أنا أيضًا طفلة يا عالية أنا أيضا أود أن تفتح أمي ذراعيها لأبكي بداخلهما، تلكما الذراعان اليابستان من شح العناق كما أرغب في قذف ألعابي وتكسيرها عند الغضب أتمني تهشيم رأسي لقطع صغيرة لأنثرها كعصافير الجنة من الشرفة وأتوق كذلك، بشدة، لكسر القوانين والقواعد وأن أضرب بكلام أحدهم عرض الحائط وطولها وارتفاعها كذلك إن أمكن لكني لن أفعل يا عالية لأن أمي لم تعد تريد أطفالاً أنا أيضًا طفلة يا عالية أقضي الكثير من الوقت في اللعب بالماء وفقاعات الصابون وراء باب المرحاض ألطخ ملابسي ببقع بنية ثقيلة ولكني أخفيها في صندوق الغسيل، ذلك الصندوق الممدد علي قلبي كوحش صغير يزمجر كلما تنفست أنا أيضا طفلة عنيدة، أصرخ في وجهك ثم أنظر للسقف لأشحذ بعض العون من رماله أو حديده أو حتي من السماء لست بمفردك تتخبطين في تلك المرحلة الحرجة؛ فأنا في مرحلة أكثر حرجًا، أختبئ منك في الدواليب، أبكي، لأني كففت عن ممارسة طفولتي، ممنوعة من البكاء أمامك ومن شد خصلات شعري العجوز من الجذور، لعله يذكرني بشيبتي، ويهدئ نوبات غضبك حين تعقدينه بخرزاتك الملونة حول عنقك المرمري الجميل أنا أيضًا طفلة، يا عالية، أوسخ الجدران بالألوان في أحلامي ولا أكترث أصادق شخصيات وهمية وأتحدث معها بينما أنفث دخان سيجارة خفية أمام نافذة المطبخ الكئيبة أبحث عن شقة يطل شباك مطبخها علي حديقة، حتي أكف عن التذمر وأنا أغسل أطباقك الصغيرة. وأقول ها أنا أنظف الصحون وأري الجنينة في آن واحد، يا لها من حياة أرتدي حذائي بدون جورب وأبكي أصابع قدمي المحتقنة في الليل لا أرتب كلماتي ولا سريري ولا أزيل التراب من فوق الأرفف ولا أعرف أين وضعت روايتي المفضلة فلطفًا، يا عالية، لطفًا بطفلة مازالت تهوي العبث بالمصاعد ومطاردة الذباب في قيلولته فوق أحبال الغسيل لكنها لم تعد تفعل حتي لا تقتفي آثارها لطفًا، فحافة الجنون لناظرها قريبة.