قد لا يكترث المواطن المصرى البسيط ببعض الوزارات فى التشكيل الحكومى الجديد، لكنه حتمًا سينشغل بالوزارات الاقتصادية وتحديدًا «التموين والمالية والتجارة»؛ فهى سبيله الوحيد لمواجهة الأزمة الحالية، وزارات قد تزحزحه عن السقوط فى هاوية العجز عن الوفاء بالتزاماته. حازم الببلاوى وبالعودة لقراءة البنيان الوزارى فى مصر، خصوصًا بعد ثورة 52، سنجد تطورًا كميًا فى عدد الحقائب، فأول حكومة تشكلت فى عهد الثورة برئاسة على ماهر باشا؛ ضمت 10 وزراء فقط، والرقم ارتفع أحيانًا ليصل إلى 39 وزيرًا فى أثناء حكومتى على صبرى الأولى فى 1964، وحكومة أنور السادات الأولى فى 1973. لكن ما يعنينا هنا هو تقسيم الاختصاصات فى مجلس الوزراء، وهو ما لم يحدث قبل حكومة على صبرى الثانية مارس 1964، إذ لم يكن هناك داع فى ظل تولى رئيس الدولة بنفسه رئاسة الوزراء، ومع هذا فقد خصصت رئاسات فرعية لبعض الشؤون وبالتأكيد أبرزها الشأنان الاقتصادى والأمنى، طبقًا لكتاب «البنيان الوزارى فى مصر (1878-1996)» الصادر عن دار «الشروق». كمال الجنزورى ففى وزارة جمال عبدالناصر الأولى فبراير 1954، تم تعيين عبدالجليل العمرى، نائبًا لرئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية، ومعه الدكتور على الجريتلى، وزيرًا للمالية والاقتصاد، وتكرر الأمر فى وزارة الوحدة الرابعة برئاسة الرئيس عبدالناصر، أغسطس 1961، التى استمرت 42 يومًا فقط، وكان هناك 7 نواب لرئيس الجمهورية، حيث تولى عبدالحكيم عامر، وزارة الحربية، بينما كان كل نائب من النواب ال6 مختصًا بشأن من الشؤون؛ فكان عبداللطيف بغدادى نائبًا للتخطيط، وكان زكريا محيى الدين نائبًا للمؤسسات العامة فى المجال الاقتصادى وتتبعه 6 مؤسسات كبرى. فى عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات، تكرر ما فعله «عبدالناصر» مع عبدالجليل العمرى، حين بدا الاهتمام بالقطاع الاقتصادى واضحًا مع وزارة ممدوح سالم الثالثة، نوفمبر 1976، عندما دخلها الدكتور عبدالمنعم القيسونى، إذ تولى منصب نائب رئيس الوزراء للشؤون المالية والاقتصادية، وهكذا أصبحت هناك 3 قطاعات فى مجلس الوزراء، ضمت «الشؤون المالية والاقتصادية، والتنمية الاجتماعية والخدمات، والإنتاج»، وتكرر التقسيم فى وزارة الرئيس السادات الأخيرة، مايو 1980، إذ ضمت 6 نواب لرئيس الوزراء، كان أحدهم يمثل قطاع الشؤون الاقتصادية والمالية تولاه محمد نبوى إسماعيل، ويضم وزارات (السياحة والطيران المدنى والتموين والتجارة الداخلية). وعلى هذا النحو استمرت الحكومة عند إعادة تشكيلها برئاسة الرئيس مبارك عقب وفاة السادات، فى 14 أكتوبر 1981، فجاء عبدالرزاق عبدالمجيد نائبًا لرئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية والمالية، ووزيرًا التخطيط والمالية والاقتصاد، وتكرر الأمر عند تشكيل الحكومة برئاسة الدكتور فؤاد محيى الدين، 3 يناير 1982، مع تغيير واحد، هو محمد عبدالفتاح إبراهيم، بديلًا للدكتور عبدالرزاق عبدالمجيد، نائبًا لرئيس الوزراء ووزيرًا لشؤون الاستثمار والتعاون الدولى. واختفى منصب نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية والمالية فى حكومة فؤاد محيى الدين الثانية، والتى تشكلت فى 31 أغسطس 1982، ثم جاءت وزارة كمال حسن على فى 16 يوليو 1984، ليختفى فيها النص على القطاعات الوزارية بالكامل، فأصبحت تضم نائبين فقط، هما مصطفى كمال حلمى وأبو غزالة، أما وزارة الدكتور على لطفى فى 5 سبتمبر 1985، فضمت 4 نواب دون النص على قطاعات أيضًا، وهم المشير محمد عبدالحليم أبو غزالة، والدكتور أحمد عصمت عبدالمجيد، والدكتور كمال الجنزورى، والدكتور يوسف والى، واستمر النواب ال4 فى حكومتى الدكتور عاطف صدقى الأولى والثانية، وأصبح هناك نائبان فقط فى وزارته الثالثة التى تشكلت فى أكتوبر 1993 وظلت حتى يناير 1996، دون تخصيص أى قطاعات. وأعاد الدكتور كمال الجنزورى فى حكومته الأولى التى تشكلت فى 4 يناير 1996، قطاع الأعمال العام والدولة للتنمية الإدارية وشؤون البيئة فقط، وكذلك فى حكومة عاطف عبيد (من 10 أكتوبر 1999- حتى 9 يوليو 2004)، وهو ما ظل مستمرًا فى وزارتى أحمد نظيف الأولى (13 يوليو 2004) والثانية (30 ديسمبر 2005)، ووزارة أحمد شفيق فى 31 يناير 2011، ليعود الاهتمام بالشأن الاقتصادى، حين اختير الدكتور حازم الببلاوى فى 16 يوليو 2011 نائبًا لرئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية ووزيرًا للمالية، فى وزارة عصام شرف، ثم يختفى المنصب مرة أخرى فى وزارة كمال الجنزورى الثانية فى 25 نوفمبر 2011، وكذلك فى وزارة هشام قنديل التى تشكلت فى 24 يوليو 2012. وجاءت وزارة حازم الببلاوى لتجسد الاهتمام الاقتصادى فى رئيس مجلس الوزراء نفسه، والتى تشكلت فى عهد الرئيس المؤقت المستشار عدلى منصور بعد مظاهرات 30 يونيو 2013، وحل زياد بهاء الدين، نائبًا لرئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية، صحيح أن منصب نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية سيختفى حين يكلَّف إبراهيم محلب بتشكيل وزارته الأولى فى 26 فبراير 2014، لكن الاهتمام بالشأن الاقتصادى سيظل شاغلًا فى اختيار الحقب الوزارية، فى ظل وجود وزراء ذوى خلفية اقتصادية مثل «منير فخرى عبدالنور، هشام زعزوع، مصطفى مدبولى، وخالد حنفى»، وسيستمرون كذلك فى مناصبهم فى وزارة إبراهيم محلب الثانية فى 9 يونيو 2014، وكذلك فى وزارة شريف إسماعيل فى 12 سبتمبر 2015، باستثناء وحيد هو مغادرة منير فخرى عبدالنور. سيعاود الاهتمام الاقتصادى فى الظهور على السطح حين يكلف الدكتور مصطفى مدبولى بوزارته الأولى فى 7 يونيو 2018، ويستمر حتى 3 يونيو المنقضى، لمدة 5 سنواتٍ و11 شهرًا و20 يومًا، تولى فيها رئاسة الوزراء، بالإضافة لكونه الوزير المختص بشؤون الاستثمار منذ 22 ديسمبر 2019 حتى الوقت الحالى، وسيظل الاقتصاد المصرى هو الشغل الشاغل فى الحكومة الجديدة.