استضافت مدينة برشلونة الأسبانية فعاليات الدورة الثالثة من المؤتمر العالمي لدراسات الشرق الأوسط (WOCMES )، والذي شارك فيه حوالي 2600 باحث من 72 دولة جمعيهم متخصصون في الشأن الثقافي لمنطقة الشرق الأوسط. يقام مؤتمر دراسات الشرق الأوسط كل أربع سنوات حيث أقيمت الدورة الأولي عام 2002 بألمانيا، وأقيمت الدورة الثانية في العاصمة الأردنية عمان. ويأتي اختيار مدينة برشلونة لاستضافة فعاليات دورة هذا العام نتيجة للعلاقات العربية الكاتالونوية الثقافية الموغلة في القدم. حيث تم دعم المؤتمر من خلال المعهد الأوربي لدراسات المتوسط الذي أسسته الحكومة الكاتالونية، وأقيم تحت رعاية وزارة الخارجية الأسبانية والمجلس المحلي لمدينة برشلونة. يهدف مؤتمر دراسات الشرق الأوسط إلي تدعيم التبادل المعرفي بين طلاب الدراسات الشرق الأوسطية، أما الهدف الآخر والذي أوضحه جوزيف لويس رئيس حكومة كاتالونيا فهو أن يلعب المؤتمر دوراً حقيقياً في تفعيل اتفاقيات الشراكة المتوسطية، والاتحاد من أجل المتوسط. الأمر الذي أدي إلي طغيان المواضيع السياسية والدينية علي معظم النقاشات التي جرت خلال المؤتمر، مع غياب النقاشات المعمقة حول الفن والأدب المعاصر في المنطقة. توزعت فعاليات المؤتمر علي مدار 500 جلسة بحثية، بواقع ثلاثين جلسة كل ساعتين، ويشارك في كل جلسة 18 باحثاً. إلي جانب البرنامج الثقافي والفني المصاحب للفعاليات الثقافية والذي ضم عدداً من المعارض الفنية، معرضاً للكتاب، عروض للرقص المعاصر، إلي جانب عرض ثلاثين فيلماً عربياً أبرزها فيلم "عيد ميلاد ليلي" للمخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي، و"بصرة" للمصري أحمد رشوان. كما أحيت المغنية الجزائرية نيلي بينبي حفلاً موسيقياً بمصاحبة أوركسترا برشلونة للموسيقي العربية. وعلي هامش المؤتمر تسلم د. روجر أوين الأستاذ بجامعة هارفرد جائزة المؤتمر تقديراً لدوره الرائد في مجال دراسات التاريخ العربي والمصري. ركزت معظم الدراسات المقدّمة خلال المؤتمر علي وضع المجتمع المدني في الدول العربية، الإعلام الجديد، المدونات، والدور الذي تلعبه الشبكات الاجتماعية علي الانترنت مثل الفيسبوك وغيرها في تفعيل العمل السياسي خصوصاً في مصر وفلسطين ومن أبرز الدراسات التي تم تقديمها في هذا المجال دراسة د.هدي الصدة عن صحافة المدونات، كما قدمت الباحثة الإيطالية بريدجت جونز دراسة عن الخطاب النسوي المعاصر في مصر من خلال كتاب غادة عبد العال "عايزه اتجوز". كما شارك د.جينارو جيرفاسيو من جامعة سيدني باستراليا ببحث عن الدور الذي تلعبه منظمات المجتمع المدني في الحركة السياسية المعاصرة، خصوصاً بعد ظهور البرادعي، كما شارك د.جاري بلانت بدراسة حول ما أسماه بالإسلام الالكتروني والذي يتجلي في ظهور بعض التطبيقات ذات البعد الديني والإسلامي علي عدد من الأجهزة الحديثة كالبلاك باري، والآي فون. ومن جامعة كوبنهاجن شارك د.إيهاب جلال ببحث حول تقنيات الإلقاء التلفزيوني قارن فيها بين أداء الشيخ يوسف القرضاوي وعمرو خالد. احتلت السينما حيزاً كبيراً من الدراسات التي تم تقديمها خلال المؤتمر، وبعضها تناول السينما الواقعية من خلال أعمال محفوظ السينمائية، الدور السينمائي لتحية كاريوكا، إلي جانب دراسة عن فيلم "طباخ الريس" كنموذج للكوميديا السينمائية. لكن الملاحظ أن معظم الدراسات التي قدمت في هذا المجال حملت خطاباً استشراقياً أسقط الخطاب التحليلي مع تلك المنتجات بصفتها فنية مفضلاً التعامل معها بصفتها خطابات اجتماعية معرفية. عدد الباحثين الكبير إلي جانب الجلسات المكثفة التي شهدتها فعاليات المهرجان كان له أثر سلبي علي المؤتمر فالوقت الصارم والمحدد للجلسات حال في معظم الوقت دون تطور الجلسات البحثية إلي نقاشات معمقة حول الدراسات المقدمة، كما أجبر الباحثين معظم الوقت علي الاختيار من بين ثلاثين جلسة تقام في نفس التوقيت، الأمر الذي جعل الكثير من الباحثين الشباب ينصرفون عن جلسات المؤتمر الرسمية ويفضلون استكمال مناقشتهم علي شواطئ برشلونة.