق الصحيح، أو أن يتوقفوا عن القيام بهذه الجرائم، فالقصاص العاجل أمر واجب .