جنت علي نفسها براقش' ربما يكون أوجز وصف للعواقب الوخيمة التي تنتظرها باكستان في أعقاب مقتل حكيم الله محسود زعيم حركة طالبان باكستان في غارة لطائرة أمريكية بدون طيار . فقد ظنت الولاياتالأمريكية والسلطات الباكستانية, التي سارعت لإدانة الحادث لنفي أي شبهة تورط في الأمر,أنها قد نجحت في التخلص من عدو شرس وقاس دبر العديد من العمليات الارهابية في البلاد راح ضحيتها الالاف من الابرياء لتفاجأ باختيار الملا فضل الله خليفة له وهو يعتبر الأكثر تطرفا وتشددا حتي بمعايير أعضاء حركة طالبان باكستان أنفسهم.وربما لم ينس العالم بعد أنه هوالذي أصدر أوامره باطلاق الرصاص علي التلميذة مالالا يوسف زاي في2010 في اطار حملته لتحريم تعليم البنات وكرد فعل انتقامي لمدونتها التي كانت تدين فيها وحشية و تطرف حركة طالبان. وكما كان متوقعا كانت مفاوضات السلام بين الحكومة الباكستانية وحركة طالبان باكستان أول ضحية لاختيار' العدو الأول للدولة الباكستانية والجيش'(علي حد وصف الجنرال الباكستاني المتقاعد طلعت مسعود) زعيما للحركة حيث أكد شهيد الله شهيد المتحدث باسم طالبان, في حديث لوكالة أنباء رويترز عبر الهاتف بعد ساعات من اختيار مجلس شوري طالبان للزعيم الجديد, أنه لن يكون هناك المزيد من المحادثات لأن الملا فضل الله ضد المحادثات مع الحكومة الباكستانية. ويري بعض المحللين أن اختيار فضل الله لا يترك أي هامش للمناورة من أجل استئناف محاولات الحوار بين اسلام آباد وطالبان بل أنه يدفع الأمور نحو المزيد من التعقيد مشيرين إلي أن الجيش قد يضطر إلي شن حملة عسكرية موسعة خلال وقت قريب ضد معاقل طالبان وهو ماقد يزيد بدوره من وتيرة العمليات الارهابية من جانب طالبان.وكان الملا فضل الله, الذي يحفل سجله بعمليات استهداف قادة الجيش الباكستاني,قد صرح في حديث صحفي مؤخرا بأن هدفه القادم سيكون قائد قوات الجيش الجنرال أشفق كياني.ومع تنصيبه زعيما لحركة طالبان باكستان تعهد مقاتلو الحركة بمواصلة استهداف الجيش والحكومة التحذير من مزيد من التعقيدات لا يسري علي الداخل الباكستاني فقط بل يمتد إلي الجارة افغانستان حيث يتوقع عدد من المحللين أن يؤدي اختيار الملا فضل الله إلي تسميم العلاقات بين كابول واسلام آباد في وقت حرج تتصاعد فيه حدة التوتر مع اقتراب انسحاب قوات حلف شمال الاطلنطي(الناتو) من افغانستان في.2014 وكان الجانبان الافغاني والباكستاني قد دأبا علي تبادل الاتهامات بشأن التعامل مع حركة طالبان ففي حين تتهم الحكومة الأفغانية باكستان بالتعاطف مع طالبان افغانستان بزعامة الملا عمر, تتهم باكستان المخابرات الأفغانية بمساعدة عناصر طالبان باكستان وعلي رأسهم الملا فضل الله والذي يعتقد أنه يقيم حاليا في افغانستان. ويوصف الملا فضل الله بأنه يتمتع بشخصية قوية للغاية وبجدية صارمة وبالراديكالية والفصاحة. ولد فضل حياة( الذي قرر تغيير اسمه في التسعينات إلي فضل الله ليكسبه هالة أمام مريديه) في عام1976 في قرية فقيرة بوادي سوات في شمال غرب باكستان. وانضم في فترة التسعينات وهو بعد شاب صغير لصفوف حركة'تحريك انفاذ الشريعة المحمدية' المرتبطة بحركة طالبان,والتي أسسها صوفي محمد والد زوجته كحركة مسلحة تسعي إلي تطبيق الشريعة الاسلامية في باكستان. وتدرب فضل الله علي فنون القتال في افغانستان حيث اصطحبه حماه لمحاربة الأمريكيين ثم تولي فضل الله زعامة الحركة اثر اعتقال صوفي في عام2002 إلا أن صيته ذاع بصورة كبيرة عندما أنشأ محطة اذاعية في منطقة وادي سوات في عام2004 حيث كان يلقي خطبا يومية شديدة الحماس تروج للأفكار المتشددة والعداء للغرب.ونتيجة لذلك لقب فضل الله ب'ملا الراديو'حيث اتسع نطاق تأثيره في سوات لدرجة أن الآلاف قد اشعلوا النيران في أجهزة التليفزيون الخاصة بهم بعد أن أفتي بتحريم مشاهدة التلفزيون كما اطلق الرجال اللحي تأثرا بما يقوله في الراديو.ومع تزايد أعداد مريديه داخل سوات وخارجها بدأ فضل الله في حث المواطنين علي عدم ارسال بناتهم إلي المدارس وشجعهم علي التخلص من' مصادر الشر الرئيسية' مثل التليفزيون والكمبيوتر والكاميرا والتطهر بعدم الاستماع إلي الموسيقي. وعندما أحكم سيطرته علي سوات اعلنها إمارة إسلامية وذلك في الفترة من2007-2009 وشهدت فترة حكمه للإمارة سلسلة من عمليات الاعدام العلني والجلد والاختطاف والتعذيب وحرق المدارس إلي أن شن الجيش الباكستاني حملة عسكرية شرسة ضده ارغمته علي الهروب إلي افغانستان والتي يقيم بها منذ ذلك الوقت. ويري بعض المحللين أن وجوده في افغانستان قد يشكل تحديا كبيرا ويعيق قدراته علي إحكام قبضته علي فصائل حركة طالبان باكستان خاصة وانه لا ينتمي إلي نفس قبيلة الزعيم السابق حكيم الله محسود والذي يشكل افرادها الغالبية العظمي من مقاتلي الحركة.واوضح المحللون أن حركة طالبان باكستان تعاني بالفعل من بعض الانقسامات الداخلية وأن تولي رجل بشخصية فضل الله لزمامها قد يوسع من هوة الانقسام وليس العكس,كما أنه قد يواجه تحديات كبيرة خلال محاولته السيطرة علي المقاتلين الموالين لمحسود والذين يرون أن قبيلتهم اولي بالسلطة.