اليوم.. الأوقاف تفتتح 16 مسجدًا بالمحافظات    أسعار اللحوم والدواجن اليوم 11 أكتوبر بسوق العبور    اليوم.. قطع المياه لمدة 7 ساعات عن عدد من مناطق الجيزة    فلسطين.. إصابات جراء قصف طائرات الاحتلال منزلًا في جباليا شمال قطاع غزة    حار نهاراً والعظمى في القاهرة 32.. حالة الطقس اليوم    حبس المتهمين بسرقة المساكن بالشروق    إصابة 5 أشخاص في انقلاب سيارة ميكروباص بكفر الشيخ    انتشال جثة سائق لودر سقطت عليه صخور جبلية أثناء عمله في قنا    ميوزك أورد وجينيس وفوربس.. أبرز 20 جائزة حققها الهضبة طوال مشواره    إيمان العاصي تكشف رد فعل ماجد الكدواني بعد مشاهدة حلقات «برغم القانون»    اختللاط أنساب.. سعاد صالح تحذر المواطنين من أمر خطير يحدث بالقرى    علي جمعة يكشف شروط الصلاة على النبي    تنزانيا تسجل أول إصابة بجدري القردة    محمد رشوان: ذكر اسم بنتايك في أزمة المنشطات دون دليل يندرج تحت بند السب والقذف    لدينا «صلاح ومرموش».. ربيع ياسين: «المنتخبات الموجودة بتترعب من منتخب مصر»    «متعملش زي حسين لبيب».. رسالة مثيرة من إبراهيم سعيد ل أحمد بلال لهذا السبب    الخارجية الأمريكية: نؤيد الهجوم الإسرائيلي المحدود ضد حزب الله    لبنان يؤكد استعداده للحل الدبلوماسي وتسهيل مهمة الوسيطين الأمريكي والفرنسي    منتخب البرازيل يخطف فوزا ثمينا من تشيلي في تصفيات كأس العالم    الخارجية الأمريكية: الهجمات الإيرانية تستحق الرد.. وجاهزون للدفاع عن إسرائيل    أحمد السجيني: تعديلات في قانون البناء لحل مشكلة الإحلال والتجديد    نهى عابدين: أنا تركيبة صعبة ومش سهل أي حد يتعامل معايا وثقتي في الآخرين صفر (فيديو)    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية اليوم الجمعة 11 أكتوبر 2024    عاجل - الاحتلال يقتحم مدينتي يطا وقلقيلية في الضفة الغربية    عدوان جديد في قلب بيروت و22 شهيدا وحزب الله يتصدى ل8 عمليات تسلل للاحتلال    بعد تغييرها.. تعرف على سبب تعديل مواعيد مترو الأنفاق 2024    هؤلاء معرضون للحبس والعزل.. تحذير عاجل من نقيب المأذونين    وفاة سيدة حزنًا على ابنها بعد 24 ساعة من دفنه في الإسماعيلية    القبض على معلمة تشاجرت مع طالبات داخل إحدى المدارس بحلوان    أوقاف شمال سيناء تنظم ندوات ضمن المبادرة الرئاسية «بداية جديدة لبناء الإنسان»    الأوقاف تعقد «لقاء الجمعة للأطفال» في 27 مسجدًا    الجرام يتخطى 4000 جنيه.. أسعار الذهب والسبائك اليوم بالصاغة بعد الارتفاع الجديد    هاشتاج دار الأوبرا المصرية يتصدر منصة X قبل افتتاح مهرجان الموسيقى العربية    بعد تصدرها الترند.. حكاية تعارف وخطوبة مريم الخشت وأحمد أباظة| صور    خذ قسطا من الراحة.. برج الجدي حظك اليوم الجمعة 11 أكتوبر 2024    «راجع نفسك».. رسائل نارية من رضا عبد العال ل حسام حسن    صاعقة في ويمبلي.. اليونان تهزم إنجلترا في الوقت القاتل    دار الإفتاء تحذر من التحايل لاستعمال سيارات ذوي الإعاقة    دعاء الفجر مكتوب مستجاب.. 10 أدعية تجلب الخير والرزق وتزيل الهموم    هشام حنفي: مباراة موريتانيا في متناول منتخب مصر وتصريحات حسام حسن تثير الجدل    «يخرج الحى من الميت».. إنقاذ طفل من رحم والدته بعد وفاتها في أسيوط    لو بتعاني منه في بيتك.. 5 طرق للتخلص من بق الفراش    روفكون الفائز بنوبل فى الطب لتليفزيون اليوم السابع: اكتشافى سيفيد ملايين البشر    هالاند الهداف التاريخي لمنتخب النرويج فى الفوز على سلوفينيا بدورى الأمم    قراءة سورة الكهف يوم الجمعة: دروسٌ في الإيمان والثبات على الحق    عضو بالتصديري للحاصلات الزراعية يطالب بخطوات جريئة لمساندة القطاع الصناعي    مصطفى بكري يكشف تفاصيل زيارة رئيس الوزراء للأقصر اليوم    سياسيون: زيارة الرئيس السيسي لإريتريا خطوة محورية لتعزيز الأمن والاستقرار    وزير الصحة: إيزيس التخصصي يوفر 28 سريرًا و26 ماكينة غسيل كلوي لدعم صحة المرأة في جنوب الصعيد    متحدث التعليم: تطوير نظام التقييم ليصبح أكثر شمولية وتركيزًا على المهارات والقدرات    التنمية المحلية: رصف وتطوير طرق شمال سيناء بتكلفة 1.2 مليار جنيه    أصعب نهار على «ميدو».. «النقض» ترفض دعواه وتلزمه بدفع 8.5 مليون جنيه لقناة النهار    وكيل بنتايك: لا نفهم سر الحملة الدائرة حول تعاطي اللاعب للمنشطات.. وسنتخذ الإجراءات القانونية    محمود فوزى بندوة التنسيقية: الرئيس السيسى موقفه واضح إزاء القضية الفلسطينية    أخبار × 24 ساعة.. بدء التشغيل التجريبى للمتحف المصرى الكبير الأربعاء المقبل    محمد أمين: السادات كان يدرك منذ البداية ما يحتاجه من الحرب    وزير التعليم العالي والبحث العلمي يتفقد المشروعات الإنشائية بجامعة الأقصر (صور)    محافظ شمال سيناء يشهد إحتفال مديرية التربية والتعليم بذكري انتصارات أكتوبر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كيف هان عليها ضناها؟
نشر في الأهرام اليومي يوم 19 - 09 - 2014

فى لحظة زمان غبية.. عصية.. غادرة.. ساخرة.. جفت من هولها الحلوق.. وانبح صوت الحق.. ودمعت عيون المها فى الوديان والغيطان.. وخلعت الإبل.. وتوقف تسبيح ملائكة العرش من هول ما جرى وما كان.. فقد انقلب ميزان الحق والعدل وتمزقت صفحات الرحمة من كتاب الخليقة..
وتقطعت أوتار الحب.. من أوركسترا الحياة، وتوقفت عصافير الجنة عن شدوها وزقزقتها فوق الأغصان.. وابتسم الشيطان.. وقفز فى الهواء مرحا وغبطة.. وقال لإخوانه واخواته من رفاق الشر فى البر والبحر: هذا هو يوم فرحى وسعدى.. فقد تنكرت أم لأمومتها.. وتحولت فى لحظة زمان غادرة آسرة.. وربما فى غفلة من الزمان نفسه.. إلى قاتل فى ثوب إنسان.. ليقتل من؟ ويسيل دم من؟
تصوروا معى.. إنه دم أحب الناس وأعز الناس.. حبات القلوب وحنايا الصدور..
هنا يتحول الحنان إلى غدر.. هنا ينقلب الحب إلى غدر ودم وموت..
ما الذى حدث أيها السادة؟
ماذا جرى.. وماذا كان؟
لقد أمسكت أم بصغيرتيها.. بنت فى الرابعة من عمرها واختها لم تكمل السنة اwلثانية من سنوات عمرها بعد.. وذبحتهما ذبح الشاة حتى الموت.. ليهتز عرش السماء.. وتقطع الإبل فى الصحارى أوتارها.. وتنطلق على غير هدى ضاربة فى البيداء والصحارى.. بعيدا عن دنيا الإنسان.. بعد أن جاء عليه زمان أصبحت فيه الأمهات يقتلن صغارهن.. وتسألون، وهذا حقكم وحقنا عليكم: لماذا تقتل الأم صغيرتها.. والقطط والضباع والأسود الضارية تحمل صغارها عند الخطر وتطير بها إلى حضن آمن.. حتى القطط أيها السادة.. يا بنى الإنسان أو يا من بقى من بنى الإنسان تحمل صغيرتها فى فمها وتقفز بها فوق سبع حيطان.. كما شاهدت أنا صغيرا.. وكما شاهدت من قبل عبر التاريخ الإنسانى المكتوب.. لتنجو بها من الخطر.. ليجىء زمان غادر.. أغبر.. أسود من ليل الأرامل.. تقتل فيه الأمهات أطفالهن دون رحمة.. وقد عشنا بكل آسف وبكل أسى حتى نشاهد ونتجرع مأساة الأمهات اللاتى يذبحن فيه دون رحمة حتى الموت فلذات الأكباد وحنايا الصدور.. واحزنى يا كل أمهات الأرض!
.....................
....................
أضنانى زمانى وأبكانى.. حتى أعيش لكى أشاهد وأحيا أياما تقتل فيه الأمهات الضنا..
كيف هانت عليها ضناها.. قرة عينها.. من حملتها فى بطنها اشهرا.. تذبحها بسكين وبدم بارد حتى الموت؟
هذا هو سؤال الساعة.. من يجيب عنه.. من عنده الجواب فليتفضل.. وإن كنت أشك كثيرا فى أن يجيئنى إن عاجلا أو آجلا هذا الجواب!
ومن يفسر لنا كيف ينقلب الإنسان إلى وحش فى غابة.. بل إن وحوش الغابة لا تفعل ما يفعله الإنسان؟
وكيف تتحول الأمهات فى لحظة زمان غريبة وغبية وغادرة.. نعم غبية وغادرة.. إلى قاتلات لمن.. يا للهول.. لفلذات الأكباد وحنايا الصدور؟
لقد فتحت دفتر أحوال هذه الأم القاتلة.. فماذا وجدت؟
هى أم لطفلتين.. ودائمة الشجار مع زوجها التى تقول إنه لا يصرف عليها وعلى طفلتيها.. بسبب ضيق ذات اليد.. وإنه لا يحيطها بما يكفى لإعاشتها وإعاشة طفلتيها.. وأصبح الشجار عادة وموالا دائما بينهما هى وزوجها.. وكثيرا ما تركت له البيت وذهبت بطفلتيهما.. الكبرى 4 سنوات والصغرى سنتين. إلى بيت أمها.. لتمضى شهورا بعيدا عن «بوز الإخص».. كما كانت تسمى زوجها.. الفقير الذى لا يستطيع أن يصرف عليها هى وطفلتاها.. ولكن حدث فى شهر رمضان أن تدخل الأهل والأقارب والجيران للصلح بينهما.. وقالوا لها: ارجعى إلى بيتك أيام الشهر الفضيل.. فرجعت هى وطفلتيها.. ولكن الحال استمر ولم يتغير.. الزوج وقد عضه الفقر بنابه.. لم يستطع أن يكمل المشوار.. وعادت المشاجرات بينهما من الصبح للمساء.. ومن المساء حتى الصباح.. والسبب كما قيل مصروف البيت اللعين.. وطلبات الزوجة والصغيرتين..
.......................
.......................
وهلت ليلة ليلاء فاض بالزوجة خلالها الكيل وهداها شيطان الإثم والضلالة.. أن تتخلص من ابنتيها أولا.. ثم تنتحر.. حتى لا يأخذ زوجها منها ابنتيها بالطلاق.. هكذا وسوس لها شيطانها..
وحسب أقوالها هى فى محضر التحقيق.. فقد قامت بذبح الطفلتين بدم بارد.. كأنهما فراخ الجمعية.. ثم دست السكين التى قتلت بها طفلتيها فى صدرها.. ثم استغاثت بالجيران: الحقونا.. اقتحموا علينا الشقة وضربونى بالسكين وذبحوا ابنتى.. لكى يسرقوا ما عندنا..
وجاء البواب ومن خلفه كل سكان المنزل.. ليجدوها غارقة فى دمائها.. وطفلتيها تسبحان فى بركة من الدم!
وحملوها مع طفلتيها إلى أقرب مستشفى.. لتنجو هى.. فقد قطعت السكين التى طعنت به نفسها أحبالها الصوتية ولم توصلها إلى عتبة الموت..
أما طفلتاها فقد صعدت روحهما إلى بارئهما وسط سحابات من علامة استفهام وتعجب على وجه الملائكة.. وحقيقة كئيبة لطلقة الرصاص تقول: الأم هنا هى القاتلة!
أصحو وحدى على حقيقة واحدة ساطعة كشمس الظهيرة.. حقيقة تقول: الفقر وحده لم يكن أبدا.. ولن يكون سببا فى أى زمان ومكان فى ذبح أم لطفلتيها الصغيرتين.. قولوا أى شىء إلا ذبح البراءة.. بيد الأمهات!
...................
...................
قالوا لى: يا عمنا.. أنت تتحامل على هذه الأم التى ضاقت بها سبل الحياة، فلم تجد إلا قتل طفلتيها ثم اللحاق بهما إلى السماء بالانتحار.. وعندنا الآن عشرات الزوجات اللاتى يقتلن أزواجهن من أجل عشاقهن.. وتلك التى قتلت جدتها لأمها بسكين المطبخ حتى يخلو لها الجو مع ابن الجيران!
وتلك التى ألقت بأمها من باب القطار فى الزقازيق وهو مسرع لتلقى حتفها تحت عجلاته.. لمجرد أنها منعتها من الذهاب إلى عشيقها فى منزله!
يا سنة سودة يا أولاد..
اسمع تريدكم فى سمعى ردا على جريمة الأمهات قاتلات فلذات الأكباد.. والزوجات الخائنات القاتلات لأزواجهن وما أكثرهن فى هذا الزمان الأغبر سحنته.. ومعهن هؤلاء الآباء التى نزعت من قلوبهم الرحمة.. فقتلوا أولادهم كيدا فى زوجة نكدية أو زوجة عصبية، أو حتى زوجة خائنة للعهد وعقد الله!
لقد نسينا قول الحق عز وجل: «ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم».. صدق الله العظيم..
.................
.................
لقد قلبت فى دفاتر الحق والصدق والإيمان عند أجدادنا القدماء العظام الذين أقاموا أعظم حضارة فى الوجود.. أبحث عن أى خروج عن النص فى حياة الزوجة المصرية والأم المصرية، وكيف كان عقاب الأجداد العظام.. لأى خروج عن النص والتشريع.. وأى شطط كان.. فوجدت عجبا:
فى شريعة عمنا حامورابى فى عراق ما بين النهرين.. أيام مجده العظيم الذى سبق الحضارة المصرية كان جزاء خيانة الزوجة أو الزوج الإلقاء حيا مربوطا بالحبال فى نهر دجلة.. حتى الموت.. تصوروا..
أما فى مصر العظيمة.. أسمعكم تهمسون وتسألون.. فقد كانت عقوبة الزوجة الخائنة «جدع الأنف» يعنى قطع القطعة الأمامية التى فيها المنخارين بحد السيف!
وطبعا كانت المرأة الخائنة لا تستطيع المشى فى الطريق والظهور بين الناس.. لأنهم سوف يعرفون على الفور أنها المرأة التى خانت زوجها!
أسمعكم تسألون: طيب والأم التى تقتل أطفالها عمدا؟
وفى شريعة زراديشت فيلسوف الفرس ومبعوثهم ورسول كلمتهم يوم الحساب العظيم.. نقرأ معا كيف يكون عقاب الأم الخاطئة التى تقتل أطفالها.
يقول زراديشت بالحرف الواحد:
الأم التى تقتل أطفالها خنقا أو ذبحا أو جوعا أو حبسا داخل جدران بيت بلا طعام وبلا ماء حتى الموت.. جزاؤها النار تلقى إليها حية حتى تفنى وتتحول إلى دخان أسود كريه ورمال وتراب.. فليس هناك خطيئة تدنس عرش السماء أفظع ولا أسوأ من خطيئة أم خلعت رداء الرحمة ولبست ثوب الخداع والموت لصغارها الذين تركهم الإله الأعظم أمانة فى عنقها وفى حضنها وفى «نن» عينيها..
عمنا زراديشت هذا قال هذا الكلام قبل نحو عشرين قرنا من الزمان..
وعمنا حامورابى المشرع العظيم الذى عاش فى بلاد ما بين النهرين قبل نحو أربعين قرنا من الزمان.. واجدادنا العظام قالوا كلاما واصدروا أحكاما مماثلة على الأم الخاطئة..
بل انهم اضافوا: ليكشف الأطباء على القوى العقلية لأى أم خاطئة تتخلص من أطفالها بقتلهن.. مهما تكن الأسباب والدوافع.. فهل نفعل نحن ما فعله الأجداد؟
فى شريعة عمنا أمينوبى العظيم فيلسوف الحضارة المصرية أيام عزها ومجدها الذى زلزال الأرض زلزالها.. كانت هذه المرأة الخاطئة إما أن تدفن حية، أو يلقى بها للتماسيح الجائعة فى مياه النيل!
نحن حقا نعيش زمانا مجنونا .. مجنونا... مجنونا.. وهل هناك زمان اكثر جنونا من زمان.. تقتل فيه الأمهات أطفالهن..
يارب اللهم .ارفع مقتك وغضبك عنا.. اللهم آمين..{
لمزيد من مقالات عزت السعدنى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.