من دواعي الدهشة والعجب تلك اللاصقة المعجزة التي يعلن عنها في بعض القنوات الفضائية, ويفيد الإعلان بأنها حينما تلصق علي الجلد فإنها تعالج قائمة طويلة من الأمراض. مثل السرطان والزهايمر والجلطة والبروستاتا والكلي والكبد وغيرها, علاوة علي أنها تنزع من الجسم جميع السموم والميكروبات والفيروسات التي تصيبه بقائمة من الأمراض, ولكي أوضح أن هذا الإدعاء درب من دروب الدجل والاستخفاف بعقلية المشاهد, أقدم الحقائق العلمية التالية: من أجل أن تكتمل البحوث والدراسات علي أي لاصقة طبية حتي تكون صالحة للاستخدام في علاج المرض, يتطلب الأمر مجهودات بحثية مضنية تستغرق من5 10 سنوات للتأكد من أن الدواء الذي تحتويه اللاصقة فعال في علاج مرض ما وأنه لايشكل خطرا علي المريض... وخلال الأعوام الخمسين الماضية أجريت دراسات عديدة للتوصل إلي لاصقات تفيد في علاج الأمراض, وحتي وقتنا هذا لم يتعد عدد المستخدم منها بضع مستحضرات لتسكين الألم وعلاج الذبحة الصدرية والاقلاع عن التدخين تحتوي علي النيكوتين, ولاصقة تستخدم لمنع الحمل وهي تتميز عن الحبوب المعروفة بقلة الأعراض الجانبية التي تسببها. يشير الإدعاء الإعلاني إلي أن اللاصقة المعجزة تعالج نحو خمسين مرضا, وإذا كان المرض الواحد يحتاج لدراسة تتراوح مدتها بين5 و10سنوات حتي تكون اللاصقة صالحة للعلاج, فإن الأمراض التي ذكرت في الإعلان تحتاج في دراستها إلي250-500 سنة. بالرغم من أن الدم وأعضاء الجسم الداخلية تحتوي علي آلاف المواد الكيميائية فإن الجلد لايستخرج منها سوي عدد قليل عن طريق العرق والغدد الدهنية, وإذا افترضنا أن الجلد, علي العكس, يقوم بإخراج الآلاف ويبقي علي عدد قليل من المواد داخل الجسم, فإن النتيجة هي أن الجسم يفقد عن طريق الجلد عناصر عديدة ضرورية لوظائف الأعضاء وحيويتها وسلامتها, مثل الفيتامينات والمعادن والعناصر الغذائية الأخري والهرمونات. ولنفترض أن سكر الدم يستخرج عن طريق الجلد, فإن هذا سوف يؤدي إلي نقص شديد في السكر بالإضافة إلي زيادة لزوجة العرق, وهذا أمرلايطاق. من المعروف علميا أن من أهم وظائف الجلد أنه يحول دون دخول المواد الضارة والميكروبات من الجلد إلي الدم والأعضاء الداخلية. وفي هذا وقاية من أضرارها, وإذا كان هذا السد المنيع( الجلد) لايسمح بدخول الميكروبات, فكيف يساعد علي خروجها؟... وهذا ما يدعيه المعلن عن اللاصقة المعجزة. هل أجريت تجارب تفيد بأن اللاصقة لاتسبب أضرارا في الجلد أو الأعضاء الداخلية؟ لنفترض جدلا أن اللاصقة المعجزة تحتوي علي مادة ذات قوة مغناطيسية تجذب السموم والميكروبات, فما الدليل علي أنها لاتجذب العناصر المفيدة وتخرجها من الدم والأعضاء الداخلية, أم أن هذا المغناطيس ينحاز لفئة دون أخري؟ تكمن خطورة استخدام اللاصقات استخداما غير مؤسس علي أسانيد وأدلة علمية مؤكدة في أن المرضي الذين استخدموها في علاج أمراضهم ربما كان منهم من انخدع بسحر الإعلانات فتخلي عن الدواء أو الوسيلة العلاجية التي نصحه بها الطبيب وذلك بعد إجراء الفحوص الطبية والتحاليل والمعملية التي تؤكد نوعية المرض وصفاته ودرجة خطورته, ومن ثم إعطاء المريض الدواء المطلوب والجرعة المناسبة لعلاج مرضه, ويترتب علي عدم اتباع المنهج العلمي مثلما يحدث حينما يعتمد المريض علي اللاصقة المعجزة فشل في علاج المرض وحدوث مضاعفات قد تودي بحياة المريض. تأسيسا علي ماتقدم فإني أري أن تتخذ إجراءات مشددة ورادعة لمكافحة هذه الآفات المدمرة, وذلك باصدار قوانين تعاقب مسئول مصدر الإعلانات التي تروج لعلاج الأمراض أو من السموم والميكروبات دون حصول الإعلان علي تصريح من جانب وزارة الصحة, كما أطالب المسئولين بوزارات الإعلام والثقافة والصحة والتعليم والجمعيات الأهلية بضرورة التصدي لهذه المشكلة بالتوعية الجماهيرية فيما يتعلق بالأدوية والأعشاب والسموم والوسائل المستخدمة في علاج الأمراض. هذا التحذير القائم علي أسس علمية للدكتور عز الدين الدنشاري استاذ الصيدلة, وكم نبهنا إلي خطورة اللاصقة الصحية ومع ذلك مازالت مستخدمة, وتجد رواجا هائلا بين البسطاء, وللأسف ذاع صيتها عن طريق الإعلانات في الآونة الأخيرة. - ولاأدري اين وزارة الصحة منها؟