مع تصاعد التوتر في لبنان، البيت الأبيض: نراقب عن كثب تطورات الوضع في الشرق الأوسط    اتحاد الكرة يحسم هوية خليفة بيريرا في لجنة الحكام الثلاثاء    مشاركة 21 عملًا فنيًا في مسابقة أفلام شباب مصر بمهرجان الإسكندرية السينمائي    وزير الخارجية: الأمم المتحدة عاجزة عن أداء مهمتها الأساسية وهي حفظ السلام والأمن الدوليين    فيديو هدف محمد صلاح اليوم في ولفرهامبتون    الكرملين: التصريحات الغربية حول صراع مسلح محتمل مع روسيا بمثابة "موقف رسمى"    2.8 مليار جنيه لتمويل 920 مشروعاً صغيراً خلال 6 شهور.. «الشمول المالي والرقمي» تناقش «تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة»    الطب البيطري بالغربية يحرر عدد 72 محضرًا بأسواق المحافظة خلال شهر سبتمبر    وزير الخارجية أمام الأمم المتحدة: مصر خاضت مفاوضات 13 عاما مع إثيوبيا وتحتفظ بحقوقها للدفاع عن مصالح شعبها    تعرف على إيرادات فيلم عنب في ثلاثة أيام عرض    حقيقة اعتزال نشوى مصطفى التمثيل    خبير يكشف عن السبب الحقيقي لانتشار تطبيقات المراهنات    حدادًا على نصر الله.. الحكومة اللبنانية تأمر بتنكيس الأعلام لمدة 3 أيام    9 توصيات من مبادرة ابدأ لتحفيز المصنعين ورفع القيمة المضافة    "تخيلتها عند باب الكعبة وأنا بعمل عمرة ومكانتش تعرف".. قصة حب مؤمن زكريا وزوجته (صور)    مجسمات لمناطق أثرية وتوابيت فرعونية.. المنيا تحتفل باليوم العالمي للسياحة -صوروفيديو    بالصور.. إزالة الإشغالات من محيط مقابر بورسعيد    إصابة شخصين في حريق محل تجاري ببني سويف -صور    شبورة مائية وأمطار ورياح.. الأرصاد تعلن تفاصيل طقس الأحد بدرجات الحرارة    رئيس مياه المنوفية يتفقد محطات المياه والصرف بمراكز المحافظة    وكيل صحة الإسماعيلية تشهد حفل تخرج دفعة جديدة من مدارس التمريض    الجامعات تستقبل طلابها فى أول يوم دراسى    شعبة الخضروات تكشف عن موعد انخفاض أسعار الطماطم    إيه بى سى نيوز: إسرائيل رفضت مقترح وقف إطلاق النار فى لبنان    5 أبراج فلكية تميل للإحباط والخوف غير المبرر من المستقبل.. ابتعد عنهم    حدث في 8 ساعات| حقيقة تحصيل برامج العمرة بالدولار.. والسيسي يدعو "النواب" للانعقاد بداية أكتوبر    أحمد عمر هاشم: الأزهر حمل لواء الوسطية في مواجهة أصحاب المخالفات    كيف تصلي المرأة في الأماكن العامَّة؟.. 6 ضوابط شرعية يجب أن تعرفها    وكيل صحة الإسماعيلية تتفقد القافلة الطبية الأولى لقرية النصر    لأطفالك.. طريقة تحضير ناجتس الدجاج مثل المطاعم    النني يشارك في فوز الجزيرة أمام النصر بالدوري الإماراتي    مصرع شاب دهسته سيارة بطريق الفيوم الزراعي    نبيل الحلفاوي: الزمالك في أفضل حالاته تعادل مع الأهلي في أسوأ حالة له    دعاء لأهل لبنان.. «اللهم إنا نستودعك رجالها ونساءها وشبابها»    ضبط 7 أطنان دقيق بلدي مدعم خلال حملة تموينية في الجيزة    محافظ مطروح يوجه بتوزيع فتيات الخدمة العامة بناءاً على رغباتهن    اليوم العالمي للسعار.. كيف تتعامل مع عضة الحيوانات المسعورة وداء الكلب؟    ذهبية وبرونزية لمنتخب مصر في بطولة العالم للخماسي الحديث تحت 19 سنة    التحالف الاجتماعي العربي يدعو لمقاطعة دولة الاحتلال وفرض عزلة دولية عليها    ميدفيديف يهزم مانارينو ويتأهل لربع نهائي بطولة الصين للتنس    عضو غرفة شركات السياحة: طلب متزايد لزيارة سانت كاترين من مسلمي أمريكا قبل أداء العمرة    انفعال غير مبرر وتصرف غريب من متسابقة فى كاستنج.. وعمرو سلامة: "أنت هايلة دا خطير".. فيديو    «الضرائب» تتيح 62 إتفاقية تجنب إزدواج ضريبي على موقعها الإلكتروني    أسرار في حياة حسن نصر الله «من سيرته الذاتية»: والده بائع خضار وأسرته غير متدينة    التحول إلى الدعم النقدي.. خطوة مهمة لحوكمة منظومة الدعم    وزير الإنتاج الحربي يترأس مجلس إدارة المركز الطبي التخصصي    الرئيس السيسي يدعو مجلس الشيوخ للانعقاد الأربعاء المقبل    في ذكرى رحيل جمال عبد الناصر.. رئيس حزب العربي يُلقي كلمة بمؤتمر بالمكسيك    جسد ممزق وأرصدة مسروقة».. تفاصيل صادمة في واقعة مقتل رجل الأعمال السعودى عبدالله الفريدي بأكتوبر    رئيس الوزراء يزور دير سانت كاترين    محافظ الشرقية يُكلف وكيل "الصحة" بتوفير الرعاية الصحية لأسرة عزبة العروس بمنيا القمح    مصدر لمصراوي: محمد هاني يعود للقاهرة بمفرده (صور)    رئيس هيئة الدواء يكشف سر طوابير المواطنين أمام صيدليات الإسعاف    في اليوم العالمي للمُسنِّين.. الإفتاء: الإسلام وضعهم في مكانة خاصة وحثَّ على رعايتهم    للاعتداء على مصور.. إيقاف إيميليانو مارتينيز مباراتين مع الأرجنتين    رئيس جهاز السويس الجديدة تلتقي مستثمري منطقة عتاقة للاستماع لطلباتهم ومقترحاتهم    «لا يقارن ب علي معلول».. تعليق مثير من نجم الأهلي السابق عن يحيى عطية الله بعد السوبر    مجلس بلدية صيدا بلبنان: آلاف النازحين يفترشون الطرقات ولا يجدون مأوى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حقوق الإنسان وخطاب النهايات في الفكر الغربي
نشر في الأهرام اليومي يوم 24 - 03 - 2010

كثر الحديث في الأيام القليلة الماضية حول نهاية حقوق الإنسان‏,‏ حيث غدت العبارة شعارا يرفع في الغرب‏,‏ من معظم الجهات والتيارات‏,‏ لأغراض مختلفة وبمضامين متباينة‏,‏ وما يهمنا هنا هو درجة ارتباط هذه العبارة بخطاب النهايات في الفكر الغربي‏,‏ حيث يبدو أن بعض المفكرين الغربيين وجدوا جاذبية خاصة في مقولة النهاية‏,‏ بحيث تحولت إلي مقولة مفضلة في كتاباتهم ومؤلفاتهم‏,‏ فنهاية الميتافيزيقا‏,‏ نهاية المقدس‏,‏ نهاية الحداثة‏,‏ نهاية‏(‏ أو موت‏)‏ المؤلف‏,‏ نهاية الأيديولوجيا‏,‏ نهاية التاريخ‏,‏ نهاية حقوق الإنسان‏..‏ إلي غير ذلك من النهايات التي يطن وقعها في أذهاننا‏,‏ تجعل المرء يتساءل عن مدي صحة هذه السيمفونية المتكاملة من النهايات‏.‏ بمعني آخر‏,‏ ما سر هذه القيامة الفكرية‏,‏ خاصة أننا نشعر بأننا بصدد عملية كذب كبيرة‏,‏ لأننا نشاهد العكس تماما فلا الميتافيزيقا انتهت ولا الحداثة تراجعت‏,‏ ولا المؤلف اختفي‏,‏ ولا الأيديولوجيات انقرضت‏,‏ ولا التاريخ افل‏,‏ ولا المناضلين من أجل حقوق الإنسان ساكنين‏.‏
الواقع‏,‏ أن كل هذه الصيغ البلاغية ما هي سوي مؤشرات إلي وجود تحولات فكرية ومفصلية كبري حدثت في عصرنا هذا‏,‏ كما توحي بوجود انكسارات وخسوفات كبيرة‏.‏ فالمتتبع لسير خطاب النهايات يجب ألا ينسي السياق الذي ظهرت فيه هذه المقولات‏,‏ فنجد أنه منذ الخمسينيات إلي الآن‏,‏ ومقولة نهاية الأيديولوجيا‏,‏ تصاغ بصيغ وأشكال متنوعة‏,‏ فعلي المستوي المعرفي تشير إلي أن العلم والمعرفة العلمية قد انتصرا علي الأيديولوجيا والمعرفة الأيديولوجية‏,‏ وأن شرط الموضوعية الذي تتطلبه كل معرفة علمية سيقود إلي إبعاد المعرفة الأيديولوجية باعتبارها معرفة متحيزة‏,‏ لكن لمصطلح نهاية الأيديولوجيا وجها آخر‏,‏ ذلك أنه مع ازدهار المجتمعات الاستهلاكية ودخول الرأسمالية مرحلة الإنتاج العالمي‏,‏ تولد وهم يقول إن الحاجات البشرية سيتم إشباعها كافة بفضل التقدم التقني‏.‏ وبما أن الأيديولوجيات تضم بعدا احتجاجيا علي الواقع بل ومطلبيا‏,‏ فإنها في الطريق إلي الانقراض‏,‏ ولم تعد هناك حاجة إليها مع توافر الإشباع والاكتفاء‏.‏ والحال أن العكس هو الذي حدث‏,‏ فالأيديولوجيات تتوالد وتتكاثر وتتناسخ فهي تارة علمانية وأخري دينية وهكذا‏.‏ إذن‏,‏ فالأيديولوجيات لم تنته ولم تمت بل تتعاقب علي مسرح التاريخ‏.‏
ومن أكثر المقولات المرتبطة بنهاية الأيديولوجيا‏,‏ هي مقولة نهاية التاريخ سواء عند هيجل أو عند فوكوياما‏,‏ الذي ساهم بقوة في إذكاء الجدل في الغرب والعالم‏,‏ بما يفوق المقولات الأخري‏.‏ فخلال عقد الثمانينيات من القرن العشرين سادت في الساحة الأمريكية حالة من الارتباك وفقدان اليقين النظري بشأن مستقبل الولايات المتحدة الأمريكية كقوة عظمي مهيمنة‏,‏ فعلي الرغم من حالة التآكل التي كانت تعيشها الكتلة الاشتراكية بزعامة الاتحاد السوفيتي فإن ثمة أطروحات قد أخذت تروج وتؤكد تراجع المكانة العالمية للولايات المتحدة وانهيارها الحتمي‏,‏ وفي هذا الجو الملبد بغيوم التشاؤم دعا أحد الباحثين الاستراتيجيين الأمريكيين‏,‏ إلي إبداع نظرية جديدة للاستراتيجية الأمريكية مؤسسة علي المفاهيم الفلسفية‏,‏ ولم يمض أكثر من عامين حتي تبلورت نظرية نهاية التاريخ علي يد فوكوياما‏,‏ الذي وجد في سقوط الماركسية‏,‏ وتفكك الاتحاد السوفيتي‏,‏ وتصدع المنظومة الشرقية الشيوعية‏,‏ نهاية للتاريخ علي مستوي صراع الأفكار‏,‏ فلم يعد التاريخ ساحة لصراع الأفكار بعد سقوط الماركسية‏,‏ وانتصار الديمقراطية الليبرالية الغربية والتي باتت حسب تقديره هي خيار البشرية الأمثل والأخير بلا منازع‏,‏ ففكرة نهاية التاريخ تعني إن العصور الحديثة لا تستطيع أن تخرج عن الأفق الليبرالي الذي يشكل نهاية‏(‏ لا انتهاء‏)‏ للتاريخ‏.‏ وعلي أي حال فلم ينته التاريخ‏,‏ ولا انتصرت الديمقراطية الليبرالية في كل مكان‏,‏ ولا يزال للنظم المستبدة مستقبل زاهر‏.‏
ولكن هل هذا يعني إضافة نهاية أخري؟ يبدو أن المفكرين الغربيين نظرا لولعهم بمقولة النهاية عثروا علي نهاية أخري‏,‏ فظهرت أحاديث هذه الايام عن نهاية حقوق الإنسان‏,‏ ولقد تم اتهام بعض القادة في الغرب‏,‏ خاصة باراك أوباما‏,‏ بأنه يتطرق إلي كل المواضيع الرئاسية المعتادة ما عدا موضوع واحد هو حقوق الإنسان مما يشكل حسب الزعم بنهاية حقبة حقوق الإنسان‏,‏ وحلول حقبة من الواقعية لم يشهد لها مثيل منذ زمن ريتشارد نيكسون وهنري كيسنجر‏.‏ فهل بالفعل العالم المتقدم يلوذ بالصمت تجاه قضايا حقوق الإنسان؟ لا أعتقد صحة هذا القول‏,‏ لأنها ببساطة من قضايا الإنسان الكبري‏,‏ مثل الحق والواجب والفضيلة والوجود والمصير‏..‏ الخ‏,‏ وأعتقد أن القول بنهايتها هو نوع من المقولات الأخري البلاغية‏,‏ ويعبر عن طبيعة التحولات الاجتماعية والثقافية والسياسية في الغرب‏.‏ فقد نقبل القول بتراجعها في بعض البلدان ولا نقبل القول بنهايتها‏,‏ فالمسألة تخطت بكثير مجرد الرغبات‏,‏ وإلا كيف نفسر وجودها علي قمة أعمال العالم‏,‏ وكيف نفسر الكم المتزايد من المتعطشين والمناضلين من أجل كرامة الإنسان‏.‏
فلم يعد من الجائز لأي مثقف عصري أن يتجاهلها‏,‏ وبهذا المعني تكون ثقافة حقوق الإنسان في قلب الثقافة العصرية لأنها تمثل حدا فاصلا لحقوق غير قابلة للإنكار‏.‏ فهي ليست ترفا ولكنها مطلب جماعي‏.‏ أضف إلي ذلك أن من أهم سمات وتطلعات الحركة العالمية لحقوق الإنسان أنها تعطي لمسألة التطبيق والتنفيذ والوفاء الفعلي بالحقوق نفس الأهمية أو أهمية أكبر مما تعطيه لصياغة وثائق أو طرح أفكار ومباديء وإبرام اتفاقيات علي حد قول الدكتور محمد السيد سعيد‏,‏ رحمه الله‏.‏
وعلي وجه الإجمال‏,‏ إذا كان العديد من المفكرين الغربيين بشروا بتلك النهايات سواء أكان نهاية الأيديولوجيا أو نهاية التاريخ أو نهاية حقوق الإنسان‏..‏ إلي غير ذلك من النهايات‏,‏ إلا أن التاريخ الحي كذب كل هذه التنبؤات‏,‏ ذلك التاريخ الذي يخادع حتي أكثر طلابه جدا واجتهادا‏.‏
[email protected]

المزيد من مقالات حازم محفوظ


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.