يري المحللون المختصون بقضايا الحرب علي الإرهاب أن عملية قتل أنور العولقي في جبال اليمن لها جانبان مهمان بصرف النظر عن أن العولقي نفسه كان هدفا لهذه العملية. الجانب الأول أنها تمثل نقطة تحول مهمة في الأسلوب التقليدي الذي سارت عليه الولاياتالمتحدة في حربها علي الإرهاب منذ عشر سنوات, والجانب الثاني أنها تمكنت في نفس العملية من تصفية ثلاثة من أبرز من تضمنتهم قائمة المطلوبين, إثنان منهما يحملان الجنسية الأمريكية. والثلاثة كانوا معا في نفس السيارة التي قصفها الصاروخ الأمريكي في اليمن, بالإضافة إلي أن إصطياد العولقي كان الهدف الثاني مباشرة بعد بن لادن في الخطة الأمريكية للقضاء علي قيادات تنظيم القاعدة. وقد تصدر العولقي رأس قائمة المطلوبين من القوات الأمريكية بوصفه الملهم الروحي لتنظيم القاعدة وزعيمها في اليمن حيث كان يقوم ببث أفكاره التدميرية عبر الإنترنت وتجنيد الشباب من أجل القيام بعمليات إغتيال للغربيين وهو ما نجح فيه بدرجة كبيرة. كما كان وراء الطرود الناسفة التي وصلت خلال العامين الماضيين إلي السفارات الأجنبية في العالم ومحاولة تفجير الطائرات وهو ما جعل المخابرات الأمريكية تضعه علي رأس قائمة المطلوبين لخطورته الشديدة. بدأت المطاردة الطويلة للعولقي عندما أصدر الرئيس الأمريكي باراك أوباما في أبريل2010 أوامره للقوات الأمريكية بقتل العولقي, وكان تنفيذ العملية هو الذي يمثل تغييرا كبيرا جدا في طريقة الحرب الأمريكية علي الإرهاب, وذلك باللجوء إلي إستخدام نظام الطائرة بدون طيار في ملاحقة من تريد قتلهم من الإرهابيين. كان السبب في هذا الإنقلاب في أسلوب الحرب علي الإرهاب, التغيير الذي حدث في قيادات وزارة الدفاع وفي المخابرات المركزية الأمريكية والتي رأت أن تجربة الحرب في العراق وأفغانستان لم تؤت بنتائج سريعة, بالإضافة إلي أنها مكلفة ماليا, وهو ما جعلها تبدأ في اللجوء إلي أساليب مختلفة بدأت بالغارة التي تمت بها تصفية بن لادن في باكستان في مايو الماضي, ثم في إستخدام طائرات بدون طيار في القضاء علي العولقي في اليمن, وإن كان هناك مسئولون عسكريون في الولاياتالمتحدة يعترفون بأن إستخدام هذه الطائرات قد لا يصلح لكل حالة تمثل تهديدا للأمن القومي الأمريكي, وذلك لأنه من الممكن أن يكون الشخص المطلوب موجودا في منطقة سكنية داخل إحدي المدن وبالتالي فإن الهجوم عليه بإطلاق صواريخ من طائرة بدون طيار سوف يؤدي إلي خسائر أخري بين المدنيين وهو أمر غير مطلوب. وإعتبر الخبراء أن عملية قتل العولقي من أهم الضربات في تاريخ العمليات التي إستخدمت فيها طائرة بدون طيار. وقد تمت ملاحقة العولقي بعد مراقبة استمرت عدة أيام لتحركاته في منطقة إختبائه في جبال اليمن, إلي أن تم رصده وهو يدخل منطقة جبلية وأطلق عليه في الحال صاروخ من الطائرة فجرت السيارة التي كان يستقلها, وكان معه في السيارة سمير خان وهو مواطن أمريكي مثل العولقي وهو من العناصر المرتبطة بتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية, وكان ضمن قائمة المطلوبين لدي وكالة المخابرات المركزية الأمريكية التي إعتبرت أن قتله مع العولقي هدف مزدوج من أهم أهدافها. وتعتقد مصادر أمريكية غير رسمية أن السيارة كان بها إرهابي ثالث هو إبراهيم العسيري والمعروف بأنه من خبراء تنظيم القاعدة في صناعة القنابل, وكانت معلومات مؤكدة قد وصلت بأنه وراء محاولة تفجير طائرة في ديترويت عام2009, وأنه حاول أن يفجر سفينة أمريكية قرب سواحل شبه الجزيرة العربية في العام الماضي. ولذلك لم يتردد الرئيس الأمريكي أوباما في أن يصف هذه العملية بأنها ضربة قوية ضد القاعدة. وقد إعتبرت هذه العملية توجها جديدا من الولاياتالمتحدة في حربها علي الإرهاب بالإبتعاد عن إستخدام القوات في المواجهات المباشرة سواء عن طريق مقاتلة الإرهابيين بجنود أمريكيين أو بإستخدام الطائرات في غارات جوية علي مواقعهم وذلك بالتركيز علي معلومات المخابرات الأمريكية وملاحقة العناصر المطلوبة عن قرب عن طريق العملاء, ثم القيام بتصفية المطلوبين إما بالإغارة علي مواقعهم أو بيوتهم بإستخدام أقل عدد من الأفراد أو بقصفهم بالصواريخ عن طريق طائرات بدون طيار.