«فودافون» تعلن سبب وموعد انتهاء أزمة نفاد الرصيد    أسعار اللحوم اليوم الاثنين 23-9-2024 في الأسواق ومحال الجزارة بقنا    الآن.. سعر الجنيه الذهب اليوم الاثنين 23-9-2024 في محافظة قنا    هل سيرتفع سعر الخبز السياحي بعد زيادة أسعار الأنابيب    الأخبار العاجلة وأهم الأحداث الدولية فى تغطية إخبارية لليوم السابع.. فيديو    فصائل المقاومة العراقية تستهدف قاعدة إسرائيلية بطائرات مسيرة    استشهاد 4 أطفال ووالدتهم في قصف إسرائيلي على منزل بدير البلح    جيش الاحتلال يشن غارات على أطراف بلدتى زيقين وباطر فى جنوب لبنان    جوميز يطيح بنجم الزمالك بعد السوبر الأفريقي.. مدحت شلبي يكشف التفاصيل    حالة الطقس اليوم الاثنين 23-9-2024 في محافظة قنا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 23-9-2024    تشكيل النصر المتوقع أمام الحزم في كأس الملك.. من بديل رونالدو؟    ألمانيا.. حزب أولاف شولتس يفوز في انتخابات ولاية براندنبورج    ماكرون يدعو إلى إعادة التفكير في "العلاقة مع روسيا"    شعبة الأدوية: الإنسولين المستورد متوفر في كل الصيدليات.. ومعظم النواقص أصبحت موجودة    إيمي سمير غانم تتعرض ل أزمة صحية مفاجئة.. ما القصة؟    أمريكا تحذر إسرائيل من دخول حرب شاملة مع حزب الله    اليوم.. حفل توزيع جوائز مسابقة هيكل للصحافة العربية لعام 2024    تكثيف البحث عن شقيق اللاعب عمرو ذكي بعد تعديه على حارس عقار بالمنصورة    ثمانية أيام راحة للاعبي المصري والفريق يستأنف تدريباته في الأول من أكتوبر المقبل    وفاة اللواء رؤوف السيد رئيس "الحركة الوطنية".. والحزب: "كان قائدًا وطنيًا"    نائب رئيس الوزراء يكشف حقيقة ما تم تداوله بشأن الحالات المرضية في أسوان    المهندس عبد الصادق الشوربجى: صحافة قوية فى مواجهة التحديات    طلب جديد لإيقاف القيد.. محامي حسام حسن يكشف تفاصيل صادمة بشأن أزمة المصري    أطفال التوحد خارج مقاعد الدراسة..والأصحاء مكدسين فوق بعض بمدارس "المزور"    بدء تشغيل شادر نجع حمادي الجديد في قنا بتكلفة 40 مليون جنيه    تموين الفيوم تشن حملات مكبرة على أسواق القرى والمراكز    ملف يلا كورة.. منافس الأهلي.. مدرب المنتخب.. وموعد قرعة دوري الأبطال    أول تعليق من سامو زين بعد تعرضه لوعكة صحية    عرض «كاسبر» يناقش القضية الفلسطينية في مهرجان الإسكندرية المسرحي الدولي ال14    "بالتوفيق يا فليبو".. صلاح يوجه رسالة لأحمد فتحي بعد اعتزاله    وفاة اللواء رؤوف السيد رئيس حزب الحركة الوطنية    رئيس غرفة صناعة الدواء: كل الأدوية تحتاج تعديل أسعارها بعد تعويم الجنيه    شعبة الأدوية توضح كيفية الحصول على الدواء الناقص بالأسواق    رانيا يوسف: فيلم التاروت لم يكن يوما ممنوعا.. وحصل على موافقة الرقابة    رامي صبري يطرح أغنية «أهلي أهلي» تتر «تيتا زوزو» بطولة إسعاد يونس (فيديو)    «مراتي بقت خطيبتي».. أحمد سعد يعلق على عودته ل علياء بسيوني (تفاصيل)    «بسبب علامة غريبة على وجه ابنته».. زوج يتخلص من زوجته لشكه في سلوكها بمنطقة بدر    «البحوث الزراعية» تكشف أسباب ارتفاع أسعار الطماطم والبطاطس (فيديو)    القبض على شخص قاد سيارته داخل مياه البحر في دهب    ارتفاع درجات الحرارة وأمطار.. الأرصاد تكشف تفاصيل طقس اليوم الإثنين    وفاة والد الإعلامي أحمد عبدون    الأزهر يُعلن تكفله بكافة مصروفات الدراسة للطلاب الفلسطينيين بمصر    ملف رياضة مصراوي.. قميص الزمالك الجديد.. مدرب منتخب مصر للشباب.. منافس الأهلي في إنتركونتيننتال    ماذا سيعلن وزير الصحة من مؤتمره الصحفى بأسوان اليوم؟.. تفاصيل    انتداب المعمل الجنائي لفحص آثار حريق منزل بالجيزة    رسميا بعد الارتفاع.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الإثنين 23 سبتمبر 2024    ميلان يحسم ديربي الغضب بفوز قاتل على الإنتر    بعدما سجل سعر الكرتونة 190 جنيها.. «بيض السمان» بديلا عن الدواجن    محمد عدوية وحمادة الليثي.. نجوم الفن الشعبي يقدمون واجب العزاء في نجل إسماعيل الليثي    وكيل «صحة الشرقية» يجتمع بمديري المستشفيات لمناقشة خطط العمل    هل يجوز قضاء الصلوات الفائتة جماعة مع زوجي؟.. سيدة تسأل والإفتاء تجيب    بالصور .. الأنبا مقار يشارك بمؤتمر السلام العالمي في فرنسا    محمود سعد: الصوفية ليست حكراً على "التيجانية" وتعميم العقاب ظلم    بالفيديو.. خالد الجندي يرد على منكرى "حياة النبي فى قبره" بمفأجاة من دار الإفتاء    كيف تُحقِّق "التعليم" الانضباطَ المدرسي في 2024- 2025؟    الجامع الأزهر يتدبر معاني سورة الشرح بلغة الإشارة    اللهم آمين | دعاء فك الكرب وسعة الرزق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفنان التشكيلي عصمت داوستاشي‏:‏
تهميش الإسكندرية جعلها معقلا للسلفية‏!‏

هو حالة تشكلت عبر العديد من التجارب المتباينة‏..‏ عالم امتزجت فيه الألوان والرموز والصور في اتساق يعكس أفكار فنان مهموم بالبشر من حوله وبالسياسة بقدر ما تمس هؤلاء البشر. في أعماله حالة من التصوف الديني اكتسبها بفضل نشأته في حي بحري بإطلالته علي ساحة سيدي المرسي أبو العباس والإمام البوصيري ومواكب الطرق الصوفية وموالد الأولياء. ثم من خلال زياراته المتعددة إلي مغارة الطريقة البكتاشية بالمقطم تلك الطريقة الصوفية التركية الشيعية والتي كاد أن يكون أحد دراويشها وبرغم أنه رفض ذلك. إلا أنه ظل متأثرا بها في أعماله الفنية وفي رغبته الدائمة أن يمارس طقوسه الإبداعية في تكية خاصة به. لكنها تكية بلا دراويش... وبالقدر الذي أثرت فيه حياته في بحري بالإسكندرية تأثر بجذوره الكريتية حيث تنتمي أسرته إلي جزيرة كريت اليونانية واستقرت في الإسكندرية حيث ولد عصمت حاملا اسم عصمت اينونو رئيس وزراء تركيا في عهد كمال أتاتورك. أما داوستاشي فهو الاسم الشعبي للقب جده التكريتي داوستاكي وقد اتخذه اسما فنيا لازمه حتي الآن. وهو يعتبر أن الحظ حالفه أن ولد في هذه التركيبة البحر أبيض متوسطية بأن تمتد جذوره إلي مصر وكريت وهما من أعرق الحضارات الإنسانية وأن يكون ميلاده ومماته علي حد تعبيره في الإسكندرية أجمل مدن العالم.
في سطور حياته رائحة بحري وحلقة الأسماك وعروض خيال الظل في حارة اليهود وترام الإسكندرية وصيد السمك في السيالة وفيها صورة فنار الإسكندرية وجزيرة رأس التين وصوت الآذان من مسجد أبو العباس.. إنها الإسكندرية التي ظل يعيش بها كالراهب في محرابه لا يستطيع فراقها رغم ترحاله في كل بقاع الأرض.
ما بين حياتك الأولي في بيت جدتك خديجة شبرا هانم التي كانت تحدثك بالكريتلية ووجودك في حي بحري بين أولاد البلد والذي ظللت به حتي سن الحادية عشرة ثم حياتك مع والدتك التي خبرت معها الحياة علي الطريقة المصرية.. امتزاج بين أصولك الكريتية والمصرية.. كيف صاغ شخصية عصمت داوستاشي الفنية ؟
ما بين أصول أسرة والدي الكريتلية وأصول أسرة والدتي المصرية الرشيدية أصبحت إسكندراني مصري صميم والمعروف أن أهل الإسكندرية أقرب ما يكونون إلي ثقافة البحر أبيض المتوسط عن غيرهم.. تماما كما أن أهل أسوان أقرب إلي ثقافة أفريقيا عنها من أوروبا. إسكندرية طول عمرها في العصور القديمة والحديثة سكانها خليط من اليونانيين والرومانيين والأتراك والشوام والألبان وكل الجنسيات.. هذا ما كون شخصيتي ونسيجي الفني.. وأنا لم أر كريت في حياتي لكني عشت في الإسكندرية وكان حي بحري تحديدا الرحم الثاني الذي أنجبني وأثر علي فنيا وستجدين في الإسكندرية الكثيرين من ذوي الأصول الكريتية أو الإيطالية أو غيرهم. وقد كان الفنان حسين بيكار من أصول كريتلية مثلي لكننا جميعا إسكندرانية بمعني الكلمة. فالإسكندرية في القرن التاسع عشر كانت مدينة عالمية.
هل هذا يفسر الزخم الفني الذي تمتعت به الإسكندرية طوال عصورها وتجلي في تنوع ألوان الفن بها وكثرة الفنانين الذين خرجوا من رحمها ؟
طبعا فالإسكندرية كانت مفتوحة علي العالم وعلي حضارات البحر المتوسطية. ووجود البحر كأفق مفتوح أمام أهل الإسكندرية ولد لديهم الحس الإبداعي والشعري مما جعل الفنان السكندري أكثر ميلا للتجريب والتجريد وفي حركة دائمة شأن موج البحر الصاخب تارة والهادئ تارة أخري. وقد انتشرت بالإسكندرية منذ أوائل القرن الماضي محلات الرسامين والخطاطين وكان عدد منهم من الأتراك والإيطاليين وكانت اللوحات الفنية تنتشر في واجهات المحلات المختلفة مثل محل المصور أبكار بشارع فؤاد الذي كان يعرض كل أسبوع لوحة جديدة للفنان زنانيري أستاذ الفنان الرائد محمود سعيد. وقد انتشرت دكاكين الرسامين حتي في أحياء أولاد البلد. وفي حي بحري التحقت أنا بدكان المعلم أحمد الوحش كمساعد دون راتب لأتعلم الرسم والزخرفة والخط العربي وذلك قبل التحاقي بالمدرسة الثانوية.
هل أستطيع القول إن نشأتك الأولي في حي بحري بالقرب من مسجد المرسي أبو العباس وأضرحة الشيوخ.. ثم ترددك علي تكية البكتاشية الصوفية في قلب مغارة المقطم جعل رسومك مليئة بالرموز وكأنك تمارس لونا من التصوف الديني ؟
لقد اصطبغت أعمالي بالحس الصوفي نظرا للجو الديني الذي كنت محاطا به في فترة طفولتي وحتي شبابي فقد أثر في كثيرا. إلا أنه لم يظهر في أعمالي الأولي.. بل ظهر لاحقا وكانت البداية في معرض المستنير دادا ثم أعمالي التالية... وقد قصدت من هذا المعرض أن كلا منا يملك حسا صوفيا داخله لو عاش به لكانت الحياة مختلفة.
من الواضح أنك تأثرت بشكل بالغ بحياة الدراويش داخل التكية ؟
لقد كنت أتردد مع جدتي ووالدي علي تكية الطريقة البكتاشية وهي طريقة صوفية شيعية اثني عشرية وقد كانت الفنانة شادية من مريديها. كانت مغارة الطريقة في قلب جبل المقطم ثم انتقلت بعد الثورة إلي المعادي حيث تحول المقطم إلي ثكنة عسكرية. كانت زيارتي للمغارة بطرقها الملتوية والسجاد الإيراني الذي يغطي أرضياتها والغزال الهائم في حديقته أشبه برحلة إلي عالم ألف ليلة وليلة وكنت دائما أشعر بهيبة أحمد سري بابا دادا شيخ الطريقة الذي كان يريدني أن أنضم درويشا للتكية إلا أنني لم أفعل وكنت أقضي كل عام عدة أيام إبان احتفالات عاشوراء حيث تذبح الذبائح وتصنع البليلة بالقرفة وظلت التكية عالم, له أثر في نفسي برغم أنها انتهت تماما بعد وفاة البابا ورحيل آخر دراويش التكية الشيخ رجب إلي أمريكا وافتتاحه تكية هناك.
ألم تقم بزيارة هذه التكية في أمريكا يوما ما ؟
لم ألتق أحدا من هؤلاء الدراويش الجدد وعندما التقيت بباحث تركي مهتم بالطريقة البكتاشية زودته بما لدي من معلومات وذكريات عن الطريقة كما التقيت ابن شقيق بابا سري لكنه ليس لديه أدني اهتمام بأمر الطريقة.
- أعتقد أن سيف وانلي من أكثر الفنانين الذين ساعدوك في بدايتك.. لكنك لم تستمر في التردد علي مرسمه ؟
سيف وانلي فنان كبير ومتجدد وعطوف علي تلامذته وقد كنت واحدا من تلامذته المتمردين عليه لسبب بسيط لأنه بقدر ما كان وانلي فنانا كبيرا لم يكن معلما قديرا فكان من يتعلم علي يديه يتحول إلي نسخة منه وهو ما لم أكن أريده وقد بدت لوحاتي الأولي متأثرة به.. وفي ذلك الوقت المبكر كنت متأثرا ببيكاسو أعجوبة الفن لأنه كان قادرا علي التنوع والتحرك من مدرسة إلي أخري ومن اتجاه إلي آخر ومن تكنيك إلي تكنيك وفي كل تحولاته وتنقلاته كان دائما هو بيكاسو
كانت لك محاولات في كتابة السيناريو والقصة والشعر.. أيها كان الأقرب إلي نفسك ؟
يظل الرسم هو أقرب الفنون إلي نفسي فعندما أمسك بالفرشاة انتقل من عالمنا إلي عالم مغاير.. والكتابة كانت دوما أصعب شيء بالنسبة لي نظرا لأنني تربيت في بيت كريتلي ثم بيت مصري مما جعلني أتلعثم في اللغة وضعفت قدرتي علي تعلم اللغات بوجه عام.. ومع هذا قدمت الكثير من الكتابات النقدية والدراسات التشكيلية. والآن أعد لرواية جديدة تغلب عليها اللغة العامية. كما أنني عشقت السينما ودرست الإخراج وقدمت أفلاما قصصية وكان أتمني تقديم فيلم روائي طويل لكن المسألة صعبة لأنها صناعة وتجارة.. وفي خضم هذا كله يظل الرسم الحب والأقرب إلي نفسي.
ذكرت أكثر من مرة أنك لا تحب السياسة وأنك دوما كنت مقاطعا لها ورغم ذلك لا تخلو أعمالك من السياسة..؟
السياسة تخرج من عباءة الفن فالفن فوق السياسة. أنا لم أعمل في السياسة لكن لدي الحس السياسي بالنسبة لبلدي وحياتنا ومستقبلنا فالسياسة موجودة في فني وتعبر عن نفسها لكنها ليست بالضرورة فعلا عمليا لطبيعة حزبية أو أيديولوجية. في الستينات قالوا لن نمنع حرية الفن وسندعم الفن الملتزم بقضايا الوطن التي كانوا يقصدون بها الاشتراكية. مجرد أي مساس بالحرية يزعجني. والفن يحتاج إلي حرية وهذا الانقضاض علي حرية الفن حدث في الستينيات وسيحدث في الأيام القادمة
تقصد بسبب بروز التيارات الإسلامية المتشددة ؟
المجتمع المصري عاني هذا التشدد في فترات تاريخية عديدة وبرغم وجود فتاوي أكدت أن الفن والنحت تحديدا ليس حراما.. ففي الإسكندرية عندما تم وضع تمثال محمد علي في ميدان المنشية وهو أول تمثال يوضع في ميدان عام بمصر, قام أهل بحري بالتظاهر مطالبين برفع التمثال بوصفه تقليدا وثنيا وكأنه يدعو الناس للطواف حوله. إلا أن الشيخ محمد عبده ظهر بفتوي مهمة مفادها أن أعمال النحت هي أعمال فنية لتكريم شخصيات بعينها وليس في ذلك حرمانية.. فتم عمل الميدان علي شكل مستطيل بدلا من الشكل الدائري ونقلت الأسود الأربعة التي كانت موضوعة حول التمثال إلي مدخلي كوبري قصر النيل. في أحد مؤتمرات السلفيين يتم تغطية تمثال ميدان الرأس السوداء تحت ادعاء أنه حرام. وهي بداية غير مبشرة.
الغريب أن الإسكندرية التي كانت بانوراما لكل الثقافات والأفكار والتيارات أصبحت معقلا للفكر السلفي المتشدد.. ما سر هذا التحول ؟
في ستينيات القرن الماضي ومع العمل علي مركزية القاهرة تم تهميش الإسكندرية ومع تهجير الأجانب فقدت الإسكندرية هويتها العالمية وبدأت المدينة تحاط بحزام من العشوائيات التي فيها ولدت كل التيارات المتطرفة. والنظام السابق لم يكن يهتم بعلاج تلك السلبيات بل كان يستخدمها لأغراض سياسية.
ألمح في كلامك يقين بأن ثورة يوليو والنظام الذي أفرزته مسئول بشكل أو بآخر عن الأوضاع المتردية التي آلت إليها مصر ؟
أنا واحد من أبناء ثورة يوليو وأحب عبد الناصر لكن ثورة يوليو لم تكن بلا أخطاء وقد تراكمت تلك الأخطاء وأدت في النهاية الي ما نحن فيه حتي أصبحنا دولة محكومة بالعسكر ولذا إذا ما أردنا إرساء قواعد حكم مدني حقيقي علينا أن تكون هناك ثقة متبادلة بين الجيش والشعب
- هل تعتقد أن ما آلت إليه تركيبة البرلمان حاليا ستكون بداية ملائمة لحكم مدني ؟
الشعب المصري نسبة الأمية والجهل منتشرة بين أفراده. وقد رأيت بعيني الكثيرين داخل لجان الانتخاب لا يعرفون لمن يدلون بأصواتهم ومثل هؤلاء تم استغلالهم وتوجيههم. لا أعتقد أن النسب التي خرجت بها الانتخابات تعبر عن شعب مصر وفكره المعتدل. لابد من الاهتمام بالتعليم والثقافة حتي نخرج إلي إطار متطور تسود فيه الثقافة والوعي.
ذكرت ذات مرة أنك التقيت مدير أمن الدولة في مكتب أنيس منصور.. هل كان اللقاء مدبرا ؟
أنيس منصور من أظرف الشخصيات التي ألتقيتها في حياتي وهو رجل موسوعة وذهنه متوهج وقد عملت معه لفترة لإعادة طبع كتاب وصف مصر وكنت أتردد عليه في مكتبه وذات مرة كان يجلس معه مدير أمن الدولة الذي قال لي لقد احترنا في أمرك هل أنت إخواني أم شيوعي أم ماذا فقلت له: أنا فنان.. اللقاء كان وديا وبالمصادفة البحتة لكنه يكشف كيف ينظر إلي الفنان بوصفه صاحب مذهب سياسي وهذا خطأ فالفنان لابد ألا يكون له أي مذهب سياسي حتي يكون حرا وقادرا علي التعبير الحر فذلك أجدي وأنفع لإبداعه كي يصل إلي الناس.
عملت في التليفزيون الليبي خلال الفترة من19731969.. ما الذي تداعي إلي ذهنك عن تلك الفترة وأنت تشاهد النهاية المأساوية للقذافي ؟
بعد تخرجي في كلية الفنون الجميلة كنت أنوي استكمال دراستي في روما وتقدمت بالفعل بطلب إلي الأكاديمية في ليبيا.. وفكرت في أن أستغل الوقت في العمل في ليبيا خصوصا أن لنا أقارب في بني غازي فالمعروف أن الشباب الليبي كان يسافر إلي كريت للزواج من الفتيات الجميلات ذوات المهور البسيطة وقد كان لشقيقة جدتي فتيات متزوجات في بني غازي وهكذا قررت السفر إلي ليبيا وهناك تزوجت من الفنانة فاطمة مدكور وأنجبنا ابنتينا التوءم سامية وسحر. ولم تكن الظروف تسمح بذهابي إلي روما فقد ظللت في ليبيا وعشت تجربة القذافي منذ بدايتها. وليلة الثورة قاموا باستدعائي في التليفزيون الليبي لتجهيز المنصة التي سيلقي منها القذافي خطبته كما أعددت له اول ميدالية لوجهه أهديت له في هذه المرحلة المبكرة من الثورة. والواقع أن القذافي كان من أبناء ثورة يوليو وكان شخصية مقبولة إلي أن بدأ جموحه بحرق كل الكتب في مطلع عام1973 ومع بداية اصطناعه لما اسماه الثورة الشعبية وجعلها سلاحا في يد كل فرد من أفراد الشعب الليبي.. هنا بدأت استشعر التطرف في فكر القذافي وعدت إلي مصر وبدأت الأمور بعدها في ليبيا تتدهور.. وجاءت نهايته مأساوية وأتمني أن يجد الشعب الليبي طريقه قريبا بإذن الله.
تجربة معرض في كتاب أصدرت منه سبعة إصدارات عبر ست سنوات عبرت خلالها عن آرائك ومواقفك تجاه الفساد السياسي الذي ساد خلال حكم مبارك ؟
عندما وافق مجلس الشعب علي التعديلات الدستورية في25 من مايو2005 والذي وضع شروطا تمنع غير شخص الرئيس من الترشح لرئاسة الجمهورية فقدمت كتيبا صغيرا امتلأت صفحاته باللون الأسود وكتبت علي غلافه انطفأت الشموع وحل الظلام وأهديت هذا الكتاب إلي ابني عبد الله.
يوم جمعة الغضب أصيب ابنك عبد الله بخمسين طلقة مطاطية
كيف كان شعورك كأب وشعورك كمواطن مصري يدرك أن هذه الثورة هي السبيل إلي الخلاص وان هذا الخلاص لن يأتي إلا بدماء الشهداء ؟
عندما شاهدت ابني ملطخا بالدماء اعتبرته شهيدا في سبيل مصر ولما نجاه الله قلت له أفعل ما تريد فأنا احتسبتك شهيدا.. لكن ما أثر في كأب هو عندما أطلق عليه الرصاص ثانية أمام مقر أمن الدولة في الإسكندرية يوم4 من مارس عندما وقف مع زملاؤه يمنعون حرق أوراق أمن الدولة وقد ضرب يومها بالرصاص اثنان حسن مصطفي الذي انتخبناه في الانتخابات الأخيرة وابني وعندما تناولت وكالات الأنباء الخبر نشرت خطأ أنه تم إطلاق النار علي عصمت داوستاشي وعندما اتصل بي الأقارب والأصدقاء للاطمئنان علمت أن ابني أصيب فقد تلقي طلقة في صدره خرجت من ظهره وكسرت له ضلعين وسببت له نزيفا داخليا لكن ربنا ستر..
الشهداء هم الذين أعادوني لكي أرسم مع الأيام الأولي للثورة فأقمت معرضي لوحات قبل وبعد الثورة
كيف تري المشهد ما بين ميدان التحرير وما بين ميدان العباسية ؟
أشطب علي ميدان العباسية فهي تجمعات مفتعلة ومرتبة. لكن النبض الحقيقي لمصر نجده في ميدان التحرير.. ويجب التأكيد علي أننا جميعا نحب الجيش المصري ونؤيده ولا يوجد مصري واحد ضد الجيش المصري ونحن لا ننتقد ولا نلوم إلا المجلس العسكري لأنه لم يحقق للثوار مطالبهم منذ الوهلة الأولي. نحن نلومه علي المماطلة واللف والدوران. ونتساءل لماذا ساد الأمن والأمان يوم الانتخابات في مصر كلها إذن فالمسئولون قادرون علي توفيره لماذا إذا يتركوننا نعيش في فوضي.. أنا عاتب علي المجلس العسكري لأنه غير واضح وغير صريح وعليه توضيح نياته للشعب وتحقيق مطالبه


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.