على بعد 30 كيلو مترا غرب مدينة سفاجا وبعمق الصحراء تقع منطقة ( أم الحويطات ) وعلى بعد نحو 21 كيلو مترا غرب مدينة القصير الجارة الجنوبية لسفاجا تقع منطقة (البيضا). في تلك المناطق عزفت سيمفونية رائعة في مجال استخراج خامات الفوسفات حيث تنبه الإنجليز أيام الإحتلال إلى أهمية منطقة أم الحويطات وزحفوا إليها عام 1902 ً ومعهم المصريين وشيدوا قلعة تعدينية عملاقة حيث كانوا يستخرجون منها يوميا مئات الأطنان من خامات الفوسفات وكان هناك نحو 20 ألف مصري ومصرية يقطنون تلك المنطقة بعدما شيدت لهم الكامبات والمنازل وكافة المرافق الخدمية اللازمة وجميع هذه البنايات كانت على بعد أقدام قليلة من مناجم الإنتاج لترسم جميعها مع هضاب الجبال التي تحتضنها أروع لوحة فنية بينما شهدت منطقة البيضا ومجاورتها بصحراء القصير عام 1910 تأسيس شركة إيطالية مصرية لنفس الغرض وهو استخراج الفوسفات . وعندما قمنا برحلة صحفية إلى أم الحويطات اصطحبنا خلالها رئيس مدينة سفاجا ورئيس قرية أم الحويطات الجديدة وبعض الذين ولدوا في هذه المنطقة هناك رأينا أطلالا لهذه القلعة التعدينية تشعرك وللوهلة الأولى بأنها مازلت شامخة تقاوم التخريب والإستهتار التي فما أحوج مصر لمثل هذه الصناعة وخاصة في هذه الأيام بعد ان جن جنون أسعار الأسمدة التي نستوردها من الخارج وكان المستشار عدلي منصور رئيس الجمهورية في خطابه الأخير بمناسبة عيد العمال قد أعلن أن الدولة بصدد إعادة هيكلة القطاع العام وإحيائه من جديد جاء السؤال الذي يقول والذي يمثل أمنية لكل من عاصر هذه القلعة هل يمكن أن تعود قلعة صناعة الفوسفات للعمل مرة أخرى في مناطق أم الحويطات والبيضا ومجاوراتهما ؟ بداية يتحدث محمد مبارك محمد أحد الذين عاصروا نشاط التعدين في أم الحويطات والأن يشغل منصب رئيس لقرية أم الحويطات الجديدة والتي تحتوي فقط على الأسر التي تم نقلها من مناطق التعدين إلى مكان قريب من مدينة سفاجا فيقول أن قرية أم الحويطات الجديدة شيدت منازلها بعد أن تم إنهاء نشاط الفوسفات بالمنطقة القديمة وأن جميع الأسر التي تقيم بالقرية الجديدة الأن تعيش على معاشات الفوسفات وعدد قليل منهم يعمل بالإد ارات الحكومية للقرية أما عن النشاط التعديني في أم الحويطات القديمة فبدأ تقريباً عام 1902 وهي بداية تشكيل الشركة الإنجليزية أيام الإحتلال حيث بدأ العمل في عدة مناجم بالمنطقة أهمها مناجم رباح وأبو عدلا ن والسحيمات والفرملة وأبو يوسف والجنوب وجلال والشمال ومناجم أبو عقارب والبيضاني ومناجم نمرة خمسة ونمرة سبعة وناصر ووصيف 6 ووصيف 7 وغيرها حيث كانت تستخرج يومياً مئات الأطنان من الخامات رغم عدم وجود وسائل حديثة حين ذاك وفي البداية كان الإنجليز يمنعون قيام العامل المصري بإصطحاب زوجته أو أسرته ثم شيدوا مايسمى بالكامبات للإقامة وبعدها مساكن منها ماهو للعمال وأخرى للموظفين وثالثة للأفندية والمديرين وكل على حسب مستواه وبعد ذلك توسع النشاط بشكل تدريجي حتى بلغ عدد الأسر التي أقيمت بالمنطقة نحو 20 ألف نسمة ثم أخلى الإنجليز المكان عام 1954 تقريبا في ظل إتفاقية الجلاء عقب ثورة 23 يوليو بقيادة الزعيم الراحل جمال عبد الناصر وتم تسليم تلك المواقع لشركة الفوسفات المصرية ويقول أن الفوسفات الذي كان يستخرج من مناطق أم الحويطات كان يمتاز بأعلى درجات الجودة والنقاء وكان يتم نقل الخامات إلى ميناء التصدير ولكن للأسف تم تدمير متعمد لهذا النشاط وإنهائه وتفكيك منظومته عام 1997 بينما يتحسر عبد الكريم عبيد الجيلاني على كل شئ كان متوافرا بالمنطقة من وسائل ترفيه ومستشفى ومدارس وفرص عمل هائلة وكانت الشركة تعطيهم بونات لمواد غذائية حيث كان كل واحد يحصل على 6 كيلو لحمة وجوال دقيق وبصل وثوم وعدس وفول و20 لتر سولار للوقود كل شهر وكانت المنطقة تضاء ليلاً بنظام المولدات الذاتية ويتم إطفائها الساعة 12 ليلا ويقول اللواء علي شوكت رئيس مدينة سفاجا أن الثروات التعدينية الموجودة بأم الحويطات مازالت زاخرة بخيراتها ولم تنضب وانه لابدمن الإستفادة من الخبرات الموجودةالأن في دولتي المغرب العربي والأردن حيث أصبح لهما باع طويل في هذا المجال والظروف المحيطة بمصر تستدعي إعادة فتح ملف التعدين أما عن نشاط الفوسفات الذي كان متواجداً بنطاق مدينة القصير جنوب سفاجا فيتحدث محمد عبده حمدان أحد الذين عاصروه بقوله أن مناجم البيضا وحمضات والنخيل والعطشان وأبو تندب بحري وقبلي والحمراوين وغيرهم شهدت أروع ملحمة تعدينية تتعلق بإستخراج الفوسفات منذ عام 1910 حينما تم تأسيس الشركة الإيطالية المصرية والتي بدأت الإنتاج الفعلي لإستخراج خامات الفوسفات عام 1916