وزارة العمل تعلن عن وظائف للخريجين، اعرف التفاصيل    أسعار الذهب في مصر اليوم الأحد 4 أغسطس 2024    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الأحد 4 أغسطس 2024    أسعار الخضار اليوم الأحد 4 أغسطس| الطماطم والبطاطس مولعين نار    وزير الطيران المدني: تعزيز الشراكات مع القطاع الخاص دون المساس بأصول الدولة    بعد تعدد الشكاوى.. نائب وزير الإسكان يبحث أسباب أزمة مياه الشرب بالغردقة    أحلف بسماها .. التنمية وتوطين الصناعة المصرية    للمرة الأولى.. حزب الله يقصف مستوطنة بيت هيلل بعشرات الصواريخ    ممثل الاتحاد الأوروبي للشئون الخارجية ورئيس قيرغيزستان يبحثان تعزيز التعاون المشترك    الأونروا تحذر من نقص المياه وتفاقم خطر الأمراض المعدية في غزة    الأمم المتحدة تدين هجوما إرهابيا استهدف شاطئا في الصومال    بن غفير يدعو الإسرائيليين إلى حمل السلاح بعد عملية الطعن في تل أبيب    اليوم.. منتخب فراعنة اليد في مواجهة صعبة أمام الأرجنتين بأولمبياد باريس    الرئيس الجزائري يشيد بالملاكمة إيمان خليف    وزارة التعليم: إعلان نتيجة الثانوية العامة الثلاثاء المقبل    فيديو.. الأرصاد: لا تغير جوهري أو كبير في درجات الحرارة خلال الأيام المقبلة    5 جنيهات.. محافظ الدقهلية يقرر تسعيرة موحدة لمركبات التوك توك داخل القرى    «العالم علمين».. نقلة نوعية للسياحة المصرية تامر حسنى: شكرا لبلدى «مصر أم الدنيا»    تعرف على فعاليات وعروض المهرجان القومي للمسرح اليوم    هل الابتلاء بالمرض يكفر الذنوب؟ دار الإفتاء تجيب    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الأحد    "أحد السكان كسر حائط".. تفاصيل معاينة عقار روض الفرج المنهار    ياسمين بدوي: سعيدة بالعمل في مسرحية الشهرة وعرضها بمهرجان العلمين الجديدة    اليوم.. عزاء المنتجين حسام شوقي وتامر فتحي وفتحي إسماعيل ومحمود كمال بمسجد الشرطة    غيوم وسحب كثيفة تغطي سماء الوادي الجديد -(صور)    مراسل «CBC» شاهد عيان على تأسيس العلمين الجديدة: «حسيتها بنتي اللي بتكبر»    عاجل.. اتحاد الكرة يقرر تعيين ميكالي في منصب جديد    القسام تقنص جنديا إسرائيليا في رفح    سيف زاهر: كهربا يستعد للرحيل عن الأهلي    ينطلق اليوم.. ننشر برنامج الجلسة الافتتاحية لمؤتمر وزراء الأوقاف بمكة    عباس شراقي يكشف عن طرق زيادة حصة مصر من المياه    فضل الدعاء على الظالم ب حسبي الله ونعم الوكيل    ملخص وأهداف مباراة الريال وبرشلونة في كلاسيكو أمريكا.. فيديو    قوات الأمن تلقي القبض على إسلام البحيري    الأمم المتحدة: ثلثي المباني في غزة تضررت أو دمّرت.. والإعمار سيستغرق سنوات طويلة    مجانية.. تردد قناة الكويتية الرياضية ل مشاهدة مباراة ريال مدريد وبرشلونة في الكلاسيكو    انتقامًا من والديه.. كشف غموض ذبح طفل في دمنهور    السيطرة على حريق في حدائق الأهرام    لإدارة السيولة قصيرة الأجل.. توسع مصرفى فى طرح حسابات الادخار ذات العائد اليومى    هاتريك "القائد" هالاند يقود مانشستر سيتي للفوز على تشيلسي برباعية في 120 ثانية (فيديو)    تعرف علي فضل الصلاة في جوف الليل    الحكومة الكندية تنصح رعاياها بعدم السفر لإسرائيل    كلية التربية الفنية: 766 طالب وطالبة خضعوا لاختبارات القدرات    جزيرة تتفوق على أمريكا، سانت لوسيا تكتب التاريخ في الأولمبياد    وداع وانسحاب.. ماذا قدم أبطال مصر في اليوم الثامن من أولمبياد باريس 2024؟    بحضور وزيرة البيئة.. جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا تحتفل بتخرج دفعة جديدة من «الطب البشري» (صور)    أكثر انتشارًا لدى النساء، تعرف على أعراض قصور ونشاط الغدة الدرقية    حظك اليوم برج الدلو الأحد 2-8-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    تحرير 12 محضر إشغال وضبط تكاتك مخالفة للسير عكس الاتجاه بالمنوفية    وزير الدفاع يشهد اليوم العلمى للكلية الفنية العسكرية    إعلان قوائم مؤسسات «التعليم العالى» المعتمدة استعدادًا لبدء التنسيق    أدعية للنجاح والتوفيق لطلاب الثانوية العامة    حظك اليوم.. توقعات برج العذراء 4 اغسطس 2024    «الصحة»: سرعة توفير نواقص الأدوية والمستلزمات الطبية بالمستشفيات    لطلاب الثانوية العامة..كيف تقلل التوتر والقلق قبل ظهور النتيجة؟    الصحة تعلن إطلاق البرنامج التدريبي الميداني في الوبائيات للصحة الواحدة    طريقة تحضير الكوكيز بمكونات بسيطة وطعم لذيذ في دقائق    ما حكم إنفاق المرأة على المنزل من مالها الخاص.. أمين الفتوى "فضل وليس واجب"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حافظ دياب: انتفاضات مصر أكدت قدرة المصريين فى التجمع عند الشدائد
نشر في الشروق الجديد يوم 19 - 08 - 2011

فى تسعة فصول، 220 صفحة، يحكى محمد حافظ دياب قصصا لانتفاضات مصر وثوراتها فيما يزيد على قرن قبل وقوع ثورة الخامس والعشرين من يناير التى قال فى آخر كلمات الخاتمة «إن الصوت قادم.... قادم».
«انتفاضات أم ثورات فى تاريخ مصر الحديث» هو عنوان الكتاب الذى أصدرته دار الشروق، ضمن سلسلة التاريخ: الجانب الآخر إعادة قراءة للتاريخ المصرى، قبل أيام من اندلاع أولى شرارات ثورة الخامس والعشرين من يناير.
فى كتابه يستعرض دياب فصول العمل الوطنى المصرى بدءا من «الغزو الفرنسى» لمصر فى 1798 مرورا ب«ملحمة رشيد» وثورة عرابى فثورة 1919 ثم انتفاضة الطلبة فى 1935 وانتفاضة العمال والطلبة فى 1946 إلى يوليو 1952 حيث كانت «الثورة المجهضة»، على حد ما يصفها وحتى «هبّة الجياع» عام 1977.
يرصد دياب تشكيلات وثنايا الحركة الوطنية المصرية التى يتداخل فيها الشعب من فلاحين وعمال وطلبة مع الجيش أحيانا كثيرة، ليدلى بتفاصيل تؤكد، كما تقول لطيفة محمد سالم فى تقديمها لكتاب دياب، إن المصريين «ليسوا دوما شعبا مستكينا بل هم شعب قادر على التمرد والعصيان والرفض والاحتجاج والانتفاضات والهبات»، فى سياقات أصلها سياسى وحواشيها من الآداب والفنون التى ساهمت كما يشير دياب فى تشكيل وتنسيق مجموعة المفاهيم المعبرة عن الحركة الوطنية المصرية.
التحام شعبى
ويتحدث دياب عن انتفاضتى القاهرة الأولى والثانية وما تلاهما من انتفاضة الصعيد ضد حملة نابليون بونابرت على مصر فيفرد فى شرح تفاصيل مقاومة الشعب المصرى لهذه الحملة منذ وصولها فى أول يوليو 1798 وحتى جلائها فى 16 نوفمبر 1801 فى تفاصيل توضح بجلاء قدرة المصريين على التجمع عند الشدائد للدفاع عن الوطن. بل إن دياب يرى أن المقاومة التى أبداها الشعب المصرى عبر 3 سنوات هى كل عمر الحملة هى ما كرس ما عرف بعد ذلك «بالنضال الوطنى وبدء تبلور مفهوم «الأمة» وولادة قيادة شعبية مصرية داخل المجال العام».
وفكرتا النضال الوطنى والقيادة الشعبية هما العنصران الأساسيان فى التحام شعبى يرويه دياب مع عمر مكرم فى التآزر لدحض جيوش الإنجليز التى أرادت أن تخلف الجيوش الفرنسية على مصر، فى 1807، فلم ينتظر عمر مكرم عودة محمد على الذى كان مشغولا بقتال المماليك فى صعيد مصر ليعضد حكمه الجديد «بل تولى قيادة المقاومة الشعبية وتنظيمها وشارك بنفسه فى إقامة الاستحكامات حول المدينة وتشجيع العامل وإثارة الحماس لحمل السلاح تأهبا لقتال الإنجليز».
وكما فعل عمر مكرم فى القاهرة فعل فى رشيد على بك السلانكى «ولقبه لدى الرشايدة على بك الشجاع» فى تنظيم صفوف المقاومة الشعبية التى تمكنت من تحويل «المدينة كلها إلى بركان قذف حممه ضد الانجليز الذين امتلأت الشوارع بقتلاهم»، فتحقق انسحاب الإنجليز بعد شهور قليلة من محاولة الغزو بفضل انتفاضة الشعب المصرى فى وجه هذا الغزو.
وينتقل دياب ليذكر أن الغضب العارم للشعب المصرى لا يرتبط فقط بفعل الغزو ولكنه يأتى أيضا ردا لفعل الظلم وهو ما كان فى عهد الخديو إسماعيل الذى، وإن كان أبدع فى تجميل القاهرة لتكون باريس أخرى على النيل، فقد أشاع المظالم المالية والاجتماعية، وهو ما أدى إلى بدء حركات ترفض سياساته كان من ضمن لبناتها الأولى جمعية سرية فنشأت فى 1876 عرفت باسم «مصر الفتاة» واشرف عليها جمال الدين الأفغانى وهى الجمعية التى طالبت بتحسين أوضاع المصريين، خاصة فى الجيش الذى كان يسيطر عليه الأتراك، وإشاعة الحريات العامة، ثم بعد ذلك بثلاثة أعوام «اجتمع الضباط المصريون مع قائدهم (أحمد) عرابى فى طابية رشيد فى 30 يناير 1879 وطالبوا بالعدل والمساواة.. واحتشدت وراءهم جماهير غفيرة من الفلاحين، بمظاهرة عسكرية قاصدين وزارة المالية.. وقد اعتبرت هذه المظاهرة أول سابقة لتدخل الجيش فى السياسة»، ليتواتر بعد ذلك انضمام الضباط للنشاط الوطنى وليعلموا «كجناح عسكرى يمكنه ان يفرض مطالبه بالعنف لو تعذرت الوسائل السياسية، وكانت تلك أول مرة يصبح فيها الجيش أداة لحماية الحركة القومية لا أداة للقمع كما كانت مهمته التقليدية فى ظل الدولة المركزية القديمة».
وقد شهد العام ذاته، كما يروى دياب فى كتابه، بدايات إنشاء الأحزاب المطالبة بالتحرر الوطنى مثل «الحزب الوطنى الأهلى المصرى» الذى طالب باستقلال مصر وبضرورة قيام الحكام وفقا للعدل والقانون.
ويستمر العمل الوطنى للمصريين، كما يروى دياب، ليبدأ الكفاح ثانية فى 11 يوليو 1882 لمواجهة ضرب الإنجليز للإسكندرية، لتتكون «لجنة الدفاع الوطنى فى القاهرة» التى حظت بتعاطف شعبى واسع تم التعبير عنه فى أناشيد وخطب تحث على المقاومة بل وفى تبرعات جاء بعضها من نساء أسرة الخديو نفسه.
ورغم ان الاحتلال الانجليزى لمصر وقع وتأكد فإن الكفاح الوطنى لم يتوقف ورغم ان ثورة عرابى، التى كان الفلاحون والجيش قوامها الرئيسى، دحرت وتعرضت لحملة تشويه من جرائد موالية للخديو ووصفت عرابى ورجاله ب«القتلة والمخربين والآثمين» فإن ذلك لم يحول دون بدء العمل السرى ضد الاحتلال البريطانى فى نشاطات تجاوزت الفلاحين والجيش وضمت أيضا الطلاب الذين نظم بعضهم نفسه فى إطار ما عرف ب«اتحاد الشبيبة المصرية» فى نهايات 1879 وهو الاتحاد الذى كان محل دعم وتعاطف من كثير من المثقفين.
وكما الأمس القريب كان الأمس البعيد حيث تعرقل العمل الوطنى وتعثر جراء انقسامات وقعت فى صفوفه وجراء ضربات وجهها له النظام جاء جزءا لا يستهان به منها فى صورة قانون المطبوعات للتضييق على أصحاب القلم.
ولكن أيضا كما الأمس القريب كان الأمس البعيد حيث نهضت ثلة من المثقفين فى المجال العام لتدعو لاستمرار العمل الوطنى وهو ما كان بوقوع ثورة 1919.
وبحسب كتاب دياب فإن «ثورة 1919 تعد أول ثورة وطنية تنفجر بعد الحرب العالمية الأولى وأول حدث جمع المصريين على اختلاف عقائدهم ومذاهبهم وأجيالهم».
ويذكر دياب لمن لم يطالع صفحات التاريخ دور شباب مصر فى ثورة 1919 حيث كانوا، كما العمال، من اولى شرارات انطلاق الثورة ومن اوائل شهدائها رجال ونساء. كما يستدعى دياب تآلف الكلمات الغنائية مع الحركة السياسية عندما كتب احد الطلاب الموقوفين فى التظاهرات اغنية ياعم حمزة «ياعم عم حمزة احنا التلامذة، واخدين ع العيش الحاف والنوم من غير لحاف، مستعدين وناس وطنيين ودايما صاحيين» ليؤكد استمرار الحركة الوطنية والتى كللت مرحليا بالتفاوض من أجل الاستقلال فى وفد رأسه سعد زغلول وهو التفاوض الذى استمر سنوات مدعوما بأعمال فنية عبرت عن روحه ورح الشعب فى ذلك الوقت من خلال أغنيات سيد درويش ومسرحيات نجيب الريحانى وبديع خيرى.
انتفاضة الطلبة
وعلى انها لم تحقق الاستقلال فإن ثورة 1919 كما يرويها دياب فى كتابه «انتفاضات أم ثورات» حققت انطلاقة جديدة للحركة الوطنية أوسع وأعرض من تلك التى حققتها ثورة العرابيين لتتابع فصول الحركة الوطنية من خلال انتفاضة الطلبة فى عام 1934 عندما أعلن الطلاب التمرد فى وجه فساد الحياة السياسية وتزوير الانتخابات و«فى مناسبة الاحتفال بذكرى عيد الجهاد الوطنى فى 13 نوفمبر 1935 أضربت المدارس والكليات»، ثم انتفاضة العمال والطلبة فى عام 1946 بتظاهرة بدأت فى ميدان إبراهيم باشا ثم اتسعت لتشمل المدينة ليتم بعد ذلك مجابهتها من النظام بالتعاون مع الإخوان المسلمين بوصف أن المحرك الرئيسى لهذه الانتفاضة كانت القوى اليسارية.
ثم تأتى «الثورة المجهضة» فى 23 يوليو 1952 التى بدأت «انقلابا عسكريا» ف«حركة مباركة» فثورة يدعمها الشعب بهد القضاء على الفساد السياسى والخلل الهيكلى على المستوى الاقتصادى والاجتماعى والفشل فى تحقيق الاستقلال ولكن كما صفحات ثورات وانتفاضات مصر السابقة فإن صفحات ثورة يوليو، على الاقل كما يرويها دياب، حوت بذور التعثر والتعرقل بما فى ذلك عن ابرز انجازات الثورة المتعلقة بتحقيق العدالة الاجتماعية والحياة الكريمة التى غابت بصورة تدريجية، ومتزايدة، حتى جاءت هبة 1977 التى لم تكن فقط تعبيرا عن تراجع الشأن الاجتماعى ولكن أيضا عن تراجع الحال السياسى وهى ذاتها نفس الاسباب التى ادت إلى ثورات سابقة كما انها ذات الأسباب التى أدت، حسبما يدون دياب، إلى بدء تحركات جديدة فى مصر بدءا من عام 2005 مثل كفاية وانتشار ظاهرة المدونين وانتشار المظاهرات الفئوية التى تصاعدت فى النهاية لتصل للحظة التى لم يدركها كتاب «انتفاضات أم ثورات فى تاريخ مصر الحديثة».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.