وصلنى تعليق من دكتور عز الدين الدنشارى، أستاذ الفارماكولوجى والسموم بكلية الصيدلة، جامعة القاهرة، على ما كتبته بشأن الدجل بالأعشاب وظاهرة دكاكين العطارة التى افتتحها المليونير الذى يضحك على الشعب المصرى تحت شعار الأعشاب والطب البديل. كتب يقول فى رسالته: «تعقيباً على ما جاء بعمودكم القيّم الهادف عن الدجل الذى يمارسه البعض فى طب الأعشاب والطب البديل والذى بينتم فيه أن ما ينشره أو يعلن عنه هؤلاء الدجالون يجافى الحقائق العلمية ويشكل خطراً على صحة المواطنين، أقول إن هذا الأسلوب فى علاج الأمراض مرفوض تماماً على المستوى العالمى، وإن وسائل العلاج قد تطورت تطوراً مذهلاً إبان القرنين الماضى والحالى، حيث أُجريت بحوث طبية وصيدلية تعد بالملايين استهدفت اكتشاف أدوية من أصل عشبى أو طبيعى وأدوية أخرى مصنّعة لعلاج أمراض عديدة كان البعض منها يقضى على حياة الملايين. ولقد استندت هذه الاكتشافات إلى المنهج العلمى لضمان فعالية الدواء المكتشف فى علاج المرض وأنه لا يُلحق الضرر بالمريض الذى يستخدمه. وبناء على هذا المنهج الذى يحقق سلامة المرضى أشير إلى خطر بعض الوصفات العشبية التى وردت فى مقالكم، وأخص منها الوصفات التى ادعى المعلنون أنها تعالج التهاب الكبد الفيروسى وأخرى تعالج العقم، وسؤالى للمدعين هل: أجريتم بحوثاً على هذه الوصفات تفيد بأنها تتميز بخصائص قياسية فيما يتعلق بجودة العشب المستخدم؟ فمن المعروف أن العشب قد يكون ملوثاً ببعض المبيدات الحشرية والمواد الكيميائية الأخرى والميكروبات التى تمثل خطراً على صحة من يتعاطى العشب، ولذلك يتطلب إجراء اختبارات على العشب لإثبات أنه لا يحتوى على هذه الملوثات الضارة، وهل أجريت تجارب تفيد بأنه يحتوى على مواد فعالة تفيد فى علاج المرض المطلوب علاجه؟ وسأضرب مثلاً لخطر عدم استيفاء هذه المعايير القياسية للعشب قبل استخدامه فى علاج المرض، أولاً فيما يتعلق بالوصفات التى يعلن عنها لعلاج التهاب الكبد الفيروسى، فإذا كان العشب ملوثاً بسموم الأفلاتوكسين التى تلحق أضراراً بالكبد قد تصل إلى حد الإصابة بالسرطان فإن العشب المستخدم لعلاج التهاب الكبد الفيروسى، كما يدعى المدعون، سوف يضيف مرضاً آخر إلى كبد المريض، وإذا كان العشب عديم الفعالية، حيث لم يقدم دلائل علمية تفيد بأنه فعال فى علاج المرض، فإن المرض يبقى بل قد يتطور ويسبب إصابات بالغة الخطورة فى الكبد. أما فيما يتعلق بالوصفات العشبية التى يدّعون أنها تعالج العقم، فهل يعلم هؤلاء أن العقم فى الرجال وعدم الإخصاب فى النساء له أسباب عديدة منها أسباب خِلْقية وأخرى وراثية، وقد يكون السبب زيادة فى هرمونات معينة أو نقصاً فى هرمونات تساعد فى تكوين الحيوانات المنوية للرجل أو هرمونات تساعد فى التبويض فى النساء، وغيرها من الأسباب، فهل من المعقول أن هذه الوصفات السحرية تقضى على جميع هذه الأسباب التى تعوق الإنجاب، وهل تكون الوصفات السحرية بديلاً للعملية الجراحية إذا كان الأمر يتطلب ذلك؟ للإجابة عن هذه الأسئلة أقول إنه ما دام يعالج العقم دون أن نعرف سببه فإن النتيجة تكون فشل العلاج، ومن المعروف أن تأخر العلاج قد يؤدى إلى صعوبة التغلب على المشكلة أو استحالته بعد ذلك، وتأسيساً على ما تقدم فإنى أطالب الوزارات المعنية بالتصدى لهذه المشكلة، وذلك بحظر الإعلانات التى تستهدف ترويج أى مستحضر لعلاج المرض، ومراقبة المستحضرات التى تباع علناً على الأرصفة وغيرها، كما أدعو إلى عقد ندوات ومؤتمرات لمناقشة أبعاد هذه المشكلة والتوصل إلى الحلول المناسبة لمناهضتها والحد من انتشارها».