كان لابد للدولة المصرية من التدخل بقوة وحزم وبكل ثقلها, لمنع جماعات إرهابية متطرفة وإجرامية من متابعة تنفيذ مخططها الشيطاني باقتطاع أجزاء من الوطن والاستقلال بها عن محيطها, وفرض قوانينها وأعرافها وسطوتها تحت تهديد السلاح, وتقسيم البلاد إلي إمارات وإشعال الفتن في ربوعها, مثلما حدث في دلجا بالمنيا وكرداسة بالجيزة, منذ فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة. وبالتأكيد, فإن تطهير قوات الأمن فجر أمس كرداسة وما حولها واستعادة هيبة القانون والدولة والأمان, قوبل بارتياح بالغ من المصريين الذين اعتقد بعضهم أنه سيكون من المستحيل القضاء علي الإرهابيين المسلحين الذين نشروا الرعب والترويع بين سكان كرداسة, ويعد استكمالا لما قامت به في دلجا. غير أن العمليات الأمنية, رغم أهميتها وضرورتها, لن تكون الكفيلة وحدها بقطع دابر الإرهاب والتطرف, فما يقوم به الجيش والشرطة من جهد وتضحية يمهد السبيل لمعركة أشد وأعنف لتنظيف العقول مما التصق بها من أفكار تقوض قواعد التعايش والتآلف, من عينة تكفير المجتمع, وتصنيف الناس بين معسكري الإيمان والكفر, وأن من يقف بجواري فهو من الأخيار الأتقياء, وأن من يعارضني من الأشرار المطرودين من عباءة الدين ورحمته, ناهيك عن توظيف الدين لأغراض سياسية محضة. وهنا يتعين علي قوي المجتمع المؤثرة كالأزهر والكنيسة, ومنظمات المجتمع المدني, والمدرسة القيام بدورها في هذا السياق وعدم الارتكان إلي أن الأمن صاحب المهمة الأكبر, هذا الاعتقاد سيوقعنا في مشكلات عديدة ولن يقضي علي الإرهاب ومؤيديه, فكرداسة لن تكون نهاية المطاف في معركتنا الطويلة المصيرية مع الإرهاب, لكنها نقطة البداية وعلينا مواصلة المسيرة. لمزيد من مقالات راى الاهرام