إن سياسة اقصاء الكفاءات عن العمل الوطني بحجة عملهم مع النظام البائد أو بحجة كبر سنهم من شأنه أن يدخلنا إلي مرحلة جديدة من التجربة والخطأ نحن في غني عنها حتي لا تضيع أعمارنا ونحن في مكاننا بينما يتقدمنا الآخرون إلي أن تفاجأ الأجيال القادمة بتضييعنا الفرصة تلو الأخري كما فوجئنا نحن بتضييع من عاصرناهم فرصا نعتبرها الآن ذهبية أدت إلي ما نعانيه الآن. نعم يجب أن نقصي الفاسدين والمفسدين علي أن تكون أدلة فسادهم بين أيدينا دامغة وحقيقية وغير ملفقة أو كيدية وإلا فكل من شغل منصبا ولو صغيرا في الدولة ابان العهد السابق يعتبر مغضوبا عليه وفاسدا وبهذا( كلنا يا عزيزي لصوص) وفاسدون وليس من كان بالوطني فقط, وأحب أن أنبه شبابنا الحر والواعد أن لدينا امثلة كثيرة في الصدر الأول من الاسلام ممن كان يكره محمدا والدين الذي أنزل اليه بل ويحاربه ويكيد له ثم صار من أشد المؤمنين تأييدا له وأكثرهم جهادا لنشره في ربوع الأرض, فهذه هند بنت عتبة زوجة ابي سفيان بن حرب التي كانت من أشد أعداء الاسلام والنبي محمد صلي الله عليه وسلم وما فعلته من تمثيل بجثة حمزة بعد أن أخرجت كبده ولاكتها بفمها مما أحزن النبي وجعله يتوعد بالثأر له والقصة أشهر من أن نذكر بها ولكن بعد فتح مكة ودخولها الاسلام جاءت إلي النبي وقالت لة والله ما كان خباء أكره إلي قلبي من خبائك يارسول الله إلا أنه الآن ما من خباء أحب إلي قلبي من خبائك والخباء هنا البيت ومن فيه فرد عليها رسول الله وقال وكذلك أنا, وعدل سيدنا محمد عن الثأر لحمزة بل قال: قولته الشهيرة لكل صناديد مكة: اذهبوا فأنتم الطلقاء وأصبحت هند بعد ذلك من أكبر المدافعين عن الإسلام بالمال والأهل والولد, فهي أم معاوية بن ابي سفيان ومثال آخر ألم يكن عمر بن الخطاب يوما ما كافرا قبل دخوله الإسلام.. فهل عندما اختير ليكون اميرا للمؤمنين قالوا له لقد تأخرت في دخولك الإسلام وكذلك خالد بن الوليد وغيرهم كثيرون. نحن جميعا عشنا في بيئة فاسدة وحاول كل منا قدر ثقافته أن يتعايش معها بشكل أو آخر, فمنا من كان فاسدا وسيظل علي فساده وافساده ومنا من لم يتلوث وحافظ علي نظافة يده ومنا من كان فاسدا وعقد العزم علي التوبة والانابة, فمن فسد وافسد وثبتت عليه التهمة فليطبق عليه قانون الغدر أو العزل ومن تاب واناب فليعطي الفرصة, أما من لم يفسد وأراد أن يخدم بلده متجردا عن المصلحة الشخصية والانتهازية فأهلا ومرحبا به ولنتذكر قول سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم: خياركم في الجاهلية خياركم في الاسلام ان فقهوا, ويقول ربنا تبارك وتعالي في قرآنه الكريم في سورة الفرقان: والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما(86) يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيها مهانا(96) إلا من تاب وأمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما(7) ومن تاب وعمل صالحا فإنه يتوب إلي الله متابا(17) الايات86 17,فلنكن ربانيين نتخلق بأسمائه الحسني وصفات جماله العلا فنغفر ونسامح ونرحم ونتعاون علي ايجاد البيئة غير الفاسدة لأنها إذا توافرت فسوف يتحول الجميع إلي الايجابية والنقاء لأن المحيط والاطار والبيئة تضطر من بداخلها إلي اتخاذ سماتها.. فهيا جميعا نضع مصر في أعيننا ونملأ قلوبنا بحب الله لتصبح مصر كما يريدها الله كنانته في أرضه. د.سمير محمد البهواشي