بسمة النسور ود. إيناس عبد الدايم وإيهاب بسيسو يحسب لهيئة الكتاب أنها استفادت من هذا الحدث بشكل واع، عندما وضعت في اللافتة الرئيسية وعلي الجانب الأيسر شعار »50 عاما.. اليوبيل الذهبي»، وهو ما يعد إيذانا بالإعلان عن الحدث الكبير المنتظر في يناير القادم، وأقصد الدورة الخمسين لمعرض القاهرة الدولي للكتاب. هذه المرة جاءت المشاركة المصرية في الدورة ال 18 في معرض عمان الدولي للكتاب، بشكل متميز، ويتناسب مع اختيارها ضيف شرف هذا المعرض، فمنذ اللحظة الأولي التي تدخل فيها إلي القاعة المخصصة للأنشطة والفعاليات وعروض الكتب، يجذبك الجناح المصري الذي يقع أمام المدخل الرئيسي، مما يسترعي الانتباه علي الفور، وقد حملت اللافتة الرئيسية عنوان »جمهورية مصر العربية.. ضيف الشرف» وتم تصميم الجناح بشكل متميز وأنيق، يتناسب مع قيمة ومعني هذا الاختيار، ويحسب لهيئة الكتاب أنها استفادت من هذا الحدث بشكل واع، عندما وضعت في اللافتة الرئيسية وعلي الجانب الأيسر شعار »50 عاما.. اليوبيل الذهبي»، وهو ما يعد إيذانا بالإعلان عن الحدث الكبير المنتظر في يناير القادم، وأقصد الدورة الخمسين لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، وقد تم توزيع كتاب تذكاري يتضمن معلومات رئيسية عن تطور المعرض ودوراته ال 49 السابقة ( وإن كان يحتاج لتدقيق وتحديث لبعض ما ورد فيه)، وحمل هذا الكتاب عنوان »خمسون عاما من الثقافة»، ووزع معه c .d ، كما وضع علي الكتب الجديدة من إصدارات الهيئة شعار اليوبيل الذهبي، وما ذكرته يعد ترويجا واعيا لمعرض القاهرة في هذه الدورة الهامة، وقد انعكس الإحساس بالسعادة من مستوي الجناح علي أفراد الوفد الرسمي، الذين كانوا محط أنظار رواد المعرض والمثقفين الأردنيين والعرب، وظهر ذلك واضحا في مستوي الحفاوة التي قوبلوا بها منذ مشهد الافتتاح. يحسب – أيضا – لهيئة الكتاب، عناوين البرنامج الثقافي الذي تم وضعه، من ذلك ندوة »الذاكرة الثقافية وبناء الهوية» د. هشام عزمي، د. سعيد المصري، إدارة د. هند أبو الشعر، والندوة التي خصصت لمناقشة كتاب »يوما أو بعض يوم» لمحمد سلماوي، وحملت عنوان »يوما أو بعض يوم.. ومعضلات أدب السيرة العربية» وشارك فيها سعود قبيلات ، د. هدي فاخوري، وأدار النقاش جعفر العقيلي، وقد أشاد المتحدثان بطريقة كتابة هذه السيرة، لما تتميز به من الصدق واعتبروها من السير العربية القليلة، التي ينطبق عليها مفهوم السير الذاتية، ومن جانبه أكد سلماوي أنه لم يقصد التأريخ في المطلق إلا في الأحداث التي شارك فيها، موضحا ذلك أنه علي سبيل المثال لم يتعرض لتقييم للفترة الساداتية، إنما تحدث فقط عن فترة اعتقاله التي تمت في هذه المرحلة، وأنه سعي إلي توثيق ما ذكره من خلال مختلف أنواع التوثيق، سواء قصاصات صحف أو خطابات أو صور من أرشيفه الخاص وأرشيف عائلته. وأكد سلماوي ل »أخبار الأدب» أنه ماض في كتابة الجزء الثاني من السيرة، وأنه الآن يكاد يكون اقترب من المنتصف، نافيا إمكانية أن يطبع الجزء الثاني في معرض الكتاب 2019، مبينا أنه سينتهي منها في 2020. كما قامت د. رشا سمير بتوقيع مجموعة من أعمالها، فضلا عن مشاركتها في ندوة »الرواية التاريخية بين واقع الحدث وخيال المؤلف». والحقيقة أنه من الممكن أن نلخص المشاركة المصرية في هذا المعرض بوجه عام، وكذلك المعرض بفعالياته بشكل خاص في عدد من المشاهد. المشهد الأول:كلمات حماسية في الافتتاح بالتأكيد كان لاختيار »القدس عاصمة فلسطين» شعارا للمعرض انعكاساته علي كلمات الوزراء في حفل افتتاح المعرض، وهو ما تجلي تحديدا في كلمات وزير الثقافة الفلسطيني إيهاب بسيسو، الذي أشار إلي أن اختيار القدس شعارا للمعرض، يؤكد أنها حاضرة في الفعل الثقافي العربي، وهو ما يعني بالنسبة لنا في فلسطين أن المشروع الاستعماري القائم علي وطننا يفشل كل يوم، أمام إرادة حقيقية تواجه سياسة الاحتلال بالإصرار علي عروبة القدس وعراقتها، مشيرا إلي أن حضور فلسطين علي خارطة الفعاليات الثقافية يسلح أبناءها دوما بالأمل رغم الأسلاك الشائكة والحصار المستمر الذي يحاول شطب الهوية العربية من أرض فلسطين، ومن جانبها أشارت بسمة النسور وزيرة الثقافة الأردنية إلي أن القراءة والكتابة هي غذاء يومي للروح، يسهم في محاربة الإرهاب والأفكار الظلامية، بينما أوضح د. هيثم الحاج علي رئيس هيئة الكتاب في كلمته في حضور د. إيناس عبد الدايم وزيرة الثقافة، أنها وجهت بتوفير كل الدعم للمشاركة في هذه الدورة، بما يليق باسم ومكانة مصر والأردن معا، وتكون أيضا نقطة انطلاق جديدة في العلاقات الثقافية والتاريخية بين البلدين، المتمثلة في خط الدفاع الأول عن الهوية العربية. المشهد الثاني:شخصية المعرض.. ضيف شرف مصر اختارت إدارة معرض عمان الدولي للكتاب الروائية الأردنية سميحة خريس لتكون الشخصية الثقافية للمعرض في هذه الدورة، باعتبارها أحد أبرز الكتاب الأردنيين، ولها سجل حافل من الإبداعات المتميزة، وقد تم تكريمها في حفل الافتتاح، كما شاهد الحضور فيلما تسجيليا عن رحلتها ومشوارها الإنساني والإبداعي، راصدا المحطات الرئيسية لتجربتها المثمرة. وكان لافتا للنظر أن تبدأ أنشطتها في المعرض من الجناح المصري، الذي اقام لها حفل توقيع لروايتها الصادرة عن هيئة الكتاب بعنوان »فستق عبيد» وقد حرص الوفد المصري علي الحصول علي توقيعها، وبالفعل وقعت للدكتور جابر عصفور، محمد سلماوي، د. سعيد المصري، د. هشام عزمي، وقد أقيم حفل التوقيع مصاحبا لعزف علي العود وغناء للفنان كرم مراد، الذي دخل في حوارات جانبية مع د. جابر عصفور عن تاريخ الأغنيات التي غناها ومدلولاتها المختلفة. سميحة خريس سبق أن نالت جوائز عديدة، قبل هذا التكريم أبرزها: جائزة الدولة التشجيعية في الأردن عن روايتها »شجرة الفهود» 1997، جائزة أبو القاسم الشابي عن روايتها »دفاتر الطوفان» 2004، جائزة الإبداع الأدبي من مؤسسة الفكر العربي عن مجمل إنجازها 2008، جائزة الدولة التقديرية الأردنية 2016، جائزة كتارا للرواية العربية 2017، كما منحت وسام الإبداع الثقافي من الملك عبد الله الثاني ابن الحسين 2016. وقد جاء حفل التوقيع في الجناح المصري، قبل أيام من ندوتها التكريمية في قاعة النشاط في المعرض، حيث ألقي ثلاثة من النقاد الأردنيين الضوء علي مجمل مسيرتها وما تتميز به تجربتها الإبداعية، وهؤلاء النقاد هم: د. سمير قطامي، د.أماني سليمان، د. حكمت النوايسة، وأدار الندوة مخلد بركات. المشهد الثالث:د. جابر عصفور يعيد إحياء معركة» أخبار الأدب» بعد ما يقرب من عشرين عاما، علي المعركة النقدية التي شهدتها صفحات »أخبار الأدب»، وتحديدا في 1998، أعاد د. جابر عصفور إحياءها مرة أخري، عندما قام بنشر وقائع هذه المعركة كاملة، متضمنة مقالاته وكذلك مقالات الناقد الكبير الراحل عبد العزيز حمودة، والتعليقات التي جاءت من قبل نقاد مصريين وعرب، وقد تم جمع هذه المعركة في كتاب صدر حديثا عن هيئة الكتاب بعنوان »معركة الحداثة» ، وبذات العنوان أقيمت ندوة في المعرض بحضور مؤلف الكتاب، ود. محمد شاهين الذي سبق أن شارك بمقال في هذه المعركة النقدية، وأدارها د. زهير توفيق. وكما اعترف د. جابر في مقدمة الكتاب بما أسماه »العنف اللفظي» اعترف به أيضا في هذه الندوة: »والحق أنني أعترف بما في المساجلات التي نشرتها جريدة »أخبار الأدب» من عنف لفظي متبادل من جانبي وعبد العزيز حمودة، ويبدو أن هذا العنف كان بسبب عوامل ارتبطت برد الفعل العنيف الذي تركه كتاب حمودة في داخلي، فقد صدر الكتاب عن سلسلة »عالم المعرفة» الكويتية في إبريل 1998، وقد قرأت الكتاب فور صدوره وساءني إلي حد بعيد ما قرأت فيه من تهجم ظالم علي الحداثة والبنيوية والتفكيك معا، وفوجئت أو فجعت بما فيه من لمز وغمز لا يليق بالإنجاز الفكري لزميلنا المرحوم نصر حامد أبو زيد الذي كان في ذلك الوقت يعيش في منفاه القسري أستاذا للدراسات الإسلامية في أرفع الجامعات الهولندية، بعيدا عن كل الذين لم يتوقفوا عن اتهامه بالكفر ولم يردعهم رادع عن ذلك». وفي شرحه لأسبابه لخوض هذه المعارك غير ما سبق ذكره، أشار إلي أنه ورث من أساتذته الكبار أنه لا تهاون مع العوار المنهجي، وهو ما شعر به عند قراءته لكتاب حمودة »شعرت بدرجة غير عادية من الغضب علي العوار المنهجي وغير المنهجي الذي امتلأ به كتاب صديقي عبد العزيز حمودة، فالكتاب لم يكن يرمي الحداثيين العرب بالباطل فحسب، فقد ضم إلي ذلك الجمع بين العاطل والباطل بهدف السخرية ممن يسميهم » نخبة النخبة من الحداثيين العرب». ومن جانبه أشار د. محمد شاهين في مداخلته إلي ورقته التي حملت عنوان »لعبة المرايا المحدبة» وبدا من هذه الورقة أنه لا يميل إلي رؤية د. حمودة، مؤكدا أن القارئ كان بحاجة إلي أن يبسط له د. حمودة أمر النظرية والنظرية الأدبية، أمر المنظرين والنقاد الأدبيين، باختصار هناك نظرية وهناك أدب، مثلا شتراوس، وألتوسير وديريدا وريكور وجوليا كرستيفا والقائمة طويلة طبعا، هؤلاء منظرون يقوم بنقل نظريتهم نقاد أدب أمثال: إيجلتون، وإدوارد سعيد، فرانك كمود، هيت، مكيب، والقائمة أطول، وإذا كان هذا انتقاده للدكتور حمودة، فإنه علي العكس يري أن النظرية التي أدخلت البنيوية وما بعدها في رحابها، أمر معقد يمر عبر الموهبة الفردية للناقد من أجل أن يصبح مفهوما أو مقبولا علي الأقل، هذا ما فعله جابر عصفور، وإن كان أيضا يسجل رغبته في أنه كان يتمني أن تدور المساجلات بهدوء ودونما قصف متبادل، وقد أدار هذه الندوة د. زهير توفيق. المشهد الرابع: المدارس الأردنية في الجناح المصري كان اختيارا ذكيا وموفقا، أن تتضمن فعاليات المشاركة، فنونا مصرية تستطيع أن تجذب الجمهور، وقد كان هذا واضحا من الاستقبال غير الطبيعي للأطفال من المدارس الأردنية أثناء حضورهم المعرض، لكاتبة الأطفال المتميزة سماح أبو بكر، التي حققت للجناح المصري نسبة حضور غير طبيعية، عندما التف حولها الأطفال، وهي تحكي لهم قصة الأرنب والثعلب، واستطاعت بأسلوبها السلس وبساطتها، أن تحدث تفاعلا بينها وبينهم، لدرجة أنهم اصبحوا يناودنها ب »خالتو سماح» لما شعروا به من قربها من قلوبهم. وسماح أبو بكر عزت من الكتاب المتميزين في الكتابة للطفل، بما تملكه من موهبة، وقدرة فائقة علي جمع المعلومات وطرحها بشكل بسيط ومعمق في ذات الوقت. كما كان – أيضا – صوت الفنان المتميز كرم النوبي واحداً من الأسباب التي جذبت رواد المعرض للجناح، وقد تفاعلوا مع أغنياته، وطلبوا منه ترديد أغنيات بعينها، كما شاركونا في حفل عيد ميلاده، الذي تزامن مع فعاليات المعرض، وكذلك مع عيد ميلاد د. هشام عزمي رئيس دار الكتب والوثائق القومية، وقد قامت نانسي سمير ورشا الفقي، اللتان بذلتا مجهودا كبيرا يحسب لهما في هذا المعرض، بإعداد حفل عيد الميلاد في سرية تامة، ولم يعرف كلا المحتفي بهما، بأن الجناح المصري يجهز لعيد ميلادهما، الذي حضره الوفد المصري وإسلام بيومي مدير عام المعارض بهيئة الكتاب، والذي بدأت بصماته الإيجابية تظهر بوضوح في هذا المعرض. ومن ضمن برنامج الفنون التي أقيمت في الجناح المصري، عروض الأراجوز التي لاقت استحسانا وإقبالا من الكبار والصغار، وقدم هذه العروض الفنان القدير علي أبو زيد، والفنان مصطفي عثمان. المشهد الخامس:تونس ضيف شرف الدورة القادمة يعد معرض عمان للكتاب، المعرض العربي الوحيد الذي ينظمه اتحاد الناشرين وليس وزارة الثقافة، التي تتعاون بالتأكيد مع الاتحاد، وبالتالي يتولي الاتحاد كافة الترتيبات للمعرض، الذي يخطو خطوات للأمام مع كل دورة، وهو ما أكد عليه فتحي البس رئيس اتحاد الناشرين الأردنيين، موضحا أن هذه الدورة تعد ثمرة التعاون بين الاتحاد ووزارة الثقافة وأمانة عمان ووزارة التربية والتعليم، مشيراً إلي أن مشاركة مصر كضيف شرف تضيف الكثير من التميز لهذه الدورة بمؤلفيها وكتابها، وتدعم تكريس التعاون وتعميق الخبرة وتبادل المشترك بين البلدين. الجدير بالذكر أن 18 دولة عربية وأجنبية تشارك في المعرض، ويمثل هذه الدول ما يقرب من 350 ناشرا، وقد وقع الاختيار علي تونس لتكون ضيف شرف الدورة الرابعة. وكانت فلسطين هي ضيف شرف الدورة الأولي منذ ثلاث سنوات، ثم الإمارات، وفي هذه الدورة مصر.