كلنا نعلم بداية الاحتلال الإنجليزي لمصر في 11 يونيو 1882، وكيف حاول "عرابي" فى معركة "التل الكبير" إلى التصدى للاحتلال، ومنعه من دخول مصر، لكن هناك واقعة كانت قبل كل هذا، بطلها "عجان" مصري فى مشاجرة مع "مالطي" من رعايا الإنجليز بسبب حمار، فى محافظة الإسكندرية، تلك الواقعة البسيطة التى حدثت صنفها الكثير على أنها كانت الأساس للاحتلال، أو ربما كانت سببًا مزعومًا، لكن النية من الاحتلال لا تخفى على الجميع. فى السطور التالية نعيد عليكم قصة المشاجرة التى حدثت بسبب حمار بين "المالطي" و"العجان"، والتى انتهت باحتلال مصر. الحكاية بدأت صباح يوم 11 يونيه من العام 1882، عندما استأجر "المالطي" الحمار الخاص بأحد أبناء الأسكندرية يدعى "السيد العجان"، وطاف به من صبيحة النهارمتنقلا من مقهى إلى آخر، وانتهى طوافه إلى "خمارة" قريبة من مقهى "القزاز" بالقرب من مخفر اللبان بآخر شارع "السبع بنات"، وبعدما عاد وسلم "العجان" حماره، طالبه " بأجره أكبر، لكن "المالطي" لم يدفع له إلا قرش صاغ واحد فقط، فرفض "العجان" أن يأخذ الأجر بسبب أنه أقل بكثير من ثمن الأجرة المستحقة، وهنا بدأت المشاجرة بين الاثنين انتهت بأن صوب "المالطي" نحو "العجان" عدة طعنات دامية بسكين ومات على أثرها. على الفور بدأ الخبر ينتشر فى أرجاء المنطقة كلها، ووصل إلى رفقاء القتيل وعائلته، فهرعوا على الفور للإمساك بالقاتل،حتى يثأروا للقتيل، ولكن "المالطي" فر إلى أحد المنازل المجاورة واختبئ بها، هل وقف الأمر عند هذا الحد، بالطبع لا، ثار "المالطيون واليونانيون" الموجودين فى المنطقة على المصريين، وأطلقوا النيران بشكل عشوائي على الحضور مما سقط قتلى ومصابين، هذا أثار غضب الأهالى أكثر وأكثر، وتحركوا بالعصي نحو الأوربين وبدأو فى ضربهم، وعلا الصراخ في كل مكان، واشتدت المشاجرة على آخرها. حتى يستطيع أن يسيطر على المشاجرة أرسل قسم "اللبان" إلى المستر "كوكسن" القنصل الإنجليزي، لإبلاغة بضرورة إيفاد أحد موظفى القنصلية ليخرج "المالطي" من المنزل المخبتئ فيه، ويحاول السيطرة على مجريات المشاجرة التى حدثت، وعندما ذهب "كوكسن" بالفعل إلى مكان الحادث هرع إليه الأهالى والغاضبين وضربوه بالعصيوأصابوه بجروح بالغة، بالإضافة إلى إصابة قنصل اليونان الموجود معه وقنصل إيطاليا، واستمرت حدة المشاجرة حتى الساعة الخامسة، واستطاع الجنود أن يفرقوا المتجمهرين والقضاء على المشاجرة، وساد صمت فى المكان بعد معركة دموية أسفرت عن مقتل 49 شخصا منهم 38 أجنبيًا، والباقين مصريين من الإسكندرية. يحكي المؤرخ "عبد الرحمن الرافعي" فى كتابه، "الزعيم الثائر أحمد عرابى" قائلاً: " تلك المعركة كانت نذير للعرابين بأن مصر قادمة على خطر كبير، وأن القنصل اتخذ تلك المذبحة ذريعة لمخاطبة ولاة الأمور بالقاهرة بحماية الأجانب فى مصر، وأنهم يتعرضون للقتل من المصريين، وتناقل الأجانب فى مصر بأن هناك حربًا قادمة لا محالة، حتى أن وقعت عملية نزوح جماعية وصلت إلى ترحيل أكثر من 10 آلاف مهاجر من مختلف الجنسيات صباح اليوم الثاني للمذبحة فقط، واستمرت حتى بلغ عدد الراحلين أكثر من 32 ألفاً بعد أسبوع فقط من المذبحة، وهذا ما حدث بالفعل بعد مرور شهر من يوم المذبحة، بدأ الاحتلال الإنجليزى على مصر".