كيف يمكن ضمان الفوز للمرشح الذي نريده رئيسا للجمهورية دون الاقتراب من صندوق الانتخاب؟ تلك هي المعادلة الصعبة التي يحاول المجلس العسكري فك طلاسمها قبل أن يقوم بتسليم السلطة للرئيس المنتخب أول يوليو المقبل. هل صحيح أن هناك مرشحا سريا محتملا لم تتم تسميته حتي تاريخه؟ الصحف أفصحت: أن المجلس العسكري لن يسمح برئيس علي غير رغبته, كيف؟ وما هو الشيء الذي يمكن أن يفعله بعيدا عن الصندوق لفرض مرشح يرغب فيه علي حساب مرشح آخر لا يرتاح إليه؟ الشيء الوحيد الذي يجب علي المجلس العسكري أن يفعله هو الالتزام بالحياد الصارم وعدم الظهور في الحملة الانتخابية تحت أي مسمي لتأييد أي مرشح, صحيح أنه ليس كل من قام بترشيح نفسه ليكون رئيسا للجمهورية يصلح أن يكون الرئيس المدني الذي يمكن تسليمه السلطة ليحكم دولة كبري بحجم ومنزلة مصر.. إلا أنه في النهاية لا وصاية علي اختيار الشعب حتي ولو اختار رئيسا ينتمي الي الفلول, فهو وحده الذي يتحمل مسئولية وزره.. أما الإخوان المسلمون أصحاب الأغلبية فإنني أتوقع أن يكون تأثيرهم محدودا في انتخابات الرئاسة أولا لأنهم لم يرشحوا أحدا.. ثانيا وهو الأهم أن هناك ناخبا جديدا رفض الوصاية علي صوته في انتخابات مجلس الشعب, وهو الذي سيرفض الوصاية علي صوته حتي من السلطة التي أعطاها صوته, وسواء كان هناك رئيس توافقي أو غير توافقي فإن تمكين الشعب من انتخاب رئيسه بنفسه هو المهمة السياسية التي سيحاسب عليها المجلس العسكري تاريخيا. الدكتور أحمد زويل هو آخر الأوراق التي تم تداولها في بورصة مرشحي الرئاسة, لكنه يحتاج الي تعديل في الإعلان الدستوري الذي وضع نصا قال عنه زويل إنه استهدف حرمانه من الترشيح لأنه متزوج من أجنبية, وأعتقد أننا نرتكب سابقة دستورية خطيرة تعيد الي الأذهان ما فعله مبارك اذا ما تم تعديل الإعلان الدستوري من أجل شخص ليكون الرئيس, زويل المقيم في أمريكا كان يزور مصر في بعض الأحيان, ليس بصفته مواطنا مصريا, وانما بصفته ممثلا شخصيا للرئيس الأمريكي ولا أدري.. كيف تم التفكير أصلا في ترشيحه.. وكيف يقبل العالم المصري الجليل أن يكون رئيسا لجمهورية مصر العربية بعد أن أقسم اليمين علي الولاء المقدس للأمة الأمريكية الذي يضع مصلحة أمريكا فوق أي مصلحة؟ زويل قيمة علمية عالمية يفخر بها الشعب المصري لكنه لا يصلح أن يكون رئيسا للجمهورية حتي ولو تنازل عن جنسيته الأمريكية وارتدي وشاح الوفاق. الدكتور محمد البرادعي: هو أول مرشح للرئاسة قبل الثورة.. اختاره الشعب باعتباره البديل الكفء الذي كسر حالة الاستسلام والتسليم بجمال مبارك رئيسا للجمهورية.. دفع ثمن موقفه الوطني المشرف ورحل من الوكالة الدولية لأنه رفض اعطاء الضوء الأخضر للأمريكان لغزو العراق وإيران.. أصبح كالميدان العدو الرسمي المعتمد من دولة الفلول بعد أن رشحه الميدان لرئاسة حكومة الانقاذ. لقن الجميع درسا آخر في تغليب المصلحة الوطنية علي المصلحة الشخصية, عندما تنازل عن الترشح لرئاسة الجمهورية من أجل إغاثة حكومة الإنقاذ, مما يؤكد أنه يريد أن يخدم من أي موقع وليس من موقع كرسي الرئاسة المرموق الذي يتم التحفظ عليه لحين ولادة فرعون جديد. هو يستحق وبجدارة أن يكون رئيس مصر الثورة. عمرو موسي: الابن البكري للنظام.. دفع ثمن شعبيته بتحويل مساره الي جراج الجامعة العربية بعد أغنية شعبان عبدالرحيم, لكنه تعايش مع النظام والتزم الصمت شراء لراحة البال, لكن هل كان يخطر علي باله أن الشعب سوف يهتف ضده باعتباره من فلول النظام برغم أنه لم يفعل شيئا سوي أنه سكت علي فساد النظام واستبداده, وبرغم ذلك فهو يثق في الفوز اعتمادا علي أقوي حملة انتخابية رئاسية من نوعها مدعومة بالرضا والتأييد في الداخل والخارج, فضلا عن أنه كاريزما دبلوماسية وسياسية تمتلك مهارة الحل الوسط بين الشيء ونقيضه.. فهو يستطيع أن يحقق أول مصالحة من نوعها بين قادة الفلول باعتبارهم أمرا واقعا وبين الثوار باعتبارهم طموحا جامحا, عمرو موسي هو رجل الاصلاح لكنه ليس رجل التغيير. الفريق أحمد شفيق: آخر العنقود.. سكر معقود.. هو أول مرشح استفزازي متألق, أشعل نار الحملة فور إعلانه ترشيح نفسه لرئاسة ثورة جديدة تعيد الأمور الي ما كانت عليه قبل25 يناير وتجميل صورة النظام بدلا من اضاعة الوقت في الكلام علي سقوط النظام الذي لن يسقط حتي ولو تم إعدام رأسه.. لكن كراسي جمهورية امبابة الشعبية كانت أبلغ رد علي أول تحرك انتخابي لسرقة الثورة في وضح النهار.. نحن لا نقول له انسحب, كيف ينسحب وهو يعتمد علي أنه المدني العسكري الذي يتميز عن العسكريين بأنه يمتلك كاريزما شعبية وجاذبية سياسية راح ضحيتها السيدات والفتيات؟.. كيف ينسحب وهو يعتمد علي البنية التحتية لإدارة دولة الفلول المسنودة برجال الأعمال الفلول الذين يستعدون لخوض معركة النظام الأخيرة من أجل البقاء والاستمرار.. ولعل استمرار ترشيحه يكون المحك لتقرير مصير الثورة.. تكون أو لا تكون.. حمدين صباحي: إذا كنت تريد أن تنتخب مرشحا ليكون الرئيس الذي يمثل الطبقة الوسطي في مصر لأول مرة.. فليس أمامك سوي حمدين صباحي المفطوم علي الإيمان بالعدالة الاجتماعية, الذي يجمع في ميزة فريدة بين نظافة الذمة المالية ونظافة الذمة السياسية, مشكلته أنه يخوض معركته هو وآخرون في مواجهة الحلف المالي المصري الخليجي الذي لا تقتصر مهمته في الانفاق علي مرشحيه فقط, وانما أيضا في إسقاط المنافسين الذين يركزون في خطابهم السياسي علي توجيه السهام للطبقة العليا الغنية التي حكمت مصر في غياب العدالة, لكن هل حمدين صباحي قادر علي الفوز؟ أنا أضمن له أصوات كل المصريين الذين مازالوا يحبون جمال عبدالناصر. الدكتور الطبيب عبدالمنعم أبوالفتوح.. قامة واستقامة يتميز علي الجميع بأنه مناضل وطني له تاريخ.. تمت محاكمته عسكريا ليدفع ضريبة الوطنية في الزنازين وليس في الصالونات, حتي وهو طالب بجامعة القاهرة استفز الرئيس السادات الذي قال له: اقعد يا ولد أنت بتكلم رئيس الجمهورية.. هذا الولد الذي انتقد الرئيس السادات هو نفس الرجل الذي رحبت جيهان السادات بترشيحه في حوارها مع معتز الدمرداش.. رفض أن يمشي في زفة جمال مبارك وكان يمكنه لو وافق أن يكون في منصب كبير مرموق الآن لكنه أبي.. غريبة هي الصدفة التي جمعت بينه وبين جمال عبدالناصر في الانضمام لجماعة الاخوان, ثم الخروج المفاجئ منها.. واذا كان جمال عبدالناصر قد انقلب علي الاخوان فإن الدكتور أبوالفتوح الذي تربي في الجماعة ليقود التيار الاصلاحي داخلها اصطدم بالتيار المحافظ المتشدد والمسيطر داخل الجماعة, مشكلته الكبري هي.. الفيتو الأمريكي. المرشح السري المحتمل: هو الخصلة السليمة في شعر كله محترق.. نأي بنفسه عن المشاركة في الهوجة ضد الثورة.. ولم يفتح فمه بكلمة واحدة تغضب الثوار.. نجح في تثبيت نفسه في المكان الذي يقف فيه علي مسافة واحدة من الجميع, هو الوحيد من بين المرشحين الذي يملك إمكانية استئصال النظام القديم من جذوره لو أراد.. يستحق درجة عشرة علي عشرة في كشف الهيئة بدليل أن الكاميرا تنجذب إليه بالمخالفة للبروتوكول.. لكن عيبه هو الضوء الأخضر الأمريكي. المزيد من مقالات محمود معوض