أيا كانت نتائج يوم30 يونيو فقد حققت تمرد رسالتها, وقدمت الحل المؤسسي العبقري لتأمين سلمية المشهد,وحل الأزمة السياسية في البلاد, برئاسة بروتوكولية لرئيس المحكمة الدستورية, وحكومة تكنوقراط برئاسة سياسية. صباحي والبرادعي والشاطر وأبوالفتوح يصلحون, أحدهم رئيسا للوزراء, والباقون نوابا لشئون القطاعات, الوزراة التكونقراطية تتسع لرشيد محمد رشيد لكفاءته المتفق عليها, ولباسم عوده إيقونة الإخوان الوزارية. لانتمرد لإقصاء او استبعاد الإخوان والإسلاميين. بل لدرء خطر مشروع دولة التنظيم الإخواني, المفارقة لمشروعنا الوطني العام, ولإسلامنا الحنيف. تأسست الجماعة عام1928 بتواطؤ الملك والانجليز لضرب المشروع الوطني العام لثورة1919, واستمرت لضرب المشروع الوطني القومي الناصري لثورة يوليو, لصالح الغرب وإسرائيل, ثم استخدمها هؤلاء لضرب الاتحاد السوفيتي السابق في أفغانستان. ليست الجماعة عميلة للاستعمار والصهيونية,ولكنها تمارس أسوأ أنواع الميكافية السياسية غير الرشيدة. تحت العناوين البراقة للجهاد والشهادة, قاموا بمساعدة أجهزة المخابرات الغربية باختلاق قضايا وهمية حول الدولة الإسلامية والجهاد ضد الكفار, ونجحوا في استقطاب بعض من أفضل شباب الوطن المستعدين للشهادة في سبيل القضايا التي يؤمنون بها, مما أدي لإضعاف وضرب ثورة19, وإلقائها في أحضان الإقطاعيين الذين منعوا تحولها لحركة تحرر وطني حقيقي, ذلك التحول الذي كان كفيلا بتغيير التاريخ المصري التالي لثورة.1919 ثم تواطأوا مع السادات لضرب المشروع الناصري, فافتعلوا الجهاد في افغانستان لحماية إسرائيل وتأمينها من ملايين الشباب العربي الذين لو انضموا للمقاومة الفلسطينية لكانت إسرائيل اليوم أثرا بعد عين.ورغم هذا الانفصال الكامل عن المشروع الوطني فقد حاول الرئيس مرسي, في خطاب ميدان التحرير, الربط بين تضحيات الشعب منذ عشرينيات القرن الماضي, وحتي انتفاضة يناير, وبين تاريخ الإخوان, للإيهام بأن انتفاضة يناير هي ثورة الإخوان. وهو النهج الإخواني المفضوح الذي صاحب جميع فاعليات انتفاضة يناير,ولا ننسي استدعاءهم ليوسف القرضاوي ليخطب ويؤم المتظاهرين بميدان التحرير في أول جمعة بعد خلع مبارك.وبكل اسف فقد غطت عبارة مرسي الشهيرة ما أدراك ما الستينيات علي مضمون السياق الذي وردت فيه, حتي راح البعض يعاير مرسي بأفضال عبد الناصر علي والده منتفع الإصلاح الزراعي الناصري, مع ان عبدالناصر لم يكن يقدم منا ولا إحسانا لوطنه ولا مواطنيه إنما كان يعيش معهم حلما كبيرا يستهدف بالفعل أن يؤول حكم الوطن يوما لأحد أبنائهم,وإن لم يتصور طبعا- ان تنجح جماعة الإخوان في تضليل بعض أبناء هذا الحلم العظيم. كذلك فإن مشروع دولة التنظيم الإخواني- كما يطرحه رجاله مفارق بالكامل للإسلام في شموله وهداه. ففي الإسلام من الله علينا بالاسلام, ومنعنا أن نمن بالإسلام عليه,أما الإخوان فيمنون علي المسلمين ببالجماعة التي لولا إنشاؤها لاختفي الإسلام من ديار المسلمين. وفي الإسلام من الله علي المسلمين فبعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة أما جماعة الإخوان فمنت علينا بمرشد فوقها وفوقنا,يعلمناالسمع والطاعة لنكون أساتذة للعالم لا لنعلم ونزكي ونهدي, بل لنلقي الكلام فيسمعون, ونعطي الأوامر فيطيعون!!. و النساء في الإسلام شقائق الرجال, خلقن من ذات نفس الرجل, مودة ورحمة وسكنا,فاتسع الأمر للمسلم يتزوج حيث يشاء مسلمة أو كتابية. أما المرأة في دولة الإخوان فعورة مستورة, وفتنة مخبوءة, وشهوة ومتعة لمن يشاء, ويضيق الأمر بالإخواني فلايحل له أن يتزوج إلا بإخوانية. وفي الإسلام كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لاتفعلون أما عند الإخوان فمخالفة القول للفعل شرع. يزعمون ليل نهار أنهم يدينون العنف والتكفيروالإرهاب, ثم لا يذكرون الراحل سيد قطب إلا مسبوقا بلقبي الإمام الشهيد مع أن دعواته التكفيرية العنيفة الإرهابية ثابتة في مؤلفاته غير المنكورة.والناس لا يتخذون إماما لهم إلا فيما أخذوه عنه, ولاشهيدا لهم إلا إذا قتل في سبيل ما يؤمنون أنه الحق!. التمكين في الفهم الإخواني ليس تمكين المصالحة والمودة والتوحد الذي قدمه الرسول المهاجر للمدينة صحيفة المدينة, والفاتح لمكة عفوا وتسامحااذهبوا فأنتم الطلقاء.بل تمكين شقاق وعداء لغير المسلمين, وتكفير وتسفيه لملايين المسلمين, باعتبار ان الإسلام هو ما أقره مكتب الإرشاد, وأمر به المرشد,اما غيره فليس من الإسلام إلا في أوهام غير الإخوانيين. وكل ما يمكن للإخوان فهو خير وشرع حتي لو كان فيه إزهاق الأرواح, وإفقار وتدمير البلاد والعباد, وخلق أجيال جديدة من الإرهابيين فإن أشرف جيل الإرهاب الأفغاني علي الهلاك والزوال ففي سوريا متسع لخلق أجيال جديدة تفعل بسوريا وشعبها ثم بعموم المسلمين مافعلته بأفغانستان والصومال واليمن والسودان, والجزائر, ومصر التسعينيات. ولو كان الإخوان وعصاباتهم وجيشهم الحر قد أعلنوا الجهاد في الجولان وصمدوا فيها طوال العامين السابقين,لأسقطوا النظام السوري المستبد دون نقطة دم سورية واحدة علي الأخص وهم يزعمون ان إسرائيل هي من يحمي نظام بشار. أما حال إعاقة الحل المؤسسي العبقري الذي قدمته تمرد, فيجب التفكير بالحل الدستوري المتمثل في انتخابات رئاسية مبكرة, قد تأتي لرئاسة الدولة بشخصية يطمئن الجميع لحيادها, لانتمائها لقواتنا المسلحة مؤسستنا الوطنية الجامعة, وتتقاسم السلطة التنفيذية مع حكومة دستورية من الأغلبية المنتخبة. لمزيد من مقالات أحمد عبد الحفيظ