ولد جلين جوردن بولاية كاليفورنيا. وأصبح ناشطا في حركات الدراسات السود والأمريكان من أصل أفريقي في نهاية الستينات وبداية سبعينات القرن الماضي. درس بجامعة ستانفورد حيث كان باحث مساعد لبروفسيور سانت كلير دراك، الشخصية المفتاحية في تطور دراسات الشتات الأفريقي. ثم أكمل دراسته بجامعة إلينوي حيث عمل مع البروفيسور ستيورات هول، الذي اطلقت عليه مجلة The Observer البريطانية "واحد من رواد النظريات الثقافية في بريطانيا". انتقل جلين جوردن إلي كارديف بمقاطعة ويلز منذ عام 1987. ويعمل الآن كمحاضر للدراسات الثقافية والفوتوغرافيا بجامعة جلمورجان. ساهم في تأسيس مركز بيوتون للتاريخ والفن، وهو مركز يسمح للسكان المحليين من الجنسيات المختلفة بوصف وتقديم تاريخهم الخاص عن طريق التصوير الفوتوغرافي وحكي قصص حياتهم في كل من ويلز وايرلندا. بدأ المركز نشاطه عام 1988 وبحلول عام 2000 كان قد حصل علي عدة مئات من الساعات المسجلة كتاريخ شفهي للسكان المحليين، ونشر عدة كتب في المجالات الثقافية والسياسية والتعليمية. كما عقد عدة معارض في بريطانياوالولاياتالمتحدة والدول الأوربية لعرض الصور الفوتوغرافية المصاحبة لقصص من حياتهم. د.جلين كان في مصر الأسبوع الماضي وشارك في فعاليات مؤتمر قسم اللغة الانجليزية بكلية الاداب جامعة القاهرة حول المقاومة وعرض ورقة بالغة الأهمية عن "سجل المهمشين والمحبوسين عن الأنظار". في البداية حدثنا عن طفولتك؟ وُلدت عام 1952 وانتهت العبودية في الولاياتالمتحدةالأمريكية بإقرار الدستور الثالث عشر عام 1865. وهكذا وُلد جدودي في نهاية القرن التاسع عشر بعد إقرار الحرية ولكن هناك العديد من أفراد عائلتي كانوا بالطبع عبيد. أما أمي فإنها تنحدر من نسل الهنود الحُمر. رحلت جدتي قبل مولدي ولكن والدتها كانت لاتزال علي قيد الحياة، كانت هندية، مازلت أتذكرها. كانت قصيرة مائلة للبدانة ولديها شعر طويل أحمر. لقد كانت جميلة. في النهاية كانت عائلتي تعتبر من الأقليات في ولاية كاليفورنيا. قلت لجريدة الجارديان البريطانية: "لقد كافحنا كثيرا للحصول علي معلمين من السود، ولنمنع المعلمين من ذوي البشرة البيضاء من منادتنا بألقاب مثل نيجرو أو الأسود". بجانب إنك كنت ضمن الجيل الأسود الأول الذي استطاع أن يدرس بجامعة ستانفورد بولاية كاليفورنيا. كيف كانت تلك الفترة؟ وهل تعتبر بداية لدراساتك في شئون الشتات الأفريقي؟ لقد وُلدت كما ذكرت من قبل عام 1952 وهذا يعني إني أصبحت مراهقا في نهاية الستينيات وهو الوقت الذي ألتحقت فيه بالجامعة. وبالطبع كانت فترة مليئة بالحروب والجدالات المستمرة وانتشر الهيبز ودعاة السلام وحركات الدفاع عن السود والدراسات الأفريقية. وبالمصادفة كنت الشاب المراهق في وسط هذه الأحداث الهامة في الولاياتالمتحدة. فعندما كنت في الخامسة عشر من عمري، اندلعت حرب فيتنام، وكطفل في ذلك الحين، كنت ضد الإشتراك في هذه الحروب. وهكذا بدأت أفكر بشكل جدي أن أترك الولاياتالمتحدةالأمريكية. عندما ذهبت إلي جامعة ستانفورد عام 1970، كنت بالفعل جزء من أول جيل أسود استطاع أن يدرس بالجامعة. فبعد اغتيال مارتن لوثر كينج في أبريل عام 1968، قررت الجامعات الكبيرة مثل يال وهارفارد وستانفورد السماح للطلاب السود بالانضمام إليها كما لم يحدث من قبل. فقبل ذهابي للجامعة كان عدد الطلاب السود لا يتجاوز 30 طالب، ولكن في جيلي كان عددهم يتجاوز 500 طالب أسود، ولذلك فأنا اعتبر نفسي محظوظ وكنت من ضمن الجيل الذي شهد التغيير الحقيقي. في بداية دخولي إلي الجامعة، درست الكيمياء، أردت بشدة أن أصبح مهندس كيميائي. ولكن اتجهت اهتمامتي إلي دراسة التاريخ الأفريقي، ودراسة الأمريكان من أصل أفريقي. ولم أستطع التوقف بعدها. ولم أعود بالطبع لدراسة الكيمياء. كيف أثر العمل مع البروفيسور دراك والبروفيسور ستوارت هول علي أفكارك ومشاريعك؟ لقد قابلت سانت كلير دراك في بداية السبعينات وكنت مساعد له لمدة 5 سنوات، وهو من الشخصيات الفعالة في الدراسات الأفريقية بالولاياتالمتحدة في ذلك الوقت. وقد انتشرت هذه الدراسات حينها في الولاياتالمتحدة وأمريكا الجنوبية والكاريبي. وبالطبع جذبني هذا أكثر للتعمق في حركات الدفاع عن السود ودراسة الشتات الأفريقي. ثم جاء ستوارت هول بعد ذلك في بداية الثمانينات، كان يلقي سلسلة محاضرات في الدراسات الثقافية بجامعة إلينوي بالدروس الصيفية، واستمرت المحاضرات لمدة 6 أسابيع. ثم أصبح هو المشرف علي رسالة الدكتوراه الخاصة بي، ومن هنا أصبحنا أصدقاء مقربين. لم تتعلم التصوير الفوتوغرافي، ولكنك الآن مصور محترف. في رأيك كيف أفادتك دراستك للأنثربولوجي والسيكولوجي في هذه المجال؟ لم أدرس التصوير الفوتوغرافي بالفعل أبدا، ولكني أمضيت العديد من السنوات في قراءة الكتب والعمل مع مصورين. وتعلمت بنفسي كيفية التعامل مع آلات التصوير المحترفة. لم أتعلم استخدام آلات التصوير الخاصة بصناعة الأفلام، استخدم دائما الكاميرات الديجيتال وهي أسهل كثيرا. أما دراستي لمجالات علوم الإنسان وعلم النفس، فإن علوم الإنسان تهتم في المقام الأول بدراسة الثقافات الأخري وهذا بالطبع أثار اهتمامي ولكني لست مهتما بدراسة نفس الثقافة لسنوات عديدة، وهذا ما يقوم به الأنثروبولوجي عادة حتي تصبح خبير في ثقافة ما. أنا لا أريد أن أكون خبير ثقافي، بل أريد أن أدرس العديد من الثقافات والحوار معها والإنتقال بين ثقافات متعددة. هل هذا هو ما لفت نظرك تجاه ويلز؟ نعم بالطبع، فتعدد الأعراق في ويلز وفي كارديف بشكل خاص هو ما أبقاني بها واعطاني فكرة مركز بيوتون للتاريخ والفن. من مؤلفاتك كتابين أحداهما عن الشيوخ الصوماليين والآخر حول المجتمع اليهودي بويلز. بالكتابين العديد من الصور ذات الحجم الكبير لشخصيات تحكي تاريخها الشخصي أثناء اقامتها هناك. ظهرت تلك الشخصيات بأريحية شديدة أمام عدسات تصويرك. أخبرنا عن وسائلك في التصوير وكيف تجعلهم يبدو طبيعيين هكذا؟ أنا رجل أسود ومتقدم في العمر وأعيش في كارديف منذ ما يقرب من 20 عام، وربما جعلني هذا محل ثقة لكثير من أهل ويلز حتي الوافدين الجدد منهم. في البداية أجلس مع الشخص المراد تصويره لعدة دقائق ومعي الباحث الذي يسجل القصة، ثم أبدأ في إلتقاط العديد من الصور له أثناء الحديث وأنا جالس أمام الشخص مباشرة. وبذلك يظهروا في الصور بنظرات وابتسامات طبيعية. لقد ساهمت في إنشاء مركز بوتون للتاريخ والفن، هل يمكننا القول إنه امتداد لعمل بروفيسور دراك؟ لا أخذ الأمر بهذه المحمل، ولكنه نعم بطريقة ما. لقد ذهب البروفيسور دراك إلي ويلز عام 1947 وأجري بعض الدراسات علي عائلات البحارة الأفارقة، ولكن الأمر لم يكتمل. ثم ذهبت أنا إلي هناك ومشيت علي خطاه. وما كان يتطلب 20 عام، أخذ مني فقط عامين وهو إنشاء المركز والبدء في العمل به. هل فكرت في إنشاء مراكز أخري في دول مختلفة، خاصة بعد ثورات الربيع العربي؟ لا أعرف، ربما أفعل ذلك يوما ما. أعتقد أنه لابد أن يدعوني أحد. الأمر بالطبع سيكون صعبا. فأنا لا أعرف طبيعة المجتعات وقد يستغرق الأمر مني طويلا حتي أحققه. ولكني فكرت في السودان. لماذا السودان تحديدا؟ لدي العديد من الأصدقاء السودانيين الذين يعيشون في كادريف كلاجئين ومنهم من سافر لهولاندا وألمانيا. كما لدي زوجة ويلزية لصديق سوداني، تعمل معي في المركز، بحثت معها أمر إنشاء مركز آخر في دارفور لتسجيل وحفظ التاريخ الشخصي للسكان المحليين لهذا الأقليم. لقد ذهبت إلي معسكر لاجئيين بدارفور من قبل بصحبة آلات التصوير، وحاولت أن ألتقط العديد من الصور وأن أجري بعض الأحاديث لأسجل الحكايات. ولكني لم أستطع سوي إلتقاط القليل من الصور فقط لسوء الأوضاع هناك. وقلت لنفسي إذا عرفتهم بشكل أقرب واستطعت أن أبقي لعدة أسابيع فربما يمكنني التصوير ولكني لم أستطع حينها. لذلك اعتقد إن الأمر قد يستغرق الكثير من الوقت. ما رأيك إذا قام أحدهم بإنشاء مركز، يسير علي نفس نهج مركز بيوتون ومستخدما نفس أساليب العمل، في بلده؟ لا يوجد مشكلة أن يتعاون معنا أحد من بلد آخر وأعتقد إننا سندعم هذا، ولكن لابد ان أعرفه جيدا وأثق به أو بها.