شارك عشرات الآلاف في مظاهرة حاشدة بميدان "ساخاروف" وسط العاصمة الروسية موسكو للمطالبة بإعادة الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي شهدت الكثير من عمليات التزوير لصالح الحزب الحاكم "حزب روسيا الموحدة" الذي يتزعمه رئيس الوزراء فلاديمير بوتين. وتباينت التقديرات المتعلقة بأعداد المتظاهرين حيث أشارت أجهزة الأمن الروسية إلى 30 ألف متظاهر، بينما قدر منظمو الاحتجاج عدد المشاركين بأكثر من 150 ألف محتج. وحسب تقديرات "المشهد " كان عدد المتظاهرين أكبر بكثير من عدد المحتجين في مظاهرة العاشر من ديسمبر الجاري ولا يقل بأي حال من الأحوال عن 100 ألف متظاهر. واللافت أن هذه المظاهرة الاحتجاجية شهدت تصعيدا ملحوظا ضد رئيس الوزراء فلاديمير بوتين حيث طالب المحتجون بتنحيته عن السلطة وتأجيل الانتخابات الرئاسية المقبلة إلى أبريل 2012 بدلا من شهر مارس وتخيف شروط الترشح للمنصب الرئاسي حتى يتمكن كل من يرغب في الترشح من المشاركة في التنافس على مقعد رئيس الدولة. ورُفعت الشعارات التقليدية التي رُفعت في مظاهرات العاشر من ديسمبر ومنها "روسيا بدون بوتين" و"لن ننسى .... ولن نتسامح بعد اليوم". وهدد المدون والمعارض الكسي نافالني بالاستيلاء على الكرملين ومبنى الحكومة في حال استمرار سلطة بوتين في الحكم. كما دعا المتظاهرين للانتقال إلى المظاهرات المليونية في يناير القادم بعد الانتهاء من عطلات أعياد الميلاد ورأس السنة وقال "إن عدد الحاضرين في ميدان ساخاروف كاف لاحتلال الكرملين ومبنى الحكومة، مطالبا حكومة بوتين بالإفراج عن المعتقلين السياسيين". وتجدر الإشارة أن كلمة نافالني البالغ من العمر حوالي 35 سنة حازت على تصفيق حار وتأييد كبير من المتظاهرين في ميدان " ساخاروف " مقارنة بكلمات بعض زعماء المعارضة الآخرين الذين أشاروا في كلماتهم إلى ضرورة الحوار مع السلطة. وألقى عدد كبير من قادة المعارضة الروسية غير الممثلة في البرلمان كلمات حماسية ومنهم زعيم حركة "التضامن" بوريس نيمتسوف الذي دعا بوتين والكرملين إلى احترام إرادة الشعب والكف عن الخداع، معلنا أن "اللص ليس له مكان في الكرملين" في إشارة واضحة إلى رئيس الحكومة فلاديمير بوتين الذي أعلن عن ترشيح نفسه للانتخابات الرئاسية القادمة في مارس 2012 . كما ألقى المعارض الروسي المعروف بطل العالم الأسبق في الشطرنج جاري كاسباروف كلمة أمام المتظاهرين، مشددا على أن التغيير سيحدث في العام القادم . وقال كاسباروف "نحن الأكثرية وهم الأقلية، ولم نعد خائفين بعد اليوم، مرددا الشعار الرئيسي "روسيا بدون بوتين". كما ألقى وزير المالية السابق ألكسي كودرين كلمة دعا فيها إلى انتخابات تشريعية جديدة، مشددا على ضرورة تنحية رئيس لجنة الانتخابات المركزية فلاديمير تشوروف عن منصبه لضمان نزاهة وشفافية الانتخابات. وقاطع المتظاهرون كودرين أكثر من مرة بالهتاف "عار عليك أنت من زمرة بوتين". ويعتبر كودرين من المقربين لبوتين، إلا أنه فقد منصبه كوزير للمالية في سبتمبر الماضي لرفضه العمل مع الحكومة الجديدة التي ستتشكل العام القادم إذا ترأسها دميتري ميدفيديف. كما شارك في التظاهرة ميخائيل كاسيانوف رئيس الحكومة الروسية الأسبق في الفترة 2000 2004. ولم يتمكن ميخائيل جورباتشوف من المشاركة بعد أن ألمح إلى ذلك في تصريحات صحفية سابقة. ورفع المتظاهرون الأعلام والشعارات التي تعبر عن معظم الانتماءات السياسية في روسيا من اليمين إلى الوسط واليسار، بالإضافة إلى مشاركة أعداد غفيرة من المحتجين غير المنتمين للأحزاب السياسية وهم معظمهم من الشباب والطبقات الوسطى في المجتمع الروسي. وتوحدت كل هذه القوى المحتجة تحت شعار أساسي وهو ضرورة تنحي بوتين والخلاص من حزبه الذي وُصف بحزب اللصوص وذلك بجانب ضرورة إعادة الانتخابات البرلمانية الأخيرة. ولم تقتصر التظاهرات الاحتجاجية اليوم على العاصمة موسكو وحدها وإنما امتدت إلى حوالي خمسين مدينة روسية أخرى من بينها بطرسبورج مسقط رأس فلاديمير بوتين. ولم تتعرض قوات الشرطة ومكافحة الشغب للمتظاهرين ولم تقع أحداث تذكر تعكر صفو الاحتجاجات.