قال مستثمرون ورؤساء بنوك ان هناك مؤشرات علي بدء التحسن رغم حدة المشكلات المتراكمة التي يعاني منها الاقتصاد والتي تكرست بشكل لافت خلال العام الماضي. يأتي في مقدمتها تراجع تكلفة الاقراض الناتج عن خفض سعر الفائدة من قبل البنك المركزي, والذي يتوقع ان يؤثر ايجابيا علي قرارات المستثمرين, كما يسهم في دفع عدد من المدخرين الذين فضلوا وضع مدخراتهم بالبنوك ليستفيدوا من سعر الفائدة المرتفع علي الشهادات الادخارية, مما يدفعهم الي اعادة استثمارها مرة اخري اضافة الي تأثير ذلك علي خفض اعباء الدين العام المحلي. وقال منير الزاهد رئيس بنك القاهرة ان خفض تكلفة الاقراض يمثل رسالة ايجابية قوية للمستثمرين ويشجع علي اعادة ضخ الاستثمارات من جديد بالسوق, وهو مايعكس اولوية لدي البنك المركزي في تنشيط الاستثمار والتشغيل خاصة في ظل اعطاء الحكومة الحالية اولوية للسياسة التوسعية وليست الانكماشية كما كانت الامور طوال الفترة السابقة مما انعكس سلبا علي زيادة البطالة, ولفت الي ان هذا التطور تواكبه تطورات ايجابية مهمة علي صعيد هدوء نسبي فيما يتعلق بتعزيز خطابات الائتمان وايضا هدوء في تحديد عمولة تعزيز الاعتمادات الخارجية وهو امر مهم يعكس تحولا ايجابيا في مؤشر الثقة والتوقعات المستقبلية للاوضاع الاقتصادية. وتوقع ان يؤدي ذلك الي بداية تحسن في الائتمان والاقراض لصالح القطاع الخاص خاصة بعد حزمة المساعدات من السعودية والامارات والكويت التي ستسهم بشكل نسبي في سد جانب من الفجوة التمويلية في الموازنة العامة مما يخفف الضغط علي اقتراض الحكومة من البنوك وبالتالي يشجع علي التوسع في اقراض القطاع الخاص, خاصة بعد تراجع العائد علي الاذون الحكومية بنحو200% من نحو14% الي12%, الي جانب انخفاض سعر الفائدة علي الكريدور50 نقطة, وهي الامور التي اخذها البنك المركزي في الاعتبار عند خفض سعر الفائدة علي الايداع والاقراض نهاية الخميس الماضي. واعتبر الزاهد أن خفض الفائدة يعكس تماسك السياسة النقدية, وسيتبعه تحرك في الاستثمار خاصة في ظل ترقب هدوء الاوضاع السياسية وعودة الامن الذي توليه الحكومة اولوية. وتوقع ان تقوم الشركات والافراد الذين فضلوا الاستفادة من ارتفاع سعر الفائدة علي الشهادات الادخارية وبسبب غموض الاوضاع السياسية والانفلات الامني خلال الفترة الماضية, ان تعود مرة اخري الي ضخ هذه الاموال في السوق خاصة مع انخفاض سعر الفائدة علي الشهادات بنحو1%. واعتبر ان ارتفاع الاحتياطي الاجنبي لدي البنك المركزي خلال الشهر الماضي يعد نقطة تحول ايجابية ومهمة سيكون لها تأثير ايجابي في رفع التصنيف الائتماني لمصر من جانب مؤسسات التصنيف الدولية, لافتا الي ضرورة المحافظة علي هذا الاحتياطي من خلال تحفيز وتنشيط مصادر النقد الاجنبي خاصة من السياحة والصادرات والاستثمار الاجنبي, والتي تمثل المحك الحقيقي لبدء تعافي الاقتصاد. وتوقع ان تشهد الفترة المقبلة تدفقا في النقد الاجنبي من خلال الجهاز المصرفي خاصة بعد كسر الحاجز النفسي الخاص باكتناز الدولار من جانب بعض الافراد إضافة إلي المصريين بالخارج ليتجهوا الي التحويل وبيع الفائض عن احتياجاتهم من خلال الجهاز المصرفي. وقال محمد اوزالب رئيس بنك بلوم مصر ان خفض تكلفة الاقراض يعكس بداية التحول الي مؤشر الصعود وبدء التعافي خاصة ان هناك تطورات ايجابية سريعة خلال الفترة القليلة الماضية ومنها تعديل وجهة نظر عدد من مؤسسات التصنيف ازاء الاوضاع المستقبلية للاقتصاد المصري وفي مقدمتها ستاندر اند بورز, واضاف انه مما لاشك فيه فان خفض سعر الفائدة سيكون له تأثير ايجابي علي الاستثمار لانه يخفف تكلفة الاقتراض من جانب الافراد والمؤسسات وبالتالي يشجعها علي الاستثمار, وهو امر مهم في الوقت الراهن لدفع النمو الاقتصادي وتوليد فرص العمل والتشغيل. وقال اوزالب هناك ترقب وتفاؤل حقيقي لدي دوائر الاستثمار بضخ مزيد من الاموال والاستثمارات بالسوق المصرية ولكن عودة الامن والاستقرار ستسهم بشكل حقيقي في ترجمة هذا الامر الي واقع, وهو ما دفع الحكومة الي تأكيدها المستمر منذ مجيئها علي اعطاء اولوية لعودة الامن. ومن جانبه رأي احد رؤساء مؤسسات الاستثمار الاقليمية الكبري التي لها استثمارات تفوق10 مليارات دولار بالسوق المصرية والذي فضل عدم ذكر اسمه ان خفض سعر الفائدة اجراء مهم يعكس بداية التنفس الصحي في الاقتصاد ولكن المستفيد الاكبر منه الان هو خفض اعباء الدين العام المحلي, وسيظل امر تحرك الاستثمار منتظرا حزمة اجراءات اصلاحية متكاملة وسريعة في نفس الوقت ربما كانت عودة الامن امرا بالغ الحيوية ولكن يجب ألا تتجاهل الحكومة امر تفاقم عجز الموازنة العامة الذي ارتفع ليصل الي نحو240 مليار جنيه العام المالي المنصرم في يوليو الماضي اي بنسبة13% لاول مرة, وهو امر كان متوقعا في ظل عجز الحكومة السابقة عن اتخاذ اجراءات حقيقية للاصلاح, واستدرك الان لدينا حكومة قوية وبها خبرات وكفاءات تدرك تماما حجم ومخاطر الاوضاع الاقتصادية ولكن عليها التحرك وهو ما يستلزم قرارا سياسيا بالدرجة الاولي. وأضاف لا احد يستطيع ان يتوقع تحسنا حقيقيا طالما ظل عجز الموازنة العامة دون علاج حقيقي وليس مسكنات فالعجز المتوقع اذا ما استمر الوضع الاقتصادي دون اصلاحات حقيقية نحو330 مليار جنيه وهو امر بالغ الخطورة وغير مقبول. ووصف مساعدات بعض الدول العربية بأنها جيدة ولكنها حبات اسبرين فقط والمهم تحريك الاقتصاد ومعالجة المشكلات المتفاقمة في اطار من الوعي لدي الرأي العام بحقيقة الاوضاع الاقتصادية وتكلفة والاصلاح وضرورته, وتوزيع التضحيات علي الفئات القادرة.