جاء الكشف عن تقرير يشير لصحة ما قالته المعارضة عقب الانتخابات البرلمانية في عام2011 والرئاسية في عام2012 حول تزوير نتائجهما, في توقيت مواكب للضجة التي تعالت في مجلس الدوما حول احتمالات طرد دميتري جودكوف احد اقطاب المعارضة من مجلس الدوما بسبب سفره الي الولاياتالمتحدة ولقاءاته هناك مع نواب الكونجرس الأمريكي. وكان الكرملين سارع بادانة ما جاء في نتائج هذا التقرير الذي قال بفوز الحزب الشيوعي بالاغلبية, في نفس الوقت الذي كشف فيه عن ان نسبة الاصوات التي حصل عليها الرئيس بوتين لم تزد عن52% بدلا من النسبة المعلنة64%!. لم يكن الحزب الحاكم قد افاق بعد من صدمات توالي استقالات عدد من نوابه في مجلسي الدوما والاتحاد لاسباب تتعلق عمليا بشبهات فساد, حتي جاء التقرير الصادر عن مركز التخطيط الاداري وتحليل القضايا المعروف بعلاقته القريبة من الكرملين حول تزوير نتائج الانتخابات الرئاسية والبرلمانية, ليزلزل اركان شرعية الحزب الحاكم ويهدد باحتمالات حل مجلس الدوما حسب توقعات عدد من اقطاب المعارضة. ولذا فقد سارع فلاديمير ياكونين رئيس المجلس العلمي للمركز واحد اقرب رفاق الرئيس فلاديمير بوتين باعلان عدم صلته بالتقرير, في الوقت الذي سارعت فيه مصادر الكرملين بادانة ما جاء في تقرير هذا المركز الذي تضم هيئة رئاسته عددا من المحسوبين علي فريق الرئيس بوتين, ورغم ما قد يبدو حول عدم عقلانية التوقعات باحتمال حل مجلس الدوما, فان ما جاء في التقرير من نتائج تقول بان الحزب الشيوعي فاز في الانتخابات البرلمانية الماضية بنسبة30% متقدما عن الحزب الحاكم الذي لم يفز باكثر من22% بدلا من48% المعلنة, يكشف عمليا عن ادراك بوتين لحقائق المرحلة واستيعابه لما يدور في الساحة من تقلبات وعواصف ما يبدو تفسيرا لما ينتهجه من سياسات متشددة ولان ما يتخذه من قرارات لاصلاح النظامين الانتخابي والاداري يستند الي مخاوف حقيقية تجاه احتمالات تراجع شعبية النظام. وكانت الفترة القليلة الماضية شهدت تفجير عدد من قضايا الفساد التي تورط فيها عدد من ابرز نجوم النظام وفي مقدمتهم اناتولي سيرديوكوف وزير الدفاع وبعض اقطاب الحزب الحاكم. واذا كان ثمة من استطاع اثبات تزوير الانتخابات البرلمانية, فان النتائج التي قال التقرير ان الرئيس الروسي حققها في انتخابات الرئاسة الماضية(52%) لا تنفي شرعية فوزه وإن كشفت عما جري من محاولات بائسة لدعم هذه الشرعية, ومع ذلك فان الضجة التي تتعالي اليوم في اروقة صناعة القرار عقب الاعلان عن نتائج هذا التقرير, تدفع الي التفكير في مدي احتمالات ما قد يتخذه بوتين من قرارات تستهدف اعادة بناء البيت من الداخل. وحول هذا الموضوع نقلت صحيفة فايننشال تايمز عن فلاديمير بريبيلوفسكي المشرف علي موقع انتيكومبرامات قوله ان التقرير يعتبر انذارا من جانب الليبراليين يستهدف تحذير بوتين من تدعم مواقع المحافظين في المجتمع الروسي., مشيرا الي ما اعربت عنه غالبية المراقبين من شكوك تجاه احتمالات ان يكون التقرير جري اعداده وتسريب نتائجه دون موافقة ضمنية من ياكونين رئيس المركز وبالتالي بمعرفة بوتين. وكانت صحيفة كوميرسانت الروسية نشرت تعليقات عدد من نواب مجلس الدوما قالوا فيها ان التقرير خطوة مدبرة من جانب بوتين بهدف توفير المبررات التي تمنحه حق الاعلان عن حل مجلس الدوما وبما يرفع لاحقا من شعبيته. ومن اللافت ان كل هذه الاحداث جاءت وكما قلنا مواكبة لاخري تستهدف تقويض مواقع المعارضة غير الممنهجة التي سبق ونجحت في شتاء2011 في حشد مئات الألوف من المؤيدين لتوجهاتها المناهضة للسلطة, وقد شهدت الجلسة الاخيرة لمجلس الدوما في نهاية الاسبوع الماضي الكثير من الجدل الذي احتدم حول مشروعية سفر دميتري جودكوف عضو المجلس عن حزب العدالة الروسية الي الولاياتالمتحدة ضمن وفد من ممثلي المعارضة دون اذن من هيئة رئاسة المجلس او قيادة حزبه واللقاء مع اعضاء الكونجرس الامريكي. وبلغت حملة الادانة اتهام جودكوف بالخيانة العظمي والمطالبة بطرده من المجلس الذي كان سبق واتخذ قرارا مماثلا بحق ابيه جينادي جودكوف في العام الماضي لاسباب قالوا انها تتعلق بعدم التزامه بالحظر المفروض علي الجمع بين عضوية البرلمان وادارة شركاته الخاصة.وكانت قيادة حزب العدالة الروسية سارعت ايضا باتخاذ قرار طرد الاب والابن من عضوية الحزب بحجة انتمائهما الي هيئة رئاسة المجلس التنسيقي للمعارضة, في محاولة من جانبها علي ما يبدو لارضاء السلطة الرسمية وهو ما يشير ضمنا الي ان الفترة القريبة المقبلة سوف تشهد الكثير من التغييرات التي قد تطيح بآخرين من ابرز نجوم السلطتين التنفيذية والتشريعية.