حالة الاستنفار بين كافة أجهزة الأمن والمخابرات فى إسرائيل للبحث عن ثلاثة من شباب المستوطنين الذين تعرضوا للاختطاف منذ عدة أيام لم تمنع الإسرائيليين من توجيه اللوم لهذه الأجهزة خاصة الشرطة واتهامها بالتقاعس عن نجدة الشبان الثلاثة بعدما كشفت وسائل الإعلام ان أحد المستوطنين اتصل بالشرطة وهمس قائلا لقد خطفونا لكن مستقبلى البلاغات فى الشرطة لم يعيروا الأمر اهتماما واعتقدوا انها معاكسة من أحد الاشخاص. وهو ما دفع الجميع إلى تحميل الشرطة المسئولية فلو تحركت سريعا كما يقولون واخذت الاتصال الهاتفى على محمل الجد لربما كان بإمكانها إنقاذ هؤلاء المختطفين. وما حدث أعاد إلى الاذهان حادث اختطاف الجندى جلعاد شاليط منذ عدة سنوات. هذه الأزمة التى قد تطيح بعدد من ضباط الشرطة سلطت الضوء على أجهزة إسرائيل الأمنية والميزانية المخصصة لها. فالأمن هو الهاجس الأول للإسرائيليين تهتم به الدولة العبرية وتخصص له ميزانية خاصة وتحظى الأجهزة الأمنية بدعم ورعاية خاصة من رئيس الوزراء بنيامين نيتانياهو حتى ان ميزانية جهازى الامن العام (الشاباك- يشبه جهاز مباحث أمن الدولة أو الامن الوطنى ) والموساد، تزداد سنويا. و ميزانية الاجهزة الامنية الحساسة مثل الشاباك والموساد، تخصص من «الاحتياطى العام» لميزانية الدولة. وليس واضحا كيف يتم توزيع الميزانية بين الشاباك والموساد، ويعرف المبلغ المالى بأكمله على أنه إضافة إلى ميزانية الدفاع رغم أن الجهتين ليستا تابعتين لوزارة الدفاع بل لديوان رئيس الوزراء. وقد حذرت شخصية أمنية بارزة الشهر الماضى من أن عدم الشفافية أو وضوح الرؤية يؤدى إلى مبالغة كبيرة فى ميزانية الأمن من جانب المواطنين حتى ان البعض يقدرها بنحو 60 مليار شيكل وأكثر، فى حين أن ميزانية وزارة الدفاع والجيش هى أقل من ذلك. ووفقا لما ذكره أحد الباحثين فإن نسبة ميزانية الأمن التى تخصصها إسرائيل للأجهزة المخابراتية أكبر بشكل ملحوظ من الحصة التى تستثمرها بريطانيا والولايات المتحدة فى المنظومة النووية الخاصة بهما. يقول المحلل السياسى ألوف بن ان نتانياهو الذى يوصف بأنه زعيم ضعيف ومشغول بارضاء أهواء زوجته يظهر بشكل مختلف فى الغرف المغلقة حينما يتعلق الامر بأجهزة الأمن والمخابرات فقد كشف المدير العام لوزارة الدفاع دان هارئيل للصحفيين عن أن ميزانية الجهازين ستبلغ هذه السنة 4.5 مليار شيكل. وسيزاد عليها فى السنة التالية 600 مليون شيكل اخرى واوضح هارئيل أن هذا المبلغ لا يمكن لأى شخص حتى نتانياهو المساس به.. وتظهر من الارقام التى كشف عنها هارئيل استنتاجات مهمة أولها أن نتنياهو لا يؤمن بأن اسرائيل تستطيع أن تمنع أو تحبط أو تدمر المشروع النووى الإيرانى ولهذا ينفق على أجهزة المخابرات التى ترمى الى ردع هذه التهديدات والثانى أن المؤسسات التى يخضع رؤساؤها لرئيس الوزراء مباشرة تتمتع بأفضلية فى لعبة القوة الداخلية التى تتجلى فى وفرة المخصصات والحصانة العامة. فلا يزعم أحد أن لاسرائيل ما يكفى ويزيد من الاجهزة الامنية . ويدلل نيتانياهو كما يقول ألوف بن على نحو مشابه الجهازين السريين الموساد والشاباك اللذين زادت ميزانيتهما على الدوام منذ أن عاد الى الحكم. وفى السنة الماضية وهى آخر سنة توجد عنها معطيات زادت ميزانية الجهازين بنحو 10%. ويضيف ألوف إن تقسيم الميزانية بينهما غير معلوم ولهذا ليس واضحا هل يستخدم المال الذى يخصصه نتنياهو فى الأساس لتقوية السيطرة على الفلسطينيين وأعمال التعقب الداخلى فى اسرائيل من جانب الشباك أم للحرب الخفية ضد ايران وحزب الله وحماس من جانب الموساد أم للهدفين معا. ويكشف ألوف ان ميزانية جهازى الموساد والشاباك 30% من الانتاج الوطنى الخام. ويتساءل هل هذا كثير أم قليل؟ فهل لاسرائيل ما يكفى من الاستخبارات والعمليات السرية أم تحتاج الى مزيد؟ وهل محاربة الايرانيين وحلفائهم بخلايا تصفية وحيل اخرى وحكم الفلسطينيين من خلف الستار أرخص وأنجع من استعمال قوات عسكرية باهظة التكاليف وغير منظمة ومرشحة للتورط؟ أم ربما عكس ذلك؟ إن هذه الاسئلة لا تطرح أبدا لنقاش سياسى واعلامى وعام. ان نيتانياهو وكما تقول صحيفة هآارتس يحب السيطرة على أجهزة الامن السرية ويعلم كبار مسؤوليه أكثر من المواطن العادى بالاجهزة الخاصة والموساد والشاباك. إن نيتانياهو لا يهمه فى الحقيقة حينما يسخرون منه فى بعض الاشياء لكنه لا يريد لأحد أن يطرح أسئلة غير مريحة فى مجالات عزيزة على قلبه مثل أنشطة المخابرات خاصة جهازى الشاباك والموساد .