جاءت استقالة الخبير الحقوقي نجاد البرعي من عضوية المجلس القومي لحقوق الإنسان, لتكشف كثيرا من السلبيات وأوجه القصور في أداء المجلس وعمله المسكوت عنها طوال ما يزيد علي عشر سنوات كاملة منذ تأسيسه, والتي لم يتخلص منها عقب ثورتي25 يناير و30 يونيو. وهو ما يجعل المجلس مجرد شكل أو ديكور بلا دور مثلما فعل نظاما مبارك ومرسي وظل خلالهما عاجزا عن أداء دور داخل مصر وخارجها. وجاءت استقالة نجاد البرعي, لتطرح هذه التحديات علي السطح, وفي هذه المواجهة يطرح أسباب الاستقالة, والسلبيات التي يعانيها المجلس, وطرق الخروج من الاشكاليات التي تواجهه, طرحنا التساؤلات علي نجاد البرعي عضو المجلس المستقيل في مواجهة, عبدالغفار شكر نائب رئيس المجلس للرد عليها. بداية سألنا الخبير الحقوقي نجاد البرعي.. لماذا استقلت من عضوية مجلس حقوق الانسان؟ كانت آمالي كبيرة بعد ثورة30 يونيو وانتصار الدولة والشعب الإخوان في بناء نظام قومي ومجلس قوي يدافع عن الحقوق والحريات, لكن للأسف المجلس بوضعه الحالي عاجز عن القيام بدور من أجل المواطن المصري. وكانت لي3 مطالب من محمد فائق رئيس المجلس قبل قبولي العضوية بها وطلبت أن يعرضها علي الدكتور حازم الببلاوي رئيس الوزراء لمعرفة موقفه بشأنها, وعندما وافق عليها. وما هي هذه المطالب؟ أولا تعديل قانون العقوبات لتعديل تعريف التعذيب وتسهيل طريقة إثباته, فالمجلس أعد مشروع بهذا الشأن, وقدمه من قبل للمستشار أحمد مكي وزير العدل بحكومة الدكتور هشام قنديل وتم ارساله للشوري قبل الثورة, وثانيا تعديل قانون المجلس ذاته, لتكون له سلطة وقدرة للعمل, وتم ارسال مشروع قانون للمستشار أحمد مكي وزير العدل وقدمه له عبدالغفار شكر نائب رئيس المجلس, وتم ركن المشروع. وكان المطلب الثالث, ضرورة توجيه الحكومة الدعوة لمقرري الأممالمتحدة المعنيين بحرية التعبير والعقيدة ومكافحة التعذيب والتظاهر, للوقوف علي أوضاع حقوق الانسان, في ظل قيام جماعة الإخوان بضرب الكنائس والمتاحف والمدارس ورجال الشرطة والجيش ومحاكمة الرئيس السابق محمد مرسي والقتل والعنف المستمر ضد المواطنين, وإحالة نحو5 آلاف صحفي وإعلامي لجهات التحقيق؟ وما هو الهدف وراء مطلبكم؟ تسجيل هذه الانتهاكات لجماعة الإخوان دوليا, ومن خلال مقرري الأممالمتحدة في الظروف الصعبة التي تواجهها مصر من تنظيم جماعة الإخوان الدولي والمحلي ضد الشعب, وهو ما سيفيد مصر دوليا. وهل تري أنك تسرعت في الاستقالة؟ لم أتسرع, لأني لم أقدمها بعد شهر من العمل, بل مرت ستة أشهر كاملة, وهي نصف المدة المقررة لعمل هذا المجلس لأنها تقريبا ستصل الي نحو عام واحد, لأنه مجلس استثنائي, وسيتم تشكيل مجلس جديد عقب انتخاب مجلس النواب. ما هو الدور الذي يجب أن يلعبه المجلس داخليا؟ ليس دور المجلس إصدار بيانات وتقارير مثلما يفعل حاليا, وإذا كان هذا دوره فما الفرق بينه وبين المنظمات الأهلية التي تصدر هذا البيانات لتعبر عن مواقفها وتستخدمها لتعريف الرأي العام بها. أذن ماذا يجب أن يفعل المجلس؟ يضع استراتيجية تجاه قضايا حقوق الانسان واشكالياتها ويعرضها علي متخذي القرار والحكومة في كل قضية ويدير مناقشات وحوارا حقيقيا وجادا وواقعيا معها, ولا يكتفي بارسال مذكرة أو طلب اليها من خلال عقد لقاءات مع الوزراء. وما الذي يجب أن يفعله دوليا من أجل مصر؟ ليس كما حدث في رد مجلس حقوق الانسان في رده علي تقارير المنظمات الدولية, ومنه تقرير العفو الدولية وهيومن رايتس واعتبار تقاريرها عن مصر غير مهنية وغير محايدة ضد مصر, لأنه بهذه الطريقة سيفقد مصداقيته دوليا, فهذا الرد يأتي فقط من وزارتي الخارجية أو الداخلية وليس مجلس حقوق الانسان المفترض أنه مستقل ومحايد. إذن ما هي الخطوة التي يجب أن يتخذها في مثل هذه المواقف؟ أن يقوم المجلس بدعوة تلك المنظمات الي مصر أو يسافر منه وفد اليها في الخارج, ويعرض عليها الأوضاع الحالية في مصر الحقوقية والأمنية في ظل عنف وارهاب جماعة الإخوان, ويقدم لها البيانات والمعلومات التي لم تصلها عن قتل واستشهاد المواطنين والجنود. ولماذا لم يفعل مجلس حقوق الإنسان هذا الإجراء؟ لأنه ببساطة شديدة لا يملك استراتيجية دولية حتي بياناته باللغة الإنجليزية والفرنسية ضعيفة ولا تساعد في شيء. كيف نواجه هذه السلبيات وأوجه القصور في عمل المجلس؟ المجلس بقانونه ووضعه وشكله الحالي الذي يدار به لن يؤدي إلي شيء, وأمواله تنفق بدون مناسبة في بلد فقير, ولا يوجد داعي أن يحصل علي51 مليون جنيه سنويا من أموال الدولة لكي ينفقها دون عائد علي الشعب, فضلا عن حصوله علي تمويلات تصل إلي53 مليون جنيه. كيف نطور المجلس في الفترة القادمة بدلا من اهماله؟ حركة المجلس عقيمة جدا ولا يتخذ مواقف جادة تجاه الأحداث الكبري التي تتعرض لها مصر منذ30 يونيو, وعلينا أما إلغاء المجلس نهائيا, أو بناء مؤسسة قوية تدافع بشكل حقيقي. عبدالغفار شكر نائب رئيس المجلس:خروج البرعي خسارة كبيرة في وقت حساس لا أستطيع المطالبة بمنع القبض علي متظاهرين مسلحين!
علي الجانب الآخر سألنا عبدالغفار شكر نائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان ما مدي أهمية استقالة أحد أعضاء المجلس؟ تمثل جرس انذار لذوي الشأن وللحكومة بوجود مشكلة أو خلل في عمل المجلس دفعت أحد الأعضاء لترك عضويته. وما الذي تمثله استقالة نجاد البرعي من العضوية؟ استقالته خسارة كبيرة لمجلس حقوق الإنسان لسببين أن لديه خبرة كبيرة حقوقية وقانونية, وثانيا لانه يملك الحيوية والقدرة علي العمل الحقيقي خاصة وأن الحكومة لم تعط قضايا حقوق الإنسان في مصر الاهتمام الواجب. وهل المطالب الثلاثة التي حددها نجاد البرعي لعضويته بالمجلس لها أهمية في عمل المجلس؟ هذه المطالب لقضايا حقيقية يعاني منها المجتمع المصري, وعلي رأسها موضوع تعريف جريمة التعذيب لان التعريف الحالي بالقانون يعطي فرصة لهروب المسئولين عن الجريمة وافلاتهم من العقاب, وأنه يري أن عدم صدور القانون تقصير من الحكومة, كما ان ملاحظات المجلس علي قانون التظاهر تجاهلتها الحكومة, واستمر تجاهلها في عدم دعوة المقررين الخواص للأمم المتحدة في التعذيب والتميز الديني والعدالة الانتقالية. وعندما تحدثت مع نجاد البرعي اعتبر أن المجلس لم يقوم بدوره الواجب تجاهها, وانه ليس في مقدرة المجلس ان يلعب هذا الدور. ما هو ردكم عليه؟ دعوته لحضور اجتماع المجلس القادم يوم الأربعاء المقبل وطرح استقالته للمناقشة. هل قبل دعوتكم؟ وعدني بالحضور وطرح كل ما يريد من أمور وقضايا وله وحده بعد انتهاء المناقشات أن يتخذ قراره. ما هو رأيكم الشخصي في تلك الاستقالة؟ علي المستوي الشخصي متمسك بدرجة كبيرة بنجاد البرعي في عضوية المجلس لكفاءته خاصة وان توقيتها حساس للغاية. ما هو موقفك كنائب رئيس للمجلس ازاء أوجه القصور التي تضمنتها الاستقالة؟ رأيي أن حقوق الإنسان في مصر في محنة حقيقية وكبيرة. هل طرحت علي الدولة للعلاج؟ قلت نصا لرئيس الجمهورية المستشار عدلي منصور في أول لقاء معه أن حقوق الإنسان في محنة فرد قائلا وما هي شواهدك قلت أخشي من عودة الدولة البوليسية مرة أخري في ظل تصاعد أعمال العنف والإرهاب. كيف يتعامل مجلس حقوق الإنسان مع الحكومة في هذا الوضع؟ المناخ العام في مصر لا يقبل التحدث عن حقوق الإنسان في ظل القتل والترويع للمواطنين, وأول جملة يندد بمنظمات ومجلس حقوق الإنسان فالشعب يتعرض للموت والخطر. هل أوضاع حقوق الإنسان صعبة في تعاملكم بشأنها؟ الوضع صعب ومعقد وشائك للغاية ولا أستطيع أن أطالب الحكومة بمنع القبض علي المتظاهرين وبعضهم يحمل أسلحة وقنابل مولوتوف ويعتدي علي الكنائس ومنشآت الدولة ويقوم باغتيال مدير مكتب وزير الداخلية. ما هي الوسيلة لكي يتم التوازن بين مطالب مجلس حقوق الإنسان ومطالب الحكومة؟ لابد أن تتمسك الحكومة بتطبيق القانون بحزم لحماية أمن المجتمع, وأن تتمسك الأجهزة الأمنية في ذات الوقت بحماية واحترام حقوق الإنسان.