أحمد عبد الحفىظ العبقرية الحقيقة لثورة يناير تكمن في شعاراتها التي جمعت بين التراث الليبرالي لثورة 1919، والمشروع القومي الاشتراكي الناصري، وإقرار التيار الإسلامي كمعطي اصيل في نسيج المشروع الوطني، الظروف الثورية لم تساعد الوفد في احتواء جموع الليبراليين الجدد. ربما يكون حزب الدستور بقيادة البرادعي رغم عدم شعبية ولا كفاية المسمي هو الأكثر تأهلا لإصدار الطبعة الجديدة من التيار الليبرالي المصري بمثل ما أن ابو الفتوح وحزبه »مصر القوية« هو الأكثر تأهلا لإصدار الطبعة الاسلامية لثورة يناير وما أزال متحفظا علي مسمي »التيار الشعبي« ،كان يجب الوقوف تحت المسمي الحقيقي الواضح وهو »التيار الناصري« ،أوقن أن النجاح في إصدار الطبعة الجديدة من المشروع الناصري هو الطريق الصحيح لتحقيق أهداف انتفاضة يناير الثورية. المهم ان التيار الشعبي قد عقد مؤخرا مؤتمرا اقتصاديا تفجر بالافكار والحلول. هذا معناه ان احد تجمعات الثورة قد بدأ مسيرة الخروج من شرنقة الاعمال التعبوية كسبيل وحيد للعمل الثوري. وبدأ يدرك ان الثورة ليست مجرد تجمعات ثورية غاضبة تحتشد في المظاهرات طوال الوقت. الأهم من المؤتمر الاقتصادي هو البرنامج الاقتصادي، المؤتمر حركة متخصصة تبحث مشاكل موجودة وتقدم حلولا لمن يريد. البرنامج عمل حزبي سياسي يطرح علي الجماهير يحدد مطالب ويضع سياسات، ويعد بقرارات، وهو بالضبط ما افتقدته القوي السياسية المصرية طوال العقود الماضية، لذلك فشلت في استقطاب اي قطاعات جماهيرية لمناصرة احزابها. البرامج والسياسات لا تعمل اثرها بعيدا عن أشخاص من يطرحونها علي الناس. التحدي الحقيقي للتيار الشعبي هو في فرز وتمكين القيادات الشابة الجديدة التي سوف تحمل برامجه إلي الناس. اذا لم يجد الناس امامهم إلا اولئك الذين طالما طالعوا وجوههم طوال الأعوام الاربعين الماضية فقل علي المؤتمرات والبرامج السلام. القيادات القديمة مهما كان تراثها الوطني والنضالي مطالبة بترك اماكنها للاجيال الجديدة. حمدين والبرادعي وابو الفتوح يكفون لتمثيل الاجيال القديمة في قيادة احزاب الثورة الجديدة .الباقون يكفيهم مقاعد المستشارين والخبراء. لو أحسنوا نقل الخبرة وتقديم المشورة لقدموا لمستقبل الوطن خدمة هائلة. أخطأ البرادعي بوضع وزيرين سابقين في أعلي منصبين حزبيين بعده في حزب الدستور. مع كامل تقديرنا لهما، فإن قيادة حزب ثوري تتطلب فكرا جديدا لا يمكن انتظاره من كبار الموظفين السابقين.