سبع عشرة سنة تقريبا مضت علي تدشين شبكة, ان تي في, كأول قناة تركية مرئية تقتصر فقط علي المواد الاخبارية, ولم يكن اختيار العاشر من نوفمبر1996 عشوائيا. فقد أراد القائمون علي القناة الوليدة, التي تبث علي مدي الساعة, أن يهدوا مشروعهم لروح مؤسس تركيا الحديثة مصطفي كمال أتاتورك الذي توفي في ذات اليوم قبل خمسة وثمانين عاما. وبدا عليها آنذاك, أنها ستتحلي بقيم ومبادي الجمهورية الكمالية, وفي سنواتها الأولي طغت المهنية والحرفية علي أي اعتبار آخر, وراحت تنقل الحقيقة كما هي دون تلوين أو تحريف. ومع صعود العدالة والتنمية, إلي سدة السلطة بشقيها الرئاسي والحكومي, تبدلت أوضاع كثيرة كان الاعلام إجمالا في مقدمتها, ومع تولي بولنت إرنيتش نائب رئيس الوزراء شئون الإعلام قبل سنوات قليلة, بدا هناك ما يمكن تسميته ب أردوغنة الميديا, صحيح مازال يوجد من يعصي, إلا ان شبكة أن تي في لم تكن أبدا من المناهضين, وهكذا بدأت تغض الطرف عما هو نقد مباشر للحكومة ورئيسها رجب طيب اردوغان علي وجه الخصوص, ولعل الازمة الأخيرة التي تمر بها تركيا منذ ثلاثة أسابيع, كشفت بجلاء أنها اصبحت من الموالاة وموضع سخط من القطاعات الرافضة لأسلمة المجتمع. وال أن تي في هي واحدة من مجموعة قنوات آثرت طريق السلامة وتجنب غضب أصحاب النفوذ, وتهمهم الجاهزة وهي: التحريض وإثارة الفتنة والدعوة للعنف, ويكفي أن إحداها المعنونة ب ستار, لم تجد أفضل من حفل اختيار ملكة جمال البلاد تقدمه للجمهور علي الهواء مباشرة, في الوقت الذي كان الآلاف يجتاحون ميادين تقسيم وكيزلاي واسكي شاهير واضمة وغيرها من المدن في مستهل ازمة حديقة جيزي. وأمس الأول تسابقت لنقل اللقاء الجماهيري الثاني للعدالة الحاكم وخطبة زعيمه حرفيا, ولم تسأل أي منهما نفسها, لماذا رفضت تجمعات للمعارضة؟ في حين سمح للمؤيدين فقط بالتظاهر والتهليل دون خراطيم المياه أو الغازات المسيلة للدموع؟ لمزيد من مقالات سيد عبد المجبد