أحب المصريون الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الذي تحتفل دولة الإمارات الشقيقة بمئويته، لأسباب كثيرة أهمها: أولاً: لم يتأخر عن مساعدة مصر في مختلف المواقف الصعبة، ورسخ خصوصية العلاقات بين البلدين، وكان داعماً ومؤيداً واتسمت مواقفه بالشهامة والنبل، وكان "الشقيق وقت الضيق"، دون ضجة إعلامية، في وقت تخلت فيه دول كثيرة عن مصر، بل وسعت بعضها إلي الإضرار بها. ثانياً: المشروعات الكبيرة التي تحمل اسم المغفور له، حفرت اسمه في قلوب المصريين، كان رحمه الله محباً للتعمير والبناء والخضرة والنماء، فتبرع لتشييد بعض القري والمدن واستصلاح الأراضي الزراعية، وحملت كثير منها اسمه تخليداً لذكراه. ثالثاً: رفض الراحل العظيم قطع العلاقات مع مصر، أو فرض العزلة عليها في سنوات القطيعة العربية، ولا ننسي أبداً عبارته التاريخية عن قطع العلاقات مع مصر "لم نعزل مصر، ولكننا عزلنا أنفسنا".. والشعوب الأصيلة لا تنسي أبداً من يقف بجوارها في أوقات الشدة. رابعاً: الشعب الإماراتي الطيب محب لمصر والمصريين، ولم تحدث إساءة لأي مصري يعمل في بلادهم، شعب متواضع ولا يتعامل بتعال مع العمالة الوافدة، ويعطي كل صاحب حق حقه، فيشعر بأنه في بلده وبين أهله. المصالحة الكبري الشيخ خليفة بن زايد رئيس دولة الإمارات، لا يختلف أبداً عن والده، وأكمل مسيرة الخير والعطاء في مجري العلاقات بين البلدين، ولم يتحدث عن مصر إلا بعبارات المديح والثناء، وتجلت مواقفه التاريخية، عندما زار جبهة القتال، قبل حرب أكتوبر المجيدة بعام واحد، وأصدر بياناً رائعاً قال فيه إن مصر ليست وحدها في المعركة، وأن يوم النصر قريب مهما عظمت التضحيات. الشيخ خليفة جاء إلي مصر في أوج القطيعة العربية عام 1977، حاملاً الدعم والتأييد والمساندة، مشيداً بالدور البطولي للجيش المصري، والصمود الرائع للشعب المصري، وتأييد مصر في التوصل إلي سلام مشرف وعادل، بعد استعادة الكرامة العربية. لعبت الإمارات دوراً رئيسياً في عودة مصر إلي العرب والعرب إلي مصر، ولم تهدأ حركته بين العواصم العربية، لتنقية الأجواء، وتهيئة المسرح للمصالحة الكبري، وتأكيده أنه لا يمكن أن يكون هناك عمل عربي ناجح دون أن تشارك مصر في صياغته وتنفيذه. ولم يترك الشيخ خليفة فرصة، إلا وأكد فيها المعاني النبيلة التي تربط بين البلدين والشعبين.. فكان امتداداً أصيلاً لوالده، محباً لمصر وداعماً لها ومسانداً لمواقفها. لقاء الأصدقاء وفي السنوات الأخيرة، زار الرئيس عبد الفتاح السيسي دولة الإمارات 6 مرات، وتربطه بحكامها علاقات أخوية متينة ويلقي ترحيباً كبيراً من الشيخ خليفة، والشيخ محمد بن راشد نائب رئيس دولة الإمارات ورئيس الوزراء وحاكم دبي، والشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبو ظبي، وكانت أبرز التعليقات في وسائل الإعلام بالدولتين: "الصحبة الجميلة.. تحيا مصر والإمارات"، "لقاء الأصدقاء"، "الإمارات منورة". طوبة فوق طوبة يتم تشييدها في جدار العلاقات المتينة بين البلدين، بما يحقق مصالحهما المشتركة، وتجسيد نموذج خلاق للتعاون الاستراتيجي البناء بين الدول العربية.. فأمن الخليج جزء من الأمن القومي المصري، وتتحد رؤي الدولتين حول تعزيز مسيرة العمل العربي المشترك، والتصدي بحزم لظاهرة الإرهاب والفكر المتطرف، والحرص علي الحفاظ علي وحدة الدول العربية وحماية مقدرات شعوبها. الصداقة تشبه النهر في العذوبة والنقاء والتدفق، وهكذا علاقة مصر ودولة الإمارات، التي تحتفل بمئوية الشيخ زايد، الذي يحبه المصريون كثيراً.