تتضمن منظومة علاج الأمراض ثلاثة أطراف: الاول هو الفريق الطبي الذي يضم الطبيب والصيدلي والممرضة, ومتخصصين في التحاليل الطبية والوسائل التشخيصية المساعدة, مثل التصوير بالأشعة, والموجات فوق الصوتية وغيرها, والطرف الثاني في المنظومة هو المريض. حيث يعتمد نجاح العلاج علي التزامه بتنفيذ الإرشادات الطبية, أما الطرف الثالث فهو الدواء, وهو الوسيلة التي تعالج بها الغالبية العظمي من الأمراض, وفيما يتعلق بالطرف الاول فقد شهد القرنان الماضي والحالي تقدما علميا ومهنيا وتكنولوجيا مذهلا في مجال الطب والصيدلة والتخصصات الطبية الأخري أدي إلي تطور الخدمات الطبية تطورا كبيرا أسهم في مكافحة العديد من الامراض, وبخاصة الأمراض المعدية, أما عن الطرف الثاني, وهو المريض, فقد اهتمت دول عديدة برفع مستواه التعليمي والثقافي فيما يختص بالوقاية من الامراض والاستخدام الأمثل للدواء, وتجنب العوامل التي تؤدي إلي الاصابة بالامراض وتفاقمها, مثل التدخين وتعاطي المخدرات والافراط في تناول الطعام. وإذا كان للتقدم العلمي والتكنولوجي دور بارز في ارتقاء مهنة الطرف الأول( الفريق الطبي) فإن له دورا مؤثرا فيما يتعلق بالطرف الثالث( الدواء) وذلك باكتشاف عدد كبير من الأدوية أسهمت في علاج العديد من الامراض والقضاء علي بعضها, مثل الانسولين والبنسلين والمضادات الحيوية الأخري والكورتيزون, ويرجع اكتشاف هذه الأدوية ونجاحها في السيطرة علي الامراض إلي اتباع المنهج العلمي, وذلك فيما يتعلق بوسائل تخليق الدواء كيميائيا وبيولوجيا, واكتشاف أدوية من أعشاب وغيرها من المواد الطبيعية, وتستهدف دراسات الكشف عن الأثر الطبي للدواء, سواء الطبيعي أو المصنع التوصل إلي مواد تفيد في علاج المرض أو الوقاية منه أو التغلب علي أعراضه دون الحاق الضرر بالمريض, ولكي يتحقق هذا الهدف, يقوم فريق بإجراء تجارب أولية علي الحيوانات, قبل تجربتها علي الانسان, للتأكد من أن المادة المستهدفة لا تسبب حدوث تسمم في الحيوانات, فإذا تثبت فعاليتها ومأمونية استخدامها في الحيوانات تجري تجارب أخري علي أشخاص أصحاء, ثم علي مرضي مصابين بالمرض المستهدف علاجه, للتأكد من أن الدواء قيد البحث يفيد في علاج المرض ولا يسبب أضرارا جسيمة للمريض, وقد تستغرق التجارب التي تجري علي الحيوانات والإنسان من01/5 سنوات, وحينما يحصل الدواء علي موافقة الهيئات الصحية المعنية بشئون الادوية يطرح الدواء في الاسواق, ولا يقتصر تقييم الدواء علي الخطوات السابقة فحسب بل يمتد إلي متابعة المرضي الذين يستخدمونه, فقد يكتشف تأثير ضار له عندما يتناوله ملايين المرضي علي مستوي العالم, وإذا ثبت من خلال المتابعة الطبية أن الدواء يسبب اصابات قد تشكل خطرا علي صحة المريض وحياته تقوم الهيئات المعنية باصدار قرارات بمنع تداول الدواء واستخدامه. مما تقدم يتضح خطر الخروج عن المنظومة العلاجية المؤسسة علي المنهج العلمي, وذلك فيما يتعلق بأدوار الأطراف الثلاثة, حيث يتضح من خلال متابعة اعلانات بعض الفضائيات أن بعضها يروج لشراء أعشاب أو منتجات أخري لعلاج قائمة طويلة من الامراض علاجا غير مستند إلي المنهج العلمي المطلوب, وتكمن خطورة هذا الأسلوب العشوائي, في أن المستحضر المعلن عنه قد لايفيد في علاج المرض, وفي هذا خطر علي المريض حيث يترتب علي فشل العلاج تفاقم الاصابة المرضية, ومن ناحية أخري قد يؤدي تعاطي المستحضر العشوائي إلي حدوث أضرار قد تصل إلي حد الوفاة, حيث لم يخضع هذا المستحضر للأسلوب العلمي من حيث ثبوت فعاليته ومأمونية استخدامه واتباع اجراءات ضمان الجودة وتأكيدها. وهكذا يتضح أن الخروج عن اطار الأطراف الثلاثة الذي يتمثل في خبرة الفريق الطبي وتعليم المريض وجودة المستحضر الدوائي قد يؤدي إلي فشل العلاج واصابة المريض بمرض فوق المرض الذي يشكو منه. د. عز الدين الدنشاري