كشفت مصادر المعارضة الروسية عن انتهاكات وسقطات الحزب الحاكم وعدد من ممثليه في النسق الاعلي للسلطة, في اطار تبادل الاتهامات ومنها ما يتعلق بحمل البعض للجنسية الاسرائيلية. في نفس الوقت الذي يعرب فيه كثيرون من خشيتهم تجاه احتمالات عودة اليهود الروس الي ممارسة دورهم التاريخي كحصان طروادة داخل فريق الرئيس بوتين وهو ما سبق وسمح لاسلافهم بالاطاحة بالاتحاد السوفييتي السابق!. عقب ادانة الكرملين للتقرير الصادر عن مركز التخطيط الاداري وتحليل القضايا حول تزوير الانتخابات البرلمانية والرئاسية الماضية رغم تبعته المعروفة للكرملين, سارع ياكونين المسئول المباشر لهذا المركز بوصفه رئيسا للمجلس العلمي للمركز والمعروف بعلاقته القريبة من الرئيس فلاديمير بوتين, وكما اشرنا في الاسبوع الماضي الي نفي صلته بهذا التقرير. وعلي نحو يتسق مع القول المأثوريكاد المريب ان يقول خذوني قال ياكونين ان تقرير سولاكشين وما تضمنه من معلومات حول تزوير الانتخابات لم يكن يستند الي اسس علمية وانه لم يوافق علي نشره في العام الماضي. وفي الوقت الذي سارع فيه عدد من نواب مجلس الدوما عن الحزب الشيوعي بالتوجه الي النيابة العامة يطالبون بالتحقيق في صحة ما تضمنه التقرير من معلومات حول تزوير الانتخابات البرلمانية الماضية واستيضاح مدي مسئولية اللجنة المركزية للانتخابات تجاه وقوع هذا التزوير, تعالت فضيحة اخري تمس عددا من رموز الحزب الحاكم وتتعلق بانتهاكهم للقانون الذي يحظر ملكيتهم لعقارات خارج الدولة فضلا عن تمتع بعضهم بالجنسية الاسرائيلية. وكان الكسي نافالني قطب المعارضة اليسارية غير الممنهجة اعلن هذا الاسبوع عن وجود نائب اسرائيلي الجنسية ضمن ممثلي الحزب الحاكم الوحدة الروسية. وقال نافالني ان الامر لا يقتصر وحسب علي جنسيته الاسرائيلية, بل ويتعداه الي تورطه في قضايا مالية تتعلق بملكيته لما يزيد علي مائة مؤسسة ومكتب تجاري في الخارج وهو ما يتناقض مع القانون الروسي الذي يحظر الجمع بين النشاط التجاري وعضوية المجالس التنفيذية والتشريعية. واشارت صحيفة كوميرسانت الروسية الي ان فيتالي مالكين الذي يتهمه نافالني بحمل الجنسية الاسرائيلية لم يسجل شيئا عن نشاطه التجاري وكذلك عن عقاراته في الخارج بما في ذلك شقته التي يمتلكها في نيويورك وتقدر قيمتها ب16 مليون دولار. ومضي القطب المعارض المعروف الذي تلاحقه السلطات الروسية الرسمية, ليكشف المزيد عن عضو الحزب الحاكم ومنه اسمه اليهودي الذي يحمله حسب الوثائق الاسرائيلية وهو افيخور بن بار! مؤكدا ان اثنين من ابنائه يحملان ايضا هذه الجنسية. ويذكر المراقبون ان تمتع الكثيرين من السياسيين واساطين المال والاعمال الروس بالجنسية الاسرائيلية ليس جديدا علي الساحة السياسية والاقتصادية في روسيا منذ نهاية ثمانينيات القرن الماضي التي شهدت استئناف العلاقات الدبلوماسية بين الاتحاد السوفييتي واسرائيل. فما ان تراجعت قيود السفر والهجرة الي اسرائيل حتي راح الكثيرون من نجوم ذلك الزمان من اليهود السوفييت يعلنون عن حقيقة ميولهم وانتماءاتهم في نفس الوقت الذي بدأوا فيه العمل من اجل الامساك بمفاتيح صناعة القرار السياسي. ومثلما استطاعوا في مطلع القرن العشرين الاطاحة بالنظام القيصري بزعامة فلاديمير لينين اليهودي الام وصحبه من ابناء نفس الطائفة اليهودية الذين تزعموا ثورة اكتوبر1917, عاد احفادهم في منتصف الثمانينيات ليلعبوا الي جانب الزعيم السوفييتي السابق ميخائيل جورباتشوف دورا مشابها ثمة من يدرجه ضمن الاسباب التي اسفرت عن انهيار الاتحاد السوفييتي السابق. و نذكر من مواقع شاهدي العيان في ذلك الحين ان اليهود كانوا اول المستفيدين من ذلك الانهيار عبر مواقعهم الجديدة التي شغلوها في كل مؤسسات الدولة الي جانب الرئيس الروسي الاسبق بوريس يلتسين. ولم يجد اي من هؤلاء غضاضة في ان يتولي منصبا وزاريا روسيا, في نفس الوقت الذي يحمل فيه الجنسية الاسرائيلية. ونعيد الي الاذهان شخصيات علي غرار بوريس بيريزوفسكي الملياردير اليهودي الهارب, والذي توفي في بريطانيا قبل أيام, حيث عين في النصف الثاني من تسعينيات القرن الماضي نائبا لسكرتير مجلس الامن القومي الروسي وهو يحمل الجنسية الاسرائيلية الي جانب آخرين كثيرين تقلدوا اكثر المناصب تأثيرا في جهاز الحكم الروسي وهو ما حرص الرئيس بوتين علي تصحيحه في غضون سنوات ولايته الاولي. ورغما عن ذلك فقد نجح عدد لا باس به من ممثلي القومية اليهودية في الاحتفاظ بمواقعهم المؤثرة داخل النسق الاعلي للسلطة وهو ما لا نعتقد انه امر يغيب عن بصر وسمع ثعلب الكرملين الذي كان استهل فترة حكمه باقرار قانون عدم ازدواج الجنسية. واذا كان الكثيرون من حاملي الجنسية الاسرائيلية سارعوا الي اعلان تخليهم عنها ومنهم نائب مجلس الاتحاد بشهادة تفيد بتنازله عن هذه الجنسية, فان الواقع يقول ان الداخلية الاسرائيلية وشأن المؤسسات المصرية بالنسبة للمصريين الذين تضطرهم ظروف الاقامة في البلدان التي تحظر الجنسية المزدوجة تكتفي بمنح شهادات تقول ان المواطن المذكور ليس من المقيمين الدائمين في اسرائيل دون اسقاط الجنسية عنه!. وقد يدهش القارئ العربي اذا نقلنا عن الرئيس الروسي السابق ورئيس الحكومة الحالي دميتري ميدفيديف قوله خلال زيارته لاسرائيل ان من حقه الحصول علي الجنسية الاسرائيلية لان امه يهودية! قالها لا فض فوه ولا مات حاسدوه دون تفكير في العواقب!. ورغم صحة ما يقال حول ان احدا لا يعترض علي وجود اليهود في قمة السلطة الروسية, ما داموا يعملون في خدمة الوطن الروسي دون اعتبار الي مصالح اشقائهم خارج حدود هذا الوطن, فان الكثيرين يعربون عن شكوكهم في ذلك ويعلنون عن مخاوف من احتمالات ظهور حصان طروادة الذي قد يعود الي دوره التاريخي بين فريق بوتين مثلما فعل اسلافه مع لينين وعادوا الي اداء دور مماثل ساهم في انهيار الاتحاد السوفييتي السابق ضمن فريق الرئيس ميخائيل جورباتشوف.