عصمت داوستاشي أو (المستنير دادا) كما يحب أن يسمي نفسه، مثل كل الإسكندرانية فنان (مضروب بالبحر) يمكنه أن يترك كل شيء ليجلس أمام السواحل المفتوحة يتأمل شاطئ البحر، ألوانه، وحركة أمواجه متطلعا ربما لفاتنة في الضفاف البعيدة. التحول من حالة إلي حالة، والانتقال من مكان، إلي مكان هو أحد ملامح عصمت داوستاشي الفنية، فهو تجريبي بامتياز، وهو أيضا أحد ملامحه الشخصية.. حين التحق بكلية الفنون الجميلة بالإسكندرية عام (2691) انضم لقسم النحت (رغم حبه للتصوير)، وبعد أن نجح في دراسته للنحت تركه ليعود إلي قسم التصوير، عمل في مرسم »سيف وانلي« ثم سرعان ما تركه خوفاً من أن يصبح نسخة مكررة منه، بعد التخرج عمل في التليفزيون المصري مساعد مخرج لكنه تركه ليسافر إلي ليبيا وسرعان ما غادرها عائدا إلي الإسكندرية! كانت القاهرة بالنسبة له دائما أم الدنيا ومصدر إلهام رائع، لكنها أيضا كانت مدينة غير محتملة بالنسبة إليه، تصبغ فنانيها بصبغة ثقيلة قاتمة وأنانية وانتهازية أيضا.. هذه الرؤية الحادة للقاهرة جعلته يري في التحديث المعماري للإسكندرية تحديثا استهلاكيا هو جزء من استهلاكية القاهرة! قبل أسابيع قدم داوستاشي معرض (لوحات قبل وبعد الثورة) ترك فيه لوحة بيضاء ليس فيها سوي توقيعه.. انها حيرته وقلقه ورغبته أيضا في أن يشاركه المتلقي أسئلته، تماما كما فعل في سلسلة اصداراته (معرض في كتاب).. أصدر العدد الأول بصفحات سوداء فارغة وطلب من الناس مشاركته برأيهم علي صفحاتها، ثم توالت السلسلة صفحات حمراء، وبيضاء وأخيرا خضراء لتوثيق ثورة 52 يناير وتضم إلي جانب أوراقها الخضراء لوحات داوستاشي خلال الثورة.. ثم أهداه إلي (عبدالله) ابنه الذي ضرب بالرصاص مرتين.. المرة الأولي في جمعة الغضب، والثانية أمام مبني أمن الدولة بالإسكندرية.. رصاصتان اخترقتا صدره لكن عنايه الله أنقذته وأنقذت الثورة.